نصوص أدبية

موفق ساوا: أنتِ مولاتي

mowafak sawaونقرعُ معاً أجراسَ الحنين

للنشيد الآتي ....

 


 

أنتِ مولاتي / موفق ساوا

 

منذُ إطلاق صرخـَتي الأولى

هَجـَمـَتْ مَصابيحُ  طيورِكِ مولاتي

على مُـدني النائمة في دُجَى الطرقاتِ

فَـَشـَبَّ ضوؤُكِ في جسدِ الظـُلماتِ

تـَرَهْـبـَـَنـْتُ في محرابـِكِ

كي لا  أتدحرجُ يوماً نحو الوادي

فما زلت أغوصُ فِي بَحْرِكِ الْهَادي

مَا بَرحتُ أَشَرَبُ مَنْ يَنْبُوعِكِ الصَّافِي

فما إرتويتُ حتى غـزا الشيبُ رأسي

عشقتُ شموخَ قامَـتِكِ

قـَبَــلـّتُ جبينـَكِ العالي

فدبَّ الهوى في فؤادي

وبقيَ قلبي يرقصُ بين أضلاعي

في صومعـتي ...

في مهجري ... الآن

أُشاهدُ شريطَ  ذكرياتي

وأنا ما زلتُ أتلو مزاميرَ

أسطورةِ مأساتكِ ... مأساتي

وَأَحْـفـُرُ فِي صُخـُـور كـَهْـف الزَّمَانِ

حكاياتِـكِ ... حكاياتي

ونقرعُ معاً أجراسَ الحنين

للنشيد الآتي ....

إعزفي يا مولاتي

بمزمارِكِ لتُشفي دائي

دقي أجراسَ معبدِكِ

لتوقظي النائمينَ من غـَفـْـلـَـتِـهم

أَعَـزْفِي عَلَى قِيثَارَتِـكِ وَاعْلِني

إنّ العصافيرَ وإنْ هـَجـَرَتْ

تعودُ يوماً ....

لتمزّقَ ثيابَ الليلِ البالي

كيفَ ابدأُ..؟!

وَمِـنْ أين ...

وكيفَ ابوحُ لكِ مولاتي!!

أمنذُ أنْ قـَطـَّرتِ ماءَ الحياةِ

في دمائي...؟؟!!.

كلما أُحاولُ أنْ أبدأ ...

لأُسَجـِّلَ كلَّ شقائي وعذاباتي

تتساقطُ أمطارُكِ لتجرُفَ فايروساتي.

كنتُ دوماً أراكِ مولاتي

مـُدنـًا بلا دخانِ

وواحــًة للعشاقِ ...

حروفُكِ .. ألوانُكِ .. إسمُكِ

باتـَت راياتي

ترفرفُ فوقَ رابيتي

جِـئتِ  مولاتي

شُعاعـاً وينبوعا

ففتحتِ بجيوشكِ قلاعي

فاسْـتـَسْـلـَمـَتْ طربـًا لكِ مولاتي

كـُلُّ مُدُن آهاتي ...

فنذرتُ لكِ جميعَ ممالكي

فُضـْتِ كما يُفيضُ البحـرُ

على صحرائي

حطمْتِ جدراني

سَـبـَّحـْتُ بإسمـِـكِ

فـَصـَفـَّـقـَتْ لكِ تبجيلاً

فاكهةُ بُستاني

عشـقـتـُكِ طفلاً ... مولاتي

وما زلتُ .....

بَعْدَ أنْ غَزَا الْغُرَابُ الأسْوَدُّ بـِلاديْ

عشـقـتـُكِ مولاتي

فمن يعـشَـقــُكِ

لا يعرف الموتَ طريقــاً

لقامتـِكِ الشامخةِ ... وقاماتي

مِنَ أين أَبَدَأ مولاتي

مِنْ أيَّةِ مصَادِر بَاتـَتْ اقتباساتي

أمِنْ كتبٍ ممزقةٍ يقطرُ منها الدمُ القاني

أم مِنْ أوراقٍ محروقةٍ في فصولِ الدخانِ

كيف أبدأ كلماتي

لأنقشَ لكِ حكاياتي

لأتركَ على وجنتيكِ قبلاتي

لا القلبُ غادرَ نبضاتـكِ

ولا نبضاتــُـكِ تنبضُ خارجَ نبضاتي

ولا أستبدلتُ رداءَكِ

منذ أنْ صار ردائي

جمعتُ ... مولاتي

بحورَ الشعـرِ لأكتبَ لكِ قصائدي

وأُنظـُمُ لكِ بيتـاً بلا قوافٍ وبلا اوزانِ

فأنطفأتْ إضاءةُ المسرحِ

وأظـْلـَمَـتْ الصالة

وبقيتِ أنتِ شاهداً على كلِّ مشاهدي

وإنْ غابَ النصُ....

فانتِ تبقَيْنَ عنوانَ مسرحياتي

عشقتكِ كتلميذٍ إبتدائي

وتخرجتُ من مدرستـِكِ

الأول في الفصل النهائي

تعلقتُ بأهدابكِ ... برموشكِ

وتعلمتُ كتابةَ حروفِـكِ

من شينٍ الى تاءِ

تعلمتُ في سوحِك

أنْ أكتبَ بلونِ دمائكِ ...

أسماءَ الشهداءِ

أيا نجمةً في ظلماتي

اليكِ يا مولاتي ....

لا أشكو غربتي وأغترابي

كنتِ وما زلتِ شمس زماني

كنتِ وما زلتِ تستوطنين

كلّ أماكني

أنقذتِ مركـَبي من الطوفانِ

وأطفأتِ ما شَبَّ فيه من نيرانِ

خَطَّ الدمعُ  إسمَـكِ

على صفحاتِ ديواني

وما زلتُ أمشي بين الاعشابِ

أركـلُ الزوان بأقدامي

مشيتُ ... فسمّيتُكِ ....

مشينا... فسمّيناكِ ....

أنتِ ... أنتِ مولاتي ...

 

سيدني

 

في نصوص اليوم