نصوص أدبية

افتراضات مُجرّدة!

almothaqafnewspaperعاديّـونَ جِـداً،

عادِيّـونَ نحـنُ، بلا " تَفويضٍ " أَو " فَتـوى " من أَحَـدٍ !

هَبْ أَنَّ فـي عيونِنـا قَـذىً، لا نـرى وَهَـجَ أَلـوانِ سيكيروس،

لا أَحـلامَ دالـي ولا "خَربَشاتِ " بيكاسو والدادئيين ..!

لا تُسكِرُنا مُلصقاتٌ وشعاراتٍ، لَـمْ تُشبِعْ حتى نفسها .. راحَتْ تَقْتـاتُ

على كِلْسِ الحيطـانِ ...

عادِيّـونَ، لا نَفقَـهُ رَطانَـةَ " تَفكيكِ " " البُنيَـةِ "..

............................

صِغـاراً، لَـمْ نعرفْ لُعبَـةَ البولِنغ !

كنّـا نلهـو بالحجـارةِ وكُراتٍ نَصنعُهـا من الخِـرَقِ ..

لَـمْ نَحْفَظْ أَلفِيَّـةَ " إبن مالِك" .. !!

مـا تَعلّمنا الصَرفَ ولا العَروضَ مُـذْ سَطَتْ علينا ديـدانُ الفُضـولِ ..

عادِيّـونَ، عندمـا تَبَرعَـمَ فينـا ما بين الجوانِـحِ، لِـمْ نُعاكِسْ بنـاتَ الحَـيِّ،

كُنّـا نَصيَّدُ خَطْفَـاً عُيـونَاً تَتَلَصّصُ خَلفَ الستائـرِ والأبـوابِ الموارَبَـةِ ..

فَتَنُطّ قُبـَّرةٌ في الصَـدرِ كُلَّمـا إِهتَزَّتْ ستارةٌ وإصطَفَقَ بـابٌ،

هِـيَ مُجَرَّدُ براعِمَ أَشواقٍ بَرِيَّـةٍ، قَلِقَـةٍ، بينَ عَفَويَّـةِ الغَجَـرِ وحادِلَـةِ

"..! المَحظـورِ"

............................

عادِيّـونَ كالهـواءِ أَيّـامَ زمـانٍ رَحَـلَ،

لَـمْ نُشفَ من عِلَّـةِ الأمَلِ، كلَّما إستيقَظْنـا، نقـولُ " صبـاحُ الخيـرِ "..

ونَشرَبُ ما تَيَسَّرَ من شايٍ مُحَلّىً، داكِـنٍ كظُلمَـةِ دروبِ المستقبل .

! ..، تماماً مثل بقية الخَلق عادِيّـونَ نُخطيءُ أَحياناً، ونُصيبُ أحيانـاً أَقَلَّ

ضَرَّجَتنا خيباتٌ لئيمةٌ، لكِنَّ قَبَضاتنا لَمّا تَزَلْ على جمرةِ الحُلُمِ تَشُدُّ.. لَمْ تَرتَخِ،

إِنْ خَسِرنا، نقـولُ .. نعم، خَسِرنا !

لا نَتَمـادى فـي " إجتراحِ " عِلَلٍ لا نهـايةَ لَها ..

لا نَتَهرَّبُ من مسؤوليةِ ما نَرتَكِبُ من أخطاءٍ .. ولا نَمَسُّ أَحَـداً بِنَميمَةٍ،

تُجَـرِّحُ خُدودَ الإقحـوانِ ..

نُحِبُّ ونَكـرهُ، مثلُ الآخريـن .. لكِنَّ فينـا من الوفـاءِ ما أَعجَزَ "العَطّـارَ " عن إصلاحِـه ..!

* * *

هَـبْ أَنَّ سَحَناتِنا المُحَمَّصة بالشمسِ والحِمضِ

النوويِّ لا تُعجِبُ البعضَ، أَو أَنّنـا لا نُجيدُ خطـابَ "السادَةِ "، لكنّنا بَشَـرٌ..!

تَعَلّمنـا كيفَ نُحسِنُ تُفّـاحَ المَقيلِ، وفاكهـةَ العَقْـلِ ..

نُقَلِّـمُ بمقصّـاتِ الحُلُـمِ غيـوماً ضَنينَـةً، عَـلَّ خُضـرَةً ما تَنْبُتُ خُبّيـزاً،

على أقَلِّ تقديرٍ، في قَحطِ حُقـولِ الروحِ، أو فـي حـدائقَ لا نَملِكُهـا

نُزيِّنُهـا بنُقـوشٍ من خيـالٍ مقهـورٍ ..!

لا نُريـدُ صُكوكـاً بِيضَاً من أَمسِنا .. ولا تَباريـحَ لمستقبَلِنـا ..

نُريـدُ حاضِـراً سهلاً، رَخِيَّـاً نَصنعُ فيه مستقبلَنـا، كما نَهـوى، أو نَتوهُّم

دونَ ضُنـونٍ خَفِيَّـةٍ، أو " تَقِيَّـة "..

نُـأوِّلُ الربيعَ خُبـزاً طازجاً وريحاناً،

خُلـواً من مَجـازِ فَراديسٍ لا تَنُوشُها الأصابعُ ولا الحنين،

نَضِـلُّ أو نَهتَدي، أَنّـى شاءَتْ لنـا المقاديـرُ والصُدَفُ،

دونَ نَذيـرٍ مِـن غَيهَبِ غَيبٍ، أَو نَصْـلٍ صَـدِىءٍ .. دونَ رصاصـةٍ خَرقـاءَ، خَرساءَ

نَرضى " بِحظـوظِ الريحِ وحرية الطيـرِ !! "

عاديّـونَ كُنّـا، ولَمّـا نَـزَلْ !

نحنُ خَيزرانُ المِحَنِ، لا قَصَبَهـا،

سَئمنَا الهمسَ بالكُمُـونِ وبلاغَـةِ باطِنيَّـةِ الكَمَـأِ عنـدَ هـاويَـةٍ، مُمَوَّهـةٍ بآيـاتِ الله الحُسنى ..!

لا نرى الفِردَوسَ، سوى غُبـارٍ حادِّ النِصـالِ، ورايـاتٍ سودٍ .. نقيعُ كُـلِّ الألـوانِ،

هِـيَ دَسيسَةٌ تَتَسَلَّلُ مِـنْ مَخـدَعِ النُـذورِ ومُتـونِ الفَتاوى،

لا تَعرِفُ الحِكمَـةَ ..

أَحالَتِ " الوصـايا العشرِ إلى لذائذَ عشرٍ "!

ومـا عـادَتْ بحاجَـةٍ لِفَكِّ مغاليـقِ الإسطورةِ ..

.............................

نُنَقِّبُ عن شَجَرِ الريـحِ، يَسوطُ ظِلَّـهُ من الوحشَةِ، بعدمـا خَذَلَتنا البراهينُ،

وقبلَ أَنْ يُعثَرَ علينـا فـي شَتاتِ الله، وقَدْ مُتنـا " وْداعَه "* فـي أرضٍ لا

تَتَسامى بأجداثِنـا، لأنّنـا هراطِقَـةُ الزمـانِ ..!

كُنّـا نَنـوءُ بقناديـلَ عَطشى لزيتٍ .. تَمنحُنـا النِسيانَ،

أوتَتَكَـرَّمُ علينـا بالتَسَرُّبِ من شُقوقِ خَـرائبِ المَعنـى،

عَلَّنـا نُعيلُ جِـراءَ جَسارَةٍ مَنسيَّةٍ،

فالمُرتجـى صـارَ طاغيَـةً عنـوداً .. غامِضـاً مثلَ مُرتَّبِ موظَّفٍ نزيـهٍ !

* * *

ثُـمَّ هَبْ أَنّنـا غيرُ عَمَليّينَ (غيرُ براغماتيينَ)، ما زِلنـا نُلَـوِّحُ لنِسرٍ سَكِرَ

في العُلى .. ظَلَّ يَرسِمُ في الهـواءِ دوائـرَ، حتى نَسِيَ أَنْ يَحُطَّ ليستريحَ ..

.............................

أَتدري لِمـاذا نحنُ سُعَداءَ ؟!

لأنَّ هنـاكَ مَنْ قالَ " لا فَرحَةَ توازي فَرحةَ النجاةِ من الموتِ !!"

تُرى، مَنْ يَكـونُ أكثَرَ مِنّـا فَرَحَـاً، وكُلُّ ساعَةٍ تَصعَقُنـا " فَرحَـةٌ "!! ؟

.............................

.............................

عادِيّـونَ، عادِيّـونَ ...

حتى النُخـاعِ، عادِيّـونَ،

نَنـامُ فـي صَحـوٍ يَنثُرُ الجنـونَ، ونُوقِظُ النُعاسَ مَنقوعـاً بضبابِ الأسئلةِ،

عادِيّـونَ .. نَحرُسُ الذاكـرَةَ وفَـراشَ المعانـي من هُبـوبِ الخُرافَـةِ

ومـن مُرابينَ ماكِـرينَ، و"رُواةٍ " يَستَنْبِحونَ كِلابَ مـاضٍ سحيقٍ، برؤىً تَرهّلَتْ فَتَهَدَّلَتْ

يُرادُ لَهـا أَنْ تكونَ خُبـزاً لمُستقبلٍ مهضومٍ فـوقَ طاولَـةِ حاضِـرٍ كسيحٍ ..

دَجّالونَ، يَنفَخـونَ في كِيرِ الجَهالةِ والخُرافَـةِ، يَستَنْبِتونَ شَتْلاتِ عَمـاءٍ يانعـة

كالروبوت ..!! تَخُضُّ قِرَبَ لَبَنٍ، حامِضٍ أَصلاً .. مَسوطينَ بوعـدِ فِردَوسٍ،

مـا عادَ منـه أَحَـدٌ يَقُصُّ علينـا مثلَ الحجيجِ ما رأى ..!!

...........................

...........................

وبَعدُ ..!

أَيكـونُ بوسعِ الذاكِـرةِ أَنْ تُعيدَ لِلمُخَيَّلَةِ الحَثَّ، الذي أَفْلَتَ منهـا قبلَ زمـنٍ عَتيـقٍ ..؟!

 

يحيى علوان

.........................

*" وْداعَه " عامية عراقية، يُرادُ بها وَديعَة .. أَي دفنُ الميتِ مؤقتاً في أرض غير التي ستكون مثواه الأخير،  حتى يتمَّ نقلُ رُفاته إلى الموضع المراد له .

 

 

في نصوص اليوم