نصوص أدبية
وداعٌ مُضاع
هيَّجْتَ يا (وثاب) أشجاني
تركتَني وحدي وأحزاني
تركتَني والقلبُ مكلومٌ
يومَ النوى أسهرْتُ جيراني
أورثْتَني هَمّي وآهاتي
وفي الحنايا دفقُ بركانِ
وفي المآقي الدمعُ مدرارٌ
هَتّانُ، يجري فيضَ نيسانِ
غادرْتَني من دونِ توديعٍ
لا قبلةً، لا ضَمَّ أحضانِ
خلَّفْتَ غصّاتٍ وأنّاتٍ
تَمورُ في صدري وأركاني
تركتَ لي (مؤنسَ) محتاراً
بكاؤُهُ الموجِعُ آذاني
شَكوْتُ مِنْ بثي ومِنْ حيرتي
للهِ، لا للقاصي والداني
يا مَنْ شَفى أيّوبَ مِنْ ضُرٍّ
قد مَسَّهُ والأمرُ رَبّاني
و مَنْ ليعقوبَ جَلا هَمَّهُ
حزناً لَهُ ابْيَضَّتِ العينانِ
و مَنْ لموسى بالسرى أوحى
في اليَمِّ لا سفنٌ بِسَفّانِ
أرجِعْ لنا (وثابَنا) الغالي
لِحَيِّنا والبكرَ (كهلاني)
حَمْداً ومَناً لكَ يا ربَّنا
فوقهما جزيلُ شُكْرانِ
مِلْءَ فمي ألْهَجُ بالعُتْبى
مُلتمِساً رضاكَ يغشاني
ثمَّ الصلاةُ جِئْتُ أُزجيها
على النبي خَيارِ عدنانِ
ومثلُها أتَمُّ تسليمٍ
جاءَ بها وَحْيٌ بقرآنِ١
***
د. حسين يوسف الزويد
....................
* كتبتُ هذه الكلمات بعد أن غادرني أبنائي كهلان، تمام، محمد، حيدر ووثاب .. غادروني مع النازحين مشياً على الأقدام قرابة (١٥) ساعة وفي شهر تموز وما أدراك ماذا تعني درجة الحرارة خلال شهر تموز في العراق، كان وداعي لهم عجلاً سريعاً ولم يبق معي من ابنائي إلا (آخر العنقود) ولدي مؤنس وكان عمره حينها (٦) سنوات حيث لم يطاوعني قلبي ان ادعه مع النازحين في ذلك الحر اللاهب وبتلك المسافة مشياً .. بقى معي حبيبي مؤنس وأمه .. حمى الله ابناءكم جميعاً... وحَمْداً ومَنّاً لَهُ أنْ أعادَ لي أبنائي.
(١) إشارة لقوله تعالى (إن اللهَ وملائكَتَهُ يُصلّونَ على النبي يا أيها الذينَ آمنوا صَلّوا عليهِ وسَلّموا تسليما) .
