نصوص أدبية

جبر العراقي

صالح البياتيفي جعبة جبر ألف حكاية

تبدأ من حرف الألف الى الياء

جبر مُذ جاء لهذي الدنيا

كان فقيراً وشقياً

لكن طيب القلب

صبوراً وعصياً

*

لا يعرف جبر عن مولده

شيئاً يذكر

غير ما ذكرته المرحومة والدته:

انه ولد في سنة عمياء

في الليلة الحالكة الليلاء

وكان فانوس البيت

تلك الليلة بلا زيت

في مثل تلك الليلة ، قديماً

هجم المغول على بغداد

*

يعرف جبر بفطرته

ومن ذاكرة سعف النخل

وضفاف الأنهار

وهمسات شجر الصفصاف

كل تواريخ الأحداث الفاجعة

المتسربلة بقطران جرب الإبل

المتشحة بغبار الخوف

*

يضحك جبر ويبكي

يتذكر جبر ويغني

لسنوات الفرح الملغاة

أو الواقعة تحت خط النار

ولكن حين يغني ، يتذكر تلك الليلة

حين هجم المغول حديثا على بغداد

*

جبر عراقي اصيل النشأة  

كالنخلة، متجذر في التربة

يقرأ كثيراً في كتب التاريخ المهملة

ويهوى الموسيقى والشعر، ونظم القافية

ويتقن منذ الصغر ، أجرومية اللغة

***

يعرف أن الفاعل على الإطلاق، قوي ومقتدر

والأزمنة ، أما ماض غامض، أو مندثر

او حاضر بئيس معاش، أو يحتضر

أما المستقبل فضباب، لا يعلمه إلا الله

محتجب بالغيب ومستتر

*

يحفظ جبر على ظهر القلب

جدول الضرب

ولكن لا يعرف لماذا

الواحد عند القسمة على نفسه

يبقى أبداً منتصباً، كإصبع يده

ويعرف أيضاً كل كوارث بغداد

وأعوام الأوبئة والمجاعات

وغضب الأنهار

المتمردة على المدن

*

أحياناً يروي جبر حكاية

أحداثا يجهلها الناس

كعام عاصفة الجراد على البلاد

أو هجوم المغول ثانية على بغداد

وأحياناً تختلط أوراق التاريخ

وتتماهى في ذاكرته

أسماء المدن القديمة

مدن ما بعد الطوفان

فينسى في لحظة تيه

كل ما تذكرة

ينسى أسم مدينته

وحروف إسمه الثلاثة

(جيم باء راء)

فيستبدل في حالة ذهول صوفي

الحرف الأول من أسمه

بحرف القاف القهرية

ولكنه لا ينسى أبدا

هجوم الاوغاد على بغداد

***

 

صالح البياتي

 

 

في نصوص اليوم