نصوص أدبية

شيء من الحبّ وقصص أخرى

حسن السالميالدّخان

تحسّس جرحه الغائر. كان لا يزال ندياّ رغم السّنوات التي مرّت... أراد أن ينهض فأسقطه العجز. تلك اللّحظة كآلاف قبلها، شعر وكأنّ الكون كلّه يسقط من حوله. في الأثناء كان الأثير يبثّ صور القادة الجدد: وجوه مستنيرة، بدلات أنيقة...

"نُحيِّ شهداءنا الأبرار، وجرحى ثورتنا المباركة..."

قرقرت بطنه فنزع فردة حذائه وقذف التّلفاز...

 

رؤيـا

نِمت وفي قلبي غصّة...

آخر عهدي باليقظة، ضوء خجول يتسرّب إليّ من النّافذة، ولا أدري أهو من فانوس الشّارع أم من القمر الذي ابتلعه الغمام أوّل الليل؟

رأيت نحلا بعدد نجوم السّماء، يخرج أسرابا من درج مكتبي. كلّ سرب يحوم فوق رأسي كأنّه يودّعني أو يحيّيني، ثمّ يخرج كسحابة شفّافة تغتسل بالضّوء...

حين أفقت كانت ذاكرتي تدور كالرّحى: أرض مجهولة، ونحل جوّال في الآفاق يحمل اسمي إلى كلّ العالم...

 

شيء من الحبّ

يَبْيَضُّ ليلي بصياحها.. أقرّب الماء والكلأ فلا تسكت...

*

أحملها على برويطة وأشقّ بها الطّرق.. يلتهب الجوّ بصياحها فتسلخني العيون...

*

وعلا وقع أظلاف يتخلّله صياح موجع، ثمّ ساد هدوء قطّعته مأمآت خفيضة... وابتسامته الغامضة تشرق مجدّدا: "عد إليها بعد أيّام".

*

وسكتت عنزتي مدّة، غير أنّها عادت تملؤنا صياحا... لمّا رأتني، اتّجهت إلى البرويطة والشّوق في عينيها! ...

تذكّرت المسنّ: "تيط... تيط... تيط! ..."

 

الدّرجة صفر

الرّأس يسكنه القيشم* والشّمس جحيم متّقد...

تأمّل عمودا سامقا... "لو لمستُ ذاك الماء المعلّق؟"

القمّة شبر واحد...

ترنّح، وخفق بذراعيه طويلا...

الأرض بِركة ماء، وها هي الشّمس تأكل من رأسه...

"السّماء جحيم آخر، فماذا لو قفزتُ في الماء"؟!

 

بقلم: حسن سالمي

.......................

* القيشم: سكر النّخل.

 

في نصوص اليوم