نصوص أدبية

بدايات نعاس

سميرة بنصرأدثّر الارض بالاغطية ليلا كي يهدأ العالم وأنام.. فيتسلّل من جوربها المثقوب عصفورا شقيّا يعيد ضوضاء الوجود..

وأنا.. أكتفي بنقطة على هذه الارض فلا تقتصّوا لي منها ذات غياب.. أغيب عنّي أحيانا وأترك لجسدي عاداته القديمة ترتّبُ الوقت بخزانات فوضاكم. بعد ضياعٍ.. أعثر عليه من جديد، يوجعني تآكل الطين عند حوافه فأعده بوليمة أكبر حين نذرع بطن الارض شقّا ..

... أنا هنا أنام وتتعب قدماي من الركض خارجا، أنا هنا فراشي وثيرٌ ويؤلمني وخز البرد وفقدان معطفي في العراء، أنا هنا أنام والحلم يجهز لي مزاج الصّباح...أنا هنا لأترك لكم سرب نقاط فالتقطوها ووزّعوها على فراشات الحقول العابرة .

***

صفحة اليوم

اليوم صفحة جديدة من كتاب الكون تفتح، حروفها سريّة، سحرية، تنتظر البصمات منّا... نمشي، نجلس، نطير، ننام، نصحو، نحب، نتزاوج، نكره، نسامح، نلعب، نحزن، نفرح، نتنزه،،نختنق، نأكل، نتوالد، نفارق، نعود، نكذب، نصدق، نموت... فتتّضح الخطوط.

الكُلُّ يمارس شطحة ما على هذه الصفحة، يثبّتُ اللّون ويخرجه عن إطاره الخفيّ إلى وهج الحقيقة...

رضيع يبكي يطارد حقّه في الحياة بلغة فصيحة، ثدْيٌ يلبّي...

طيورٌ ترسم في الفضاء خرائط  عشقها للصفحة، أشجار تورق أو تتعرى ... لا شيْء يثبت هنا، لا شيء يصدق..

أحدهم، في ركنٍ قصي.... يحاول شطب ما كتبه بالصفحة السّابقة فيجدُّ في الاستغفار، يستنجد بالدّموع ليمحو ملامحها المستعصية.

ينزع معطفه المتشعث بالأوحال الطّينية .

امرأة مشرّدة الأفكار تجلس بصفحة اليوم ويغزو فكرها ترتيب الأمس، صور من الصفحات السّابقة تتفشّى داخل أهواز الذّاكرة، تغتصبها، تحجب عنها شمس اليوم...

طفلةٌ تجتاز لتوّها بوابات الأنوثة، تعاند يدا أمها، تقتحم مجال العيون على الرصيف المقابل، الرصيف مرآة تسند درجات الجمال وتقيّمها، من هنا تخرج بوثيقة أنوثتها . 

صفحة اليوم لن تمر دون كتابة ولادة و موت لن تطوى قبل إبرام خط عريض بين ذنب وتوبة، صفحة اليوم لا تترك فراغات على الهوامش، لا تهدأ إلا إذا طوّقَها سياج من ليْل، تطوى دون رجعة  وأطيافها تلاحق بقية الصفحات قبل ترهل الذاكرة.

 

سميرة بنصر

  

في نصوص اليوم