نصوص أدبية

منها وعنها

نور الدين صمود**1 هــو**

لابْنِ هاني رأيتُ هــالةَ حُسْــنٍ          في منامي لم أَلـْقَ أحْـسـَنَ منـْها

مُشرق الوجـه كالمُدامةِ شـعَّتْ          في كؤوس ٍما اسْطاعَ يَبْعُدُ عنها

في هواها كم أسكر الكون شعرًا       خـوفَ يوم الحساب يُحـرم مـنها

وهْـوَ، من فـَرْطِ ما تولـَّهَ فـيهـا،        لاح طيْـفًـا في الحُلْم يسألُ عـنها

قال: (إني أقسمتُ بالكرْم ما لي        مهربٌ مـن عـصيرها فهو منـْها

وانْغماسي في كأسها كان كيْ لا         يَحْسَبُ البعضُ أنني تـُبْتُ عنْها

لا تلمني في مَـنْ توحدتُ فيـهـا         فـهْــي دائي لكــنْ دوائيَ مــنـها

كلَّ يوم أنـْوي عن الـراح تـَـوْبًا      وأنـا تائــبٌ مِـن التـَّـوْبِ عَــنهـا

أنا منها الـعلـيـلُ صــرتُ سليـمًا     عِــلـّة ُ الـراح كـَيْـفَ أبْـرأُ مـنهـا؟

فهي روحٌ والكأسُ جسمٌ، وحَسْبي    أنهـا الــروح بـِِـتُّ أَسألُ عـنـْهـا

لسـتُ أرضى فراغَ كأسي التي لم     تُرْو ِ روحي مهما تجرعْتُ منها

مُــرَّة ٌ في حلوق ِمَـنْ لم يـذوقـوا     عَـذبَ ما قلتُ في القصائد عنها

ليـسَ مَنْ يَـنبذ النـبـبــذ شـبـيــهًا     بالــذي شـَمَّـها ومَنْ عَـبَّ منـها

ولـ(باخوسَ) شطحة في هـواهـا     طـالمـا في الهـوى تحـدث عـنها            

بَــيْــدَ أني رأيْــتـُـهُ فـي مَـنـامـي     قـائـلا، مِثـلَ مَــنْ تـَبــرّأَ مـنها:

قـد تـَصَوَّفـْتُ في هـواها طـويلا     فهـوايَ العـميـق ِمنها وعـنـْها)

وابْنُ هـاني، أبو نـواسَ اليماني    صَؤلـّة ُ الكأس ليس يَـبْـرَأُ منـْهـا

وسواه في الكونِ خلقٌ كـثــيـــرٌ    لم يطيقوا الحياة في البعـد عـنها   

**2 أنـــا**

وأنـا ذبـْتُ مِثـله فـي القــوافـي      وغـَـدَتْ عِــلَّـتي أُفـَـتـِّـشُ عَـنـْــها

وعروسُ الأشعـار طــَوْعُ بنـاني      وأنا طوعُ مَـنْ أنـا صِـرْتُ منها

كـُـلَّ يوم أجـددُ العُمْـرَ فــيـهـا      لستُ أرجو أن يُـصرفَ القلبُ عـنها

وعروسُ الأشعار تُسْكِرُ مَـنْ قـدْ      ظـلَّ طـولَ الحياةِ يَـشربُ منـها

فهْـي ليلـَى مهـما تـَطـاولَ لـيْـلِي     قـد صرفـتُ الحياة َأبحثُ عنها

وهي كالمغنطيس تُدْني وتُقصي    وهْـي كالكهـْرباءِ والــنـورُ منها

والذي يَحْسَبُ القـصيـدةَ ليـلـَى،     لهْـو قيـسٌ ما انفـكَّ يبحثُ عنها  

***

نورالدين صَمّود

 

في نصوص اليوم