نصوص أدبية

لِمَ أحببتُكِ ؟

عاطف الدرابسةقلتُ لي:

 

لِمَ أحببتكِ

وأنتِ لستِ أجملَ النِّساء

ولستِ أذكى النِّساء

ولستِ أقوى النِّساء ؟

 

لِمَ أحببتُكِ

وحولي آلافُ النِّساء ؟

سؤالٌ يُحاصرني كالضُّوءِ

كموجِ البحرِ

كرملِ الصَّحراء !

 

أرى فيكِ أشياءً وأشياء

أشياءً لا يراها البشرُ

وأشياءً ما تجسَّدت يوماً

في الأساطيرِ

ولا تصوَّرت

في خيالِ الشُّعراء !

 

أنتظرُ كالأطفالِ

أن ألمحَ عينيكِ تبتسمانِ

فتستيقظُ على صدري

كلُّ الأنهار

فتهتزُّ الأرضُ

ويملأُ جنوني

فضاءَ الكونِ

ويملأُ عطركِ العالمَ

وتُبحرُ نحو عينيكِ

كلُّ الشُّموسِ

وكلُّ النُّجومِ

وكلُّ الجُزرِ

وتجري في جذورِ الشَّجرِ

الغارقِ في رمالِ الصحراءِ

سيولُ الماء !

 

هذا البرقُ

الذي يُطلُّ عليَّ

في ليالي الشِّتاء

بقايا رفَّةِ جفنٍ

من عينيكِ ..

 

هذا الرَّعدُ آخرُ

حرفٍ في صوتكِ

حين قلتِ لي ذات مساءٍ :

أُحبُّكَ ..

 

هذا الزَّهرُ المنثورُ في السُّهول

هذا القمحُ المزروعُ في الحقول

إيقاعُ خطوكِ ..

 

هذا الجنونُ الذي يسكنُ

خيالَ الشُّعراءِ

نبضُ قلبكِ ..

 

هذه الفصولُ

حين تتعاقبُ وتدورُ

هي رهنُ

إيماءةِ كفِّكِ ..

 

هذا النَّحلُ

قبلَ أن يُعلنَ

عن ولادةِ العسلِ

يطوفُ حولكِ سبعاً

ثمَّ تأتي ملكةُ النَّحلِ

وتُصلِّي على ضفَّتي شفتيكِ

وتعودُ إلى بيتِها

وذكورُ النَّحلِ تزفُّها

وتُقيمُ حولَ الخليَّةِ

طقوسَ الفرحِ

فيفيضُ العسلُ على الأرضِ

كأنَّه المطرُ ..

 

وتتنزَّلُ عشتارُ من عليائِها

تمسحُ بيديها

جسدَ الأرضِ

ثمَّ تصعدُ نحو السَّماء

وتحجبُ الغيومُ

عيونَ الشَّمسِ

وتُعلنُ الرِّياحُ

عن أوَّلِ ثورةٍ لها

فتتهيَّأُ الأرضُ

لليلةِ الزَّفافِ

فيهطلُ يا حبيبةُ

من عينيكِ

المطر !

***

د. عاطف الدرابسة

 

في نصوص اليوم