نصوص أدبية

فتحي مهذب: الفراشة

فتحي مهذب** قبرها يهطل بالمطر

الرسولة التي امتلأت روحها بالغيوم.

**

الصخرة تعوي

كما لو أنها تنادي الجبل النائم

في التلة.

فجأة يخرج الحصان من الصخرة

بينما الذئب يفتح المغارة.

**

الفراشة

تنقل بريدنا السري للأزهار

المدججة بمكعبات الضوء.

**

سيكون حسابك عسيرا

أيها الإسكافي

قالت الأرض:

- لا ترتق جزمة هولاكو.

**

إنتهينا من طرد السماء.

بعد قطع فراسخ في الصحراء

مختفين وراء أقنعة كثيفة من الغبار

متسربلين بالأوراق والغصون

تتعقبنا زرقاء اليمامة

بسلة من العيون الكاسرة

كان الإله يرعى قطيع الإوز

في أذهاننا

لا يفكر بتاتا في إسعاد الموتى

لم يكن ينتمي إلى بنات نعش.

لم نكسب الحرب

ولكن اكتفينا بحصتنا من الجنون الخالص.

**

في الكنيسة

يصير التفكير مليئا بالضفادع

والخط المنحني الذي يتركه كلب الراعي وراءه

يطارد مخيلة الكاهن.

**

تابوتك طازج جدا

أتعبنا جدا هذا التنظير لتيمة الفقد

الفلاسفة ماتوا في منتصف الطريق

بجلطات دماغية حادة.

**

بعد موتها

صرت أنادي شجرة التوت باسمها

في المساء ترسل أوراقها

لإضاءة الشرفة

وتهدئة الخواطر.

**

سعداء بالقماط

أشقياء في الكفن

**

سمعت الجرة

تقول: حنانيك يا أبتي.

**

المصابيح تتكلم بلغة الضوء

سنفهمها يوما ما.

**

سيتبعك فراغك

مثل كلب سلوقي

فراغك الذي قتل نهديك بالرصاص

وفي فمه إصبع مقطوعة

سيتبعك إلى الجحيم

بساقين من الهلام الخالص

ليلتهم خفافيش السحرة

ويطارد الجواسيس بضبابه الفلسفي.

**

سأقاتلكم أينما كنتم.

يتبعني سكان المقابر الجماعية

وطاويط الكهوف الحجرية

أخرج الأرواح الشريرة من زجاج أعينكم.

أيها السحرة المعلقون في الهواء

أيها القتلة.

**

دبابتك انتحرت فوق الجسر.

عد إلى مغارتك الرجيمة

أيها المغولي.

**

تبدع الحرب في صناعة المجانين

تبدع الحرب في زراعة القتلى

تبدع الحرب في فن السخرية

تبدع الحرب في ترويج شواهد القبور

تبدع الحرب في نسيان يهوه.

**

لما أصير عجوزا حيزبونا

يتغضن جلدي وتتهدل شفتاي

تسقط رأسي إلى أسفل

ينقرها طائر الزهايمر بشراهة

ويفر النور من  عيني

مثل نورس مذعور

تحدودب الكلمات في فمي

وتداهمني أصوات غريبة من لا مكان

تتجمد ضحكتي مثل سمكة في عز الجليد

يتقوس ظهري وأجرجر ساقي

مثل لقلق مكسور الخاطر.

حينئذ ترشقني النسوة

بأعين من قش.

حينئذ أبحث عن تابوت العائلة

لأخفي جثتي المتعفنة

ريثما أختفي دفعة واحدة

وإلى الأبد.

خوفا من عيون الحساد.

***

فتحي مهذب

 

في نصوص اليوم