نصوص أدبية

سعد جاسم: بيروت أُنسي الحاج

بيروت أُنسي الحاج

بقلم: الشاعر سعد جاسم

***

عزيزي أُنسي الحاج:

ليتَكَ كنتَ هنا

كي ترى بيروتَكَ الـذبيحة

وأَعني: رسولتَكَ التي كانتْ تختالُ أَمامَك

بشالها البحري الهفهاف

وبغواياتِها ورغباتِها المُشْتَعِلَةِ أَبداً

وبالاغاني الفيروزية التي كنتَ تطيرُ

في سماواتِ ترانيمها وتراتيلها

في صباحاتِ " النهار"

التي كنتَ دائماً تفتتحُها

بـ {خواتمكَ} اللازوردية

وكانَ الديكُ الفصيحُ

دائماً يوقظُها بصياحه الفجري

هيَ وأَهلها قبل أَنْ تطلعَ

" شمسُ الشمّوسة"

بنورها الحلو

الذي يسطعُ حتى يُضيءَ

الحقولَ والقرى والضيعاتِ

والبنات والجدّات والامهات

والشوارعَ والكنائسَ والجوامعَ

والاهراءاتِ والحقول والصوامع

ويُضيءُ قلبَ " لبنانَ " الرهيف

وروحَ " بيروت" الشفيفة

والبسيطة

والطيّبة

والعاشقة التي لاتعرفُ نفسها

ولكنها تعرف كلَّ شيءٍ

عن البحر

والعشاق

والغرباء

وعن الدهر

والاموات

والشهداء

وعن الصبايا

والمرايا والهدايا

وعن " الرأس المقطوعْ "*

والنشيج المسموعْ

في " ماضي الايام الآتية "

وعن الذهب والوردة

التي كانَ يتساءل بذهولٍ وشجن

عمّاذا صنعَ هوَ

أو صنعتْ هيَ

أو صنعتَ أنتَ ببريقهِ

ويَعْني الذهبَ

وبعطرِها المسفوحِ

وأَعْني الوردةَ

اللذينَ كانَ يُقلقُهُ مصيرهما

الغامضُ والمجهولُ

ورُبَّما المقتولُ والمُحتلُّ

بلا معْنى وبلا جدوى

وبلا أَيّةِ رحمةٍ وضميرْ

وكذلكَ كنتَ أَنتَ ياعزيزي أُنسي

تعرفُ كلَّ شيءٍ

عن " الوليمة "

و" كلمات كلمات كلمات "

وعن " خواتم " الحضور والغياب

وعرائسِ الاحلام

وإشراقاتِ المُخيّلة

وعن " الرسولةِ

بشعرِها الطويلِ

حتى الينابيع "

***

سعد جاسم

......................

* كل ما محصور بين قوسين هي عنوانات لاعمال شعرية. للشاعر الكبير أُنسي الحاج

في نصوص اليوم