نصوص أدبية

باسم الماضي الحسناوي: محضُ تخيُّلٍ للماء

محضُ تخيُّلٍ للماء

باسم الماضي الحسناوي


الصَّوتُ بئرٌ

بينَما الصَّمتُ الضحيَّةُ يوسفٌ

ما أبتغيهِ هوَ النَّجاةُ من النَّجاةِ

فإنْ تجئ في البيدِ قافلةٌ

دعَوْتُ اللهَ أنْ لا تهتدي

لمياهِ بئري القافلَهْ

فأنا هنا في البئرِ أشعرُ

مثلَ أحجارٍ تطوِّقُهُ بدفءِ العائلَهْ

أحتاجُ فانوساً هنا في البئرِ

فلأُشْعِلْ ندائي وسطَ أعماقي

لعلِّي أبصرُ الأشياءَ من حولي

وما الأشياءُ من حولي

سوى جوعٍ قديمٍ للأبوَّةِ

أو حنينٍ لستُ أفهمُهُ تماماً

غير أنِّي أقرأُ الإيماءَ في عينيهِ

أعرفُ أنَّهُ أمِّي التي ماتت على فرضٍ

وأعرفُ أنَّهُ حلمٌ

برأسِ أبي على فرضٍ سواهُ

فأفهمُ المغزى وأحمدُ خالقي

أنِّي على قيدِ الرَّحيلِ

برغْمِ أنِّي في مكانٍ ضيِّقٍ جداً

كآجالِ الجنودِ الرّاحلَهْ

إنِّي كبرتُ وصرتُ والدَ طفلتَينِ

ولم تزلْ في البئرِ

حافلةً حياتي بالبلادِ القاتلَهْ

أنا ما أخذتُ مدينةً يوماً بأيِّ جريمةٍ

فلمَ المدينةُ حينما واجهتُها

بصقَتْ على أحلاميَ الثكلى

وقالت بئسَ عيشُ الثاكلَهْ؟

***

بيدي خنقتُ الضَّوءَ

إنِّي لستُ محتاجاً لضوءٍ كي أرى

عينايَ في قلبي فضاءٌ بالفضاءِ يحيطُ

في قلبي فضاء حقيقةٍ عظمى

فخذ عنِّي الفضاءَ المفترى

كتبي سأحرقُها جميعاً

فالكتابُ هو الفؤادُ بهِ قرأتُ الأبجديَّةَ

منذُ كانَ اللهُ نوراً ليسَ إلا

منذُ كانَ العالمُ المنظورُ قبلَ النَّقْشِ

محضَ تخيُّلٍ للماءِ

كانَ الماءُ يكتبُ شعرَهُ الغزليَّ

ليسَ لأيِّ أنثى في الحقيقةِ

كانَ يكتبُ شعرَهُ المائيَّ للأشياءِ قبلَ حدوثِها

ويقولُ عنها إنَّها حملت جميعاً روحَ أنثى

تيَّمت شعراءَها الآتينَ فيما بعدُ

حتى فصَّلوا صوتَ الصَّهيلِ، وأجملوا وقتَ السُّرى

***

في نصوص اليوم