نصوص أدبية

عقيل العبود: هندسة التاريخ

عقيل العبودكنت على موعد معه في مقهى الهافانا، وكانت الساعة قد تجاوزت العاشرة صباحا، ولذلك قررت أن أكمل استكانة الشاي قبل أن أغادر، لكنني فوجئت بحضور صديق لم أكن أتوقع رؤيته منذ سنين.

استقبلته بلهفة من فارق وطنه منذ سنين. رحنا نتداول أخبار الأصدقاء، نتلو قصصهم، وقصائد البعض منهم تباعا، وعندما سألت عن أحدهم كان الرد أنه هاجر بعد أن فقد جميع عائلته، بما في ذلك اخته الصغيرة والتي تركت أثرا كبيرا في كتاباته.

رحنا نمشي ونحن نتطلع إلى معالم جميع الأماكن التي صرنا نمضي صوبها دون أن نشعر بالوقت، ذهبنا إلى الجامع الأموي، جلسنا في مطعم، ثم تناولنا بعدها الآيس كريم.

ولدت لدي رغبة للبحث في معالم تلك الآثار والمعالم التي بقيت حية منذ تاريخ إنشائها القديم.

الهندسة المعمارية وتلك البصمات كأنما يجمعها قانون لا يمكن تجاوزه، سألت شخصا كان يقف هو الآخر عند زاوية من الساحة المفتوحة، عن عمر هذه الواجهات التي تزين ذلك المسجد، أجابني أنه يعود إلى تاريخ الدولة الأموية.

أخذني الفضول وأنا أقارن بين فن العمارة أيام زمان، وفنون العمارة والبناء في هذا الزمان.

حينها قال لي صديقي: هل تعرف أن قطعة واحدة من واجهات المسجد الأموي تهشمت ذات يوم، والمعنيون ما انفكوا مشغولين بترميم ما تركته هذه القطعة من فراغ بطريقة يجب أن تتطابق مع نسيج القطعة الأصلية ، ويقصد النسيج الهندسي المعماري. وهذا يعني أن التعامل مع ما هو مفقود كالتعامل مع قطعة أثرية.

هنا وأنا أتذكر تلك المقاطع من الزمن، رحت أتساءل كم نحن بحاجة إلى إعادة بناء تراثنا في مناطق العراق المختلفة بما في ذلك بغداد العاصمة.

***

عقيل العبود

 

 

في نصوص اليوم