نصوص أدبية

عبد المجيد الحمود: يسمونه وطنًا

بترَ الوطن أصابعي اليمنى لأنني كنت مع اليمين

ثم بتر أصابعي اليسرى لأنني أصبحت مع اليسار

وهكذا أصبحت وإياه نعيش في كنف الدمار

نستقبل الصبح بلون رصاصة

و نلتقي الأمسيات بزغاريد الجنائز

للكبار وللصغار

و الكل على الجهتين يحمل أقواس انتصار

لكنني على القرب أراه

وطنا يمارس انتحارا

تلو انتحار

*

أنا الرجل الذي يعيش في زمن الفضاء

لكن رجال الوطن الأعزاء

كل يوم يطلبون إلي أن أعود

إلى الوراء

أنا الرجل الذي يرونه سقيم العقل

سقيم الفؤاد

يريدون منه أن يكتفي بحمل الورود إلى مآدب الولاء

فإذا ما أخطأ رأسي وارتقى مرةً

نعتوني بالإرهاب وبالوباء

أنا أحبهم

أحب هذي الأرض

هكذا علمتني الوالدة

في كل سجدة لها كانت تردد أسفار النقاء

لكنها رحلت

تركتني ها هنا تائها

فما عدت أميز بين الأمور

ما عدت أعرف الضباب من الصفاء

ما عدت أستطيع أن أفرق بين الندى

و بين دخان القصف والبارود

و أصوات البكاء

*

طلبوا إلي أن أكون شاعرا للبلاط فكنتْ

طلبوا بأن أرى السماء عصافيرَ وشمسًا فرأيتْ

و أن أسمع أزيز الرصاص أغانيَ نصرٍ فسمعتْ

و أن أشتمَّ من رائحة الجثث الكثيرة عطرَ القرنفل فشممتْ

لكنني حين فعلت كلّ ذلك

أدركت أنني قد مِتْ

***

قصيدة شعر حر

د.عبد المجيد أحمد المحمود – سوريا

 

في نصوص اليوم