نصوص أدبية

عقيل عبود: مصير مسؤول

عقيل العبودوجد نفسه متهالكا هكذا في وحل الهزيمة، أبيدت قدماه، صار لا يقوى على الحركة، أخذ يتوسل إليهم، فوجئ بضربة مباغتة عند رأسه، ورفسة عند كتفه الأيمن، وأخرى عند قدميه.

راح يبكي، انهمرت دموعه، جلس عند ركبتيه منحنيا بعد أن اشتد به الألم، صرخت احشاؤه، تقدم أحدهم بخطوات واثقة، تكلم معه، سأله عن جميع أمواله، وأرصدته التي استقر بها المطاف على شاكلة جزر، وفنادق سياحية من الدرجة الأولى في إحدى دول العالم.

قدم له آخر كسرة خبز وضعت في قدح ماء، تلوثت أطرافه ببعض العفن، تساقطت أسنانه مع الدم، لم يعد يقوى لأن يمضغ الطعام، أو يشرب شيئا.

تزاحمت الصور أمامه، لم يكن يتوقع أن يصبح فريسة هكذا بأيديهم، هؤلاء الذين كان يصفهم بالمتسولين، انتصبت أمام بصيرته جدارية ملك تم تحطيمها ذات يوم.

سقط الرأس، انتكس عرش امبراطوريته، بعد أن خارت قواه، مواساة ربما لدموع صاحبه، الذي كان يمشي متبخترا أسوة بمن سبقه من الطغاة.

انهارت قصور الذين كانوا يحتفلون معه في صالات الفنادق الفخمة، انتابه شعور بالندم، بات خاويا مترنحا، ابتعد عن صورته التي كان يتباهى بها أمام مناصريه.

نأت بغداد بجميع عماراتها، ومساكنها، ومحلاتها، بل وحتى ما تبقى لها من معالم قديمة، غدت بعيدة كأنها تتنصل عنه وعن جميع من معه. لم يبق من أنفاسه إلا ما يكفي لساعات ليوزع ما تبقى له من كلمات غير مفهومة.

رفع ذراعيه إلى السماء كأنه يدعو، أو يطلب الشفاعة،

تمتم بآخر ما تبقى لديه من كلمات، أعلن تنحيه عن جميع ما كان بحوزته من أرصدة، بما في ذلك طلعته التي كان عليها قبل أن يطلق نداءه الأخير.

***

عقيل العبود

في نصوص اليوم