نصوص أدبية

عقيل العبود: آنية من دموع

عقيل العبودوقفت على شاكلة من لا يفهم في معنى الحديث، تلعثمت خطواتي تضامنا مع دموع أمي التي كأنها تراصفت مثل زحام مسرح كبير، لتقطع بوابة النجاة، متخطية حواجز الغربة.

سارت بغداد بألف ليلة، وليلة، بينما اختطف الصمت لغة العبور، وسيناريوهاتها المتعثرة، ليعزف للجمهور أغنية سمعتها ذات يوم من أيام قلب سبعيني.

تصدر المشهد أنباء ذاكرة مشحونة بقضايا ماض، راحت صباحاته تترى، تاركة خلفها آثار بيت عامر، وبساتين.

غدت الاشياء تمشي بطريقة مذهلة، داهم الأعياء عقارب النهار، صار الزمان يمشي متثاقلا، مثل جريح شهدته يتكئ عند شروط عصا حصل عليها بسبب اصابته بشظايا قذيفة، أحالت دون أن يستأنف مشوار مسيرته الآجلة.

رسمت قافلة الجمهور، مع صباحات خارطة أمست موحشة بعد أن هاجر أهلها صوب ممرات عالم قلق.

بدأت ترنيمتي المعتادة وفقا لفضاء صمت حالم بقصيدة فارقها الأصحاب.

استيقظت أحلامي، بينما بقيت جثتي هامدة لا تقوى على الحركة، أمسيت متعبا مثل صولجان ذاكرتي، سقطت جميع الأغطية مستنكرة حادث اغتيال آثم.

زارتني جدتي مع ولادة قافلة سبقت حضوري إلى هذا العالم، غابت أسراب الطيور، مثل مدينتي، ومحلتي، ومدرستي، وأقراني.

لم أفلح في تدوين بعض ما تبقى، ودونت أقوالي لتبقى على ذمة التحقيق، أضحى دفتر الرسم عاجزا عن الإدلاء بشهادتي.

تقدمت الحياة وهي ترتدي فستان عرسها القديم، رافقتها بشغف، امتزج بصحبة مسافر، توالت الأحزان، صارت تقص علي رواية لم أكن اسمعها إلا يوم جلست قريبا عند أقدام امرأة ناهز عمرها الكبر، لتنطق بآخر ما تبقى لها من كلمات.

***

عقيل العبود

 

في نصوص اليوم