نصوص أدبية
عبد يونس لافي: حينَ فاضَ الفُرات

لِمَ يا فُراتَ الخيرِ تجري غاضِبًا؟
مهلًا ولا تغضبْ،
فإنّا حائرونْ.
موجاتُكَ الهَوْجاءُ تُرْهِبُنا،
وإنّا خائفون.
*
الليلُ داهَمَنا ولا
ندري الى أين الرحيلْ،
أَإِلى الجبالِ فلا جبالْ!
مشلولةٌ أقدامُنا،
مكتوفةٌ كلُّ الأيادي،
كلُّ شيئٍ عندنا شِبْهُ مُحالْ
*
خاشِعةٌ أبصارُنا،
الوقتُ يسبِقُنا وما زلنا نُكابِرْ
صَعْبٌ علينا
أن نُغادِرَ…. لا نُخاطرْ
*
لُطْفًا فُراتَ الخيرِ أمْهِلْنا رُوَيْدا
صَرَخَ الرضيعُ
أما سمِعْتَ الصارخينْ؟
هلاّ رحمتَ العاجزين؟
رِفقاً بأهْلِكَ يافُراتَ الطَّيِّبينْ
فلقد عَشِقْناكَ سنينْ،
ولقد أَلِفْناكَ سنينْ!
*
منك نَهِلْنا كُلَّ خيرٍ كُلَّ طِيبْ،
واذا اسْتُغِثْنا نسْتَجيبْ.
ألْهَمْتَنا معنى الحياةْ
علمتنا نحيا الإباءْ
نَنْشُرُ نورَ اللهِ في الأرض بلا
مَنٍّ ونحنُ السُّعَداءْ
*
واحَسْرَتاهُ أرى عُيونًا
باكِياتْ
تجْهلُ ما تحملُ تلك القادماتْ!
أبناؤُكَ النُّجُبُ الغَيارى واجِمونْ
ماذا عساهُم فاعلون؟
إيْ يا فراتْ
اليومَ لا نعلمُ ما هو اۤتْ
إنّا لنَخْشى أنْ تَموتَ الذكرياتْ
*
يا أيُّها النهرُ العظيمْ
أتَحِلُّ ضَيْفًا عندنا عند الصَّباحْ؟
أمْ في دُجى الليلِ البَهيمْ؟
هل لكَ أن تُخْبِرَنا قبلَ الوُصولْ،
ليسَ لدينا ما نقولْ!
*
سَتَرى أحِبّاءً يُحَيُّوكَ
يُجيدونَ التَّحِيَّةَ …… حَيِّهِمْ
سيعانقوكَ يُوَقِّروكْ
ستراهُموا عينَ اليقينْ
كُنْ يا فراتُ لهم وقُلْ
يا طيِّبونَ لكمُ السلامْ
خَجِلُ أنا منكم، وها
سأعودُ ناموا آمِنينْ
***
شعر عبد يونس لافي
....................
* كتبت هذه القصيدة تحت تهديد الفرات في المناطق الغربية من أرض العراق، في فيضانه العارم عام 1968، وقد سبقه اخر عام 1967 أي قبل اكثر من نصف قرن..