نصوص أدبية
محمد الذهبي: إني أغني وكأسي ضجَّ حاملُها
متى تكفُّ الليالي عن مراوغتي
مذ كنتُ احبو وهذا الفعل يغريها
*
وأنتِ فوق الليالي خلتِ أوردتي
تكون مسرحَ لهوٍ كيف تبغيها
*
لوكنتِ بالأمس قلتِ مايثير دمي
لكان وقع اللظى في الأمس يحييها
*
لكنَّ قولك هذا قد محى زمناً
قد كان يحنو على الدنيا ومن فيها
*
إيّاكِ أعني أتبغين الهوى حُطَماً
حين التزوّدِ توري كفَّ واريها
*
تكفيك اسماء من تبغين اعرفها
لاتستعيري من الأسماء وانسيها
*
لا أعشقُ الاسمَ حتى استغيث هوىً
ولستُ أبحثُ عن معنى معانيها
*
إني زهدتُ عن الدنيا فلا كَلِفٌ
بحبها أو ببغضٍ سام من فيها
*
حتى رغبتُ بنفسي لا أرى هدفاً
يسوقني نحو مغنىً من مغانيها
*
وأنتِ تأتين حين الشيب جللني
وتدعين بأني كنتُ حاويها
*
إني عن الغيدِ ألهو لستُ في ترفٍ
وإنني بتُّ للأنفاسِ أحصيها
*
وقلتُ ألقاكِ علَّ العمر ُ يسحبني
حتى أعودَ الى ذكرى مواضيها
*
لكنّ ويحي فذاك العمرُ غادرني
وأنتِ غادرتني تيهاً تلى تيها
*
ماذا أؤملُ والأيامُ منقصةٌ
إنْ ضاع يومٌ أرى للموتِ تنبيها
*
اليومُ دنيا وترجو في قوادمها
ماذا ترومُ فقولي من خوافيها
*
ليلى التي ارهقتني بتُّ ارهبها
لأنها قد تراني في مساويها
*
أرهقتُ نفسي وويلي من يعوضها
انْ كان في شيبها ترجو معاصيها
*
حتى كأن بكأسي روح غانيةٍ
وكنتُ أشربها معنىً وتشبيها
*
وصفتُ طيفك حتى خلتُ أغنيتي
قد لا تغادرُ معنىً من معانيها
*
وقلتُ صمتاً على دنيا تعانقها
كالراحلين دروبٌ مات حاديها
*
فلذتُ أشربُ ما في الكأس من أملٍ
حشاشةُ الروح تبغي من يواريها
*
لو وُزّعَ الكونُ اجزاءً مقسمةً
لما جلبتُ انائي كفَّ معطيها
*
لكنني جئت للدنيا على كرهٍ
بكيتُ حين ركابي زار واديها
*
إني كفرتُ بعيشي كلّهُ سأمٌ
ماطاب يوماً على مرٍّ نصافيها
*
إني أغني وكأسي ضجَّ حاملها
وضجَّ شاربها بل ضجّ ساقيها
***
محمد الذهبي