نصوص أدبية

إنعام كمونة: طوفان أوجاع وطن

منذ طوفان جيناتهم الهجينة على منابع وطني، وأنا أذود بجيد التوسل لوعة رحيل، تخضرمتُ بكهولة قدري تسابقت لهفتي لوصال المدافن، هاربة فلذات صداي من أروقة الندى لشتاء عتمة،  فلا ملاذ يا أبي لأساوري البيض إلا تحت ردائِكَ الملائكي بفوضى دموعي، وأنا أراهم حثيث قنافذ عاصفةٌ النبض مبعثرة زفيرهم القاني، يمدُّ صدأَ شخيرهم أشرعة عقائد مبتورة التماس برؤى وجودي، يغزل حبل انتمائهم المفتعل نسيج توهم. حينها كانت أمي تتذوق عنا شهية السنابل المندرسة بوطيء اليباس، تعتذر منها لعنة السبات المخذولة الطين :عنوة احتطابنا، كنا نجثوا على قراطيس أحلام، نحتسي الهواء رحيق الأمل، يدثرنا والدي بدفء معوذاته، فتهمس بسماته: سنصحوا بقبلةِ ربيع الغد، علنا نغفوا بقميص الأمنيات ويقدح الانتعاش فجر يضوع، غير أن صهيل الشُتات ضوضاء مباح، والأُماني هزائم روح تتهجى البراءة .فمنذ مُلمات تصحري ونيف غزوات، ووجه فراشاتي عارية الألوان، تكسرت مرايا كحلها بإزميلهم المعتوه، تخترق غلالة أيامي هياكل وأشباح معفرة بأقنعة السواد، تغص كؤوس شهواتهم قرابين نزاع، آه لقلب ترابي متخبط بدم الأنامل يدون جروحه رائحة حنين، تغط عيون أحلامي على أسوار كف الانتظار، معتكفة أرجوحة تعدد الغياب ، فكيف أفارق جدران سكنتها أسماء الوداع، تختلط أطيافهم المعتدة بهذيان حزن الكنائس، وفوحان دموع صلوات المنائر، اصرخ: بهيفاء حقولي المخضبة المآسي بتجديد عقيم الحواس، إذ لا مطرقة تلوِح لسنديان عرفان، فيبرق عويل مدني: لِمَ تسرقوا صوت ألواني بنهم القبور؟؟، بوهم تصدعكم أذ (لا عمرا يذر ولا قطراً يدر، كي لا يحيى زيدا ليشد أزر عمرا..!!)، إلى متى تسكنوا ضياح ضياعكم ؟؟، يا أأأيـــــــــها المسافر بمفاصل خارطتي :مطفأة ذاكرة خطاك بتاريخ مهترئ، فذاكرتي مشكاة خلود مجندلة بطيف دهشة التساؤل، كلما راودتني خطاياكم المزمنة أقارع التحدي بصفوة الهشيم، حتى لا تتغرغر شهقتي الأخيرة بقوقعة متاهاتكم، فنشيج حطامكم مؤونة أرملة سوداء تلتهم صُلبَ عقوقها بنهم عداء قبل تطوع الخيبة بمبالاة لوم صغارها، وأِن مضخ الجوع أضراسه في واحات ملح صدئة من ضمور حيائكم، سنشد على قلب بلادي عزائم ود منتشية الأوتاد، ها أنا اسمع دلالكم المقلوبة تئن خلاخيل أوجاعها بخيامكم المائلة عناقيد رئات موبوءة النسب، لا قهوة لمضايف العرب، فتيمموا رؤوس العباد واشربوا صهير الزبد .

***

إنعام كمونة

في نصوص اليوم