نصوص أدبية

قصي الشيخ عسكر: مستر دوسن

(سيرة شوكة وسكين)

رواية مهجرية قصيرة

***

الفصل الأول

صندوق خشبي صغير

شيئان فقط أثارا اهتمامي في الصندون الخشبيّ القديم!

كانت هناك عدة أشياء بدت لي عاديّة لاتستفزّني في تلك اللحظة:ولا تثير فضولي:

مذياع صغير من عام 1966 على شكل صندوق توفير لا يعمل إلا إذا وضعت في فتحته من الأعلى قطعة نقود فإذا ضغطت بإصبعي على القطعة عندئذ تهوي إلى قعر الصندوق فيصمت المذياع.

ثمّة أيضا وعاء شاي ابتعته في سبعينيات اقرن الماضي من سوق الخزافين. وعثرت على عملات نقدية من فئة الخمسة فلوس والعشرية والخمسين.

أوراق.. نقدية قديمة مصفوفة في رزمة ذيلت بورقة لم تتسرب إليها الصفرة.

محفظة جلدية وصلت عام 1969 هدية من القسم العربي في هيئة إذاعة اليابان هدية عن الفوز بإحدى المسابقات التي لم أعد أذكرها.

قلم حبر علامة سايكو: اشتريته في السنة الجامعية الأولى. دائما أراهن أبي الذي يقول إن علامة باركر أفضل من سايكو وكان بعض زملائي في الجامعة يفضلون علامة شيفر..

مشط من النايلون لشعر مجعد فاحم كان ذات يوما غزيرا فأصبع مع السنين بضع شعرات تتناثر على جانبي الرأس.

مقراضة الأظافر.

كراس خريجي دفعة عام 1971 بالأسماء والصور.

ركوة قهوة لا أستطيع أن أقول عنها قديمة مثل قلم الحبر وكراس الجامعة.. كنت منذ سن المراهقة أحبّذ القهوة على الشاي. لاأستسيغه أشرب فنجان قهوة كل صباح على الريق وأبقى أتلذذ بطعمه المر على طرف لساني. من أجل المرارة التي أتلذذ بها لا أفطر بعض الأحيان.

هذا الخاطر يسطع في ذهني الآن.

لا أكثر.

أما الشوكة والسكين فكان لهما لون آخر لا لكونهما أقدم محتويات الصندوق زمنا، كانا قد دخلا البيت منذ بداية أربعينيات القرن الماضي، بل لأنهما يعنيان عندي الشئ الكثير.

معنى آخر

علاقة عميقة تشدني إلى قريتي التي انمحت من الوجود بسبب حرب الخليج الأولى.

وإذ أتحدث عنهما فإنه يمكن أن أن أتكلّم عن سيرة قرية بكاملها أو شخص ما وربما عدة أشخاص.

هل يُعقل ذلك؟

بعد عقد من الزمان وأكثر.. كل هذا الخراب الذي شاهدته وكل تلك التفجيرات والحرب الأهلية التي تحيطني من كل جهة حالما وصلت لا يثير اهتمامي إلا صندوق صغير يضم بعض القديم الذي نسيته تماما وتلاشى من ذاكرتي.

لكن لماذا اختارت والدتي الشوكة والسكين فجعلتمها من محتويات الصندوق.

تقول لي أختي المرحومة تركت لك هذا الصندوق لم تسمح لأحد أن يفتحه وطلبت منا أن نسلمه لك وكانت تبتسم ابتسامة مرة وتضيف:لك أن تتصور أنها لم تقبل أن نتصرف بالنقود التي وضعتها مع الأشياء الأخرى قبل أن تفقد قيمتها وكنا في ذلك الوقت بحاجة لها.

امتدت يدي نحو الرزمة ونزعتها من الحبل المطاط فتوزعت بين يدي النقود بعضها ارتسمت عليه صورة الرئيس عشرة آلاف دينار .. البنك المركزي العراقي. وبعض منها مازالت تحتفظ بصورة الملوية الشهيرة، فأهزّ رأسي وأقرأ:

عشرة آلاف دينار للغائب الغالي حصته من إرث المرحوم والده.

التفت إلى أختي:

أظن هذا خطك؟

نعم وأكدت ثانية كالمعتذرة:

أبدا لم تكن تسمح لنا بالتلاعب بنقودك

فغطيت على تأففي بابتسامة:

على الاقل كنتم تستفيدون منها زمن الحصار مثلما قلت.

وقد أعرضت عن كل المحتويات ماعدا هذين الشيئين اللذين بانا غريبين وسط حشد من سلع متباينة فأغلقت الصندوق برفق وهززت رأسي رحت أتمتم مع نفسي:

ياله من زمن طويل وجدته أمامي ينحشر بصندوق خشبي صغير على شكل أشياء متباينة ليس بينها من رابط في سوى شيئين لم يكونا ليعودا إليّ وحدي مثل بقية الأشياء..

**

الفصل الثاني

على مشارف الخراب

هل كان الصندوق يلاحقني طوال تلك السنوات المرة أم ينتظرني وأنا في غفلة عنه؟

شئ محير حقا

مدة طويلة مرت وانا غافل عن الشوكة والسكين عبرت حرب الخليج الأولى ففر أهلي إلى البصرة ولم تعد قرية نهر جاسم تبدو للرؤية

انقرضت

تلاشت

عاشت في الضمير فقط

وقتها تابعت أخبارها وأنا في لندن من المذياع.. النخيل تهاوى.. الأنهر اندرست.. البيوت البسيطة الجميلة تساوت مع التراب .. لا عنب ولا رمان.. ساحة معركة.. تلة عريزة مقبرة الأطفال.. . رصاص ودبابات.. ألغام فحسب هذا ما سمعته من جميع الإذاعات .. القرى الحدودية لم يعد لها وجود..

هذه المرة اعترتني فكرة أن أذهب وحدي. لم يمر على وصولي البصرة سوى أربعة أيام . منذ اليوم الأول انكشف لي الصندوق الخشبي الصغير فطلت علي الشوكة والسكين، استفزاني كأنّهما وحدهما يدعواني إليهما.. يتحدثان معي بلهجة ودودة غريبة.. فأرى فيهما سجلا لبعض مامر بعض ما وجدته في الصندوق انقرض بعامل الزمن أو تعطّل .. العملة فقدت قيمتها، انتهت العملات المعدنية. المذياع صامت لعله يعمل فَلِمَ أصرف وقتا لأبدّل بطاريته وأضع في شقه قطعة معدنية.

عبث..

حين أردت المجئ لأرى المشهد الذي سمعته قبل سنوات راودتني فكرة أن أذهب وحدي

لا أحب أن يشاركني أحد رؤية هذا الخراب العظيم

هناك مسحة جمال في كل شئ

الدمار نفسه يكون أحيانا جميلا فاتنا يجذبك فتطيل النظر إليه. تنبهر به

قال لي سائق سيارة الأجرة

هذا هو الطريق العام

أليس هذا ضريح الولي السيد جاسم؟

نعم ياسيدي

سأبقى بعض الوقت هنا هل يمكنك أن تعود بعد ساعة؟

نعم ياسيدي خذ راحتك . أدّ نذرك لكن احذر أن تتوغل في العمق الطريق وحده آمن من الألغام

شكرا لك

كيف لم تُودِ الحرب بالضريح، أهي معجزة أخرى؟أظن الآجر نفسه، والباب القديم، وهناك:صاحب الشوكة والسكين نفسه أدى نذرا ذات يوم للسيد جاسم. فأصبح شاهدا على إحدى المعجزات.. نجس لم يجرؤ على الزيارة لكنه اشترى خروفا وطلب من مختار القرية حسين صعيبر أن يذبح الخروف بباب ضريح السيد ويوزعه على الفقراء،  وقتها كما شاع بين الأهالي أن ابنة مستر دوسن مرضت بطاعون الكوليرا الوباء الجديد الذي غزا العالم من أقصاه إلى أقصاه فجلبت لها إحدى الفلاحات العاملات في القصر علقا من ضريح السيد جاسم فشفيت.

وكذوبان الملح في الماء التفت فرأيت أن قصر مستر دوسن ذا الآجر الأنيق والحديقة الواسعة اختفى فتساوى مع التراب.. وتلاشى المسبح المهجور الذي بناه أمام قصره، لقد سكن ذلك القصر الجميل ابو محمد جاسم العبد حالما غادرت العائلة الإنكليزية القرية وسكن فيه يفلح الارض لمالكيها الجدد حتى استعرت الحرب.

عادت نهر جاسم إلى صيغتها الأولى

قبل أن ينتشر فيها النخيل بعدما انحسر طاعون الحرب العظمى.

هل كل ذلك يمر بدقائق وينتهي إلى التراب؟

أم أن القرية كانت مسحورة ظهرت مدّة وغابت فجأة عن العيون؟

أما الضريح نفسه فقد بقي وحده يروي بصمت جليل عن كل ماجرى من أسرار ومعجزات.

راودني شعور أني شحص غريب أزور المكان للمرة الأولى

صحفي

عابر سبيل

سائح.. جلس في الباب يستريح وصرف نظره عن شماله حيث القصر الذي كان والمسبح

تطلع باتجاه القرية من على يمينه فوقع بصره على امتداد لامتناه. النهر الأعمى اختفى. غاب النهر المالح. النهر الكودي . بقايا النخيل تدعوه كساحرات يحببن أن يقدنه فيما لو تحرك من مكانه إلى تلة عريزة حيث يدفن الأهالي جثامين الأطفال الصغار ثلاثة إخوة له ولدوا موتى التهمتهم عريزة، . والتلّة نفسها اختفت وبقيت الساحرات يحطن بها عن بعد. وتلك أحب النخل إليه النخلة الأصغر سنا من الجميع في الصف عن يسار باب البيت الكبير الخلفي سماها نشوة كان يشهق من الغبطة حين يرى في عذقها تمرة مثقوبة يتجمع في حفرتها الصغيرة سكر لسائل لزج يروح يمتصه ولا يجد لحلاوته شبيها.

بصري كاد يتعب وأنا أشطر نفسي بين شخص عاش في المكان وآخر غريب يراه عن بعدبصر

كأني غفوت

كنت غريبا عن نفسي

كانت العائلة تأتي إلى البستان من التنومة كل يوم خميس لتعود في إلى التنومة عصر اليوم التالي.

والآن دفعتني إليه الشوكة والسكين

إذ

لم يبق من الخراب العظيم سوى هذا المكان، أما بصري فيفترض أن المشاهد التي اندرست كانت على وفق ماتصورتها من قبل!

تخمينات لاغير

وفي غفوتي التي طالت رأيت بياضا يأتي من بعيد.. يتخطّى إلي أخاديد الأرض من جهة الحدود. أعرفه ليس رجل الضريح المهيب الذي قلب السكين ووضعها على رقبتي في عاشوراء وصاح الله أكبر بل القادم الغريب. المهيب السيد جاسم نفسه يطالعه بابتسامته الرزينة، لم يتكلم بل يضع يده اليمنى على كتفي:

هل أديت نذرك ايها الاستاذ

أنتبه

أرفع بصري

فإذا هو السائق الذي عاد وراح يهزني برفق من كتفي فرفعت راسي أسفا على حلم ضاع قبل أن يتمّ ولعل السائق أحس بما يجول بذهني فقال كالمعتذر:

آسف استاذ قلت لي أن أعود بعد ساعة!

**

الفصل الثالث

في البدء كانت الشوكة والسكين

أظن أن حكاية طويلة عريضة بدأت معهما حالما فتحت الصندوق..

أرجع للتاريخ نفسه:

عام 1930 وربما قبل ذلك العام ببضع سنين قدم مستر دوسن إلى المكان ذاته. كانت عدما لا أحد يعرفها لا نخل فيها ولازرع. امتداد خاوٍ إلى الحدود.

فراغ

برّ تسرح فيه الذئاب وبعض الضباع

وخنازير تتمرّغ في مستنقعات ضحلة تخلفت بمحاذاة الضفاف من ماء ينضح تسرّب من النهر.

عندئذٍ

بنى القادم الغريب الوجه واللسان قصرا على بعد مرمى من الشط الصغير سماه الناس بعدئذ (بيت جوك)، كانت هناك بعدئذٍ غابة من االبرحي والحلاوي والساير ذي البلح الطولي والزهدي والخصاب.. غابة تسبح بالضوء وتردّ الحرّ اللاهب بظلال نخلها كانت هناك سواقٍ تجري مع المدّ، و يشخص بين النخيل برقوق وعنب وتين ورمان وعندما أزهر النخل وتلألأت عناقيده راح مستر دوسن يبع الأرض الواسعة التي زرعها في الفراغ..

من أين جاء بالنخل؟لا أحد يدري

ولا تعتريني الدهشة إذا عرفت أن والدي اشترى بستانا من مستر دوسن. رأيته وأنا صغير أجمل أرض. صديقتي النخلة القريبة من باب البيت الخلفي كانت فسيلة وقد كبرت وعانق سعفها سطح بيتنا القديم. حين غادرت البلد . من الغريب أني لم أر الشوكة والسكين حين كنت صغيرا في نهر جاسم. ليست هناك من مناسبة لأراهما بل سمعت من أمي وجدتي أن والدي بعد أن عقد صفقة مع مستر دوسن لشراء الأرض دعاه إلى مأدبة:

قاطعت جدتي بفضول:

لِمَ باع مستر دوسن الأرض؟

أراد أن يرجع إلى بلده؟

ويقول أبي: ياولدي الإنكليز أحسوا أنهم لن يبقوا طويلا في البلد ففضلوا تصفية ممتلكاتهم في العراق.

يعني عرفوا ستكون 14 تموز؟

الإنكليز دهاة يعرفون كل شئ

متى اشتريتها منه ؟

عام 1943

يعني قبل أن أولد بسبع سنوات والتفت إلى جدتي:

هل رأيت مستر دوسن؟

لمحته مرة أو مرتين وهو يعبر على حصانه إلى أرضه في (حسجان) قبل أن يبيعها كان طويلا نحيفا تكاد رجلاه تخطان في الأرض يتقي الشمس اللاهبَه بقبعته وكلما مرّ من أمام ضريح السيد جاسم رفع قبعته يحيي صاحب الضريح.

تضيف أمي بكلّ حماس:

صحيح أنه نصراني يشرب الخمر لكنه والحق يقال كان يخاف من السيد وقدم نذرا للضريح بعد أن شفى ابنته من الكوليرا.

لقد تطبع بعاداتنا هو وعائلته

أهل نهر جاسم يتداولون إنه نصراني الدين والهوى رؤوا قسسا يزورونه وأجانب يقصدون قصره، لكنه مسلم السلوك، والدين .. أخلاق رفيعة تنقص الكثير منّا نحن المسلمين. ماعلينا منه ومن دينه الم يبن لنا مدرسة ابتدائية في الدعيجي ووعد الأذكياء من التلاميذ والمتفوقين منهم ببعثات إلى لندن. وحين سألوا الشيخ إمام جامع العشّار قال إذا عاشرتموه اغسلوا الصحون بماء النهر الجاري وامسحوا مكان جلوسه بخرقة مبللة بالماء.

ذلك كاف لأن يزول معه كل دنس ورجس.

قبل الدعوة بيوم ذهب أبي إلى العشار اشترى شوكة وسكينا، لم يدع أحدا مع مستر دوسن وربما كان هو الوحيد من بين الذين ابتاعوا الأرض الذي دعا السيد دوسن إلى وليمة. جلس بسرواله على الأرض. تربع مثلنا .. كان أبي يمدّ يده إلى الطعام. ويرفع المستر دوسن الشوكة والسكين ويتمتم مع مضيفه بالبسملة.

ثمّ

بعدها

غسلتهما أمي والصحن الذي أكل منه بماء نهر المالح الجاري وكانت تبسمل!

**

الفصل الرابع

اكتشاف

ذات يوم، عبثت برفوف المطبخ فوقع بصري على الشوكة والسكين في الرف اليمين فوق حنفية الحوض أكاد من قبل لم أرهما، ولا أعلم أن ابي أو أمي استخدماهما. كنت أحيانا أعبث في درج المطبخ والرفوف ذات الأبواب المعدنية لعلني أعثر على قطعة حلوى أو فتات سكر .

حملتهما إلى أمي كأني عثرت على كنز ثمين:

شئ غريب في بيتنا.

هل تسلقت إلى الرفوف لا أظن أن هناك سكرا أوبعض حلوى

ماهذا؟

هذان اشتراهما والدك للمستر دوسن يأكل بهما.

تخيلته هذه المرّة شأني كلما سمعت باسمه، ولم تكن صورته لتثبت في ذهني بصيغة واحدة، مرة أراه رجلا أبيض ا شقرة يلبس الطربوش أو من حاسي الرأس، وفي كثير من الأحيان أتخيله راكبا حصانا أحمر بيل أبيض، وحين دعتني والدتي إلى الطعام، تركت الملعقة جانبا، ونططت إلى المطبخ أخرجت الشوكة والسكين وعدت إلى طعامي.. في القرية كاننا نأكل-شأن الآخرين- بأيدينا لكن العائلة بعد أن استقرت في المدينة اخذت تأكل بالملعقة. الاسرة كلها من دون استنثاء والدتي ووالدي يحنان إلى الأكل باليد. يريانه أكثر ثوابا بل الأفضل أن نمص أصابعنا. أثرت دهشة أمي فقالت:

هل أصبحت إنكليزيا ؟

وسخر أبي وهو يعوج فمه yes ok

ثمّ استغرق في ضحك طويل وعقب:

هم يمسكون السكين باليمنى والشوكة باليسرى يلتقطون بها الطعام

حولتهما كما قال أبي أما أمي فقد انحنت والتقطتهما من يده وهي تقول:

ايها المتنكلز كفى لعبا كل بالملعقة وإلا سيطير الطعام من بيتنا!

لا عليك أدرس جيدا وانجح بمعدل عال وسوف أبعثك إلى لندن إن شاء الله لتدرس وتعود لنا طبيبا أو مهندسا.

تضيف جدتي:

الله على كل شئ قدير يا عبد غسع وأنا أعينك.

ترى يا أبي لو بقي دوسن في نهر جاسم لكان يرسلني إلى لندن؟

تعلق أم ثانية:

 وأين هي المدرسة التي أسها في الدعيجي حالما باع البساتين أغلقت الحكومة لاوفقهم الله مدرسة الدعيجي وإلا لكان أخواك الآن في الثانوية..

وعقب الأب متذمرا

والله لولا دراستك وسهولة النقل لما تركت البستان هناك واشتريت بيتا في التنومة!

تضيف جدتي:

البركة فيك خسر أخوك الكبير المدرسة أنت وأخوك سمير (كان يجلس جنبها في أغلب الأحيان وتدلله أكثر منا لكونه الأصغر) فيكما شدوا حيلكم المدرسة قريبة من البيت.

ولم تكن تلك هي المرة الأولى، فقد أعرضت عن الأكل بهما تأملت في قول أمي أننا نتناول الطعام باليد اليمنى اما مع السكين والشوكة باليد اليسرى فإنّ البركة تضيع . كنت أمثل فقط وأقلد الأجانب فقط أجلس ألعب مرة دور المعلم وثانية ضابطا هكذا أتخيل نفسي ومرة أخرى إنكليزيا في التمثيل نفسه الذي يلجأ إليه الأولاد بعض الأحيان أحول الشوكة إلى اليد اليمنى من أجل البركة وقد خرجت ذات يوم إلى الشارع فسألت اصحابي في بيت أيّ أحد منهم شوكة وسكين. لو قلت سكينا وحدها لأثار السؤال سخرية الجميع إذ لا بيت يخلو من سكاكين وقد اعترضوا جميعهم:

الشوكة حرام نعم حرام

فأجبت مفتخرا:

نحن لا نأكل بهاي لكن والده اشتراهما حين دعا المستر دوسن. في نهر جاسم إلى طعام غداء.

في نصوص اليوم