نصوص أدبية

إباء اسماعيل: على قَدْرِ جنوني

دَفنْتُ كلَّ أسْراري

في تُربةِ ذاكرتي المَنسيّةْ

على قدْرِ جنوني أنطَوي خجلاً

فالملائكةُ كلّما استبدَّ بها حريقُ الشَّمسِ،

حلّقتْ في الريحِ

تسْتجدي الغَمامْ..

لا الاحتراقُ يليقُ بها

ولا التّرابُ يحضنُ وجودَها!!

على قدْرِ جنوني أَبْتَعِدُ

إلى الوجْهَةِ المعاكِسةْ

حيثُ ظلُّكَ،

في الطَّرفِ الآخَرِ من قِبلَتي

تلك التي لا يعرفُها أحدْ

على قدْرِ جنوني أُكابِرُ ..

لمساحةِ حريّةٍ أتوق للسباحةِ فيها

حتّى غَرقي في أمواجك العاتيةْ،

حتّى تَبَخُّري

في سماءِ روحِكَ البعيدةِ،

القريبةِ .. القريبةِ.. القريبةْ ..

حتّى استوائي على عرِشِ الشِّعرِ

بلا أحرُفٍ أو قوافٍ

أُحَدِّقُ في أعيُنِ الصَّيفِ و هي تتلظّى

مِنْ تَراكُمِ أمواجِ العشّاق الناريّةِ

في حَدَقاتِه المُتلألئةِ بالضوءْ...

لا أجيءُ إليكَ أبداً ..

تلمحُني كسرابٍ أو مومياءٍ

أو ملكةٍ مهزومةْ ..

أنا تَراكُمُ تاريخكَ

و ذرَّاتُ مستقبلِكَ

المعبّأ برمادِ جثتِكَ القادمةْ ..

لا تحترِقْ لأجلي ..

لا تَمُتْ على عشْبِ قصيدةٍ

حفرَتْها شَفتاكَ يوماً فوق جسَدي

لأنَّكَ فيَّ سيمفونيةُ الموتِ والبعثِ معاً ..

رمادُكَ ناري

وبوصلتُكَ قِبْلَتي

و خسارتُكَ معركَتي الرابحةْ...

في كُلِّ ركنٍ أعصفُ فيكَ

أُقبِّلُ أجزاءكَ المتناثرةَ في أجزائي

نُصبحُ بلّوراً من قُبلاتٍ سامقةْ...

يصيرُ بلّورُنا ماءً عذْباً،

عسَلاً

وأنهاراً من بنفسجٍ

وأمنياتٍ مجنونةْ..

هي جنَّتُنا الباقيةُ

على هذهِ الأرضْ ..

**

لا تعبأْ لجنوني المُستباحِ

من تاريخكَ المكنونِ فيَّ

هُنا نرقدُ بسلامٍ معاً

أمواتاً .. أحياءً .. لا فرقَ

طالماً أننا معاً

نَستنشقُ عبيرَ الإلهْ

في جنّتهِ العليا من العشق الخارجِ

عنِ أسوارِ الموتْ!!

***

شِعر: إباء اسماعيل

 

في نصوص اليوم