نصوص أدبية

علوان حسين: القليل من صبرها

ماذا كان يحدث لو أنها منحت القليل من صبرها؟ كنت أريد أن أشاركها حزنها. ولو استطعت أخذه عنها، أحمله فوق ظهري كما تحملت الشقاء في أوقات ٍ سالفة. كنت أريد أن أستبدل حزنها مسرة ً وبهجة ً. لم يغوني وجهها الحلو، الحزن أشد إغراء ً من الزهور حين ينساب برقة الدمع من عينين يشع فيهما الكحل كالليل في مرآة القمر. الحزن على وجه ٍ جميل ٍ يسرق القلب حتى يكاد ينخلع معه، ينفرط كحبات الدمع. هو القلب ليس سوى بركة ٍ من دموع. كنت أود أن نسافر معا ً هي وأنا في مركبة تقودنا نحو النجوم. قطار يأخذنا معه إلى مدن يختلط فيها الحلم بالواقع والحقيقة بالخيال ولا نعود نحن كما كنا من قبل. هي إبتعدت كذلك أنا فعلت. أخذت معها النهر وتركت لي حرية السباحة في نهر ٍ من كلمات. أخذت حقيقتها ولم تترك لي غير صورتها تلمع كالسراب في ذاكرة الصحراء. يقسو علي َّ طيفها حين أجلس قرب النبع ومعي صوتها. لا ذكرى لي معها سوى هذا الهواء المقطّر من صوتها.

كم تبدو المواعيد بهيجة ً إلى قلب العاشق ؟ لا مواعيد لي معها ولو سرية ً كأني كنت أتطفل على قلبها ! الجرح في القلب أم هي القصيدة ترينا الحب على شكل طفل ٍ تهفو له الأفئدة ؟ الكلمات تخترع لشاعرها امرأة ً تولد من قصيدة. كأن السراب سال وأغرى الحنين ليشق الطريق إلى الذاكرة. كأنما الأحلام تتسرب خائفة ً منا أو علينا لم نجد سوى الذكريات مشفقة ً بنا. نسيت مكاني ومكانتي منها وتكلمت مع صورتها  بلغة ٍ ضبابية ٍ لم يفهمها سوانا هي وأنا. ليت البنفسج وهو يسرق رقته من جمالها وتلك الهشاشة في صوتها يقتسم معي الذكرى بها. غامض كالبنفسج حبها. وكالبنفسج لا يمكث طويلا ً لكنه يجلس مبجلا ً كصخرة ٍ في طريق ٍ بين الحياة والموت.

***

علوان حسين

في نصوص اليوم