نصوص أدبية

عبد المجيد المحمود: غواية الحرف

مرَّةً كنتُ أكتب

مرَّةً قصيرةً

بعدَها صرتُ أبكي

صيرورةً طويلة

*

مرَّةً جرَّبْتُ أنْ أكتب

و منذئذٍ

لا زلتُ أبحثُ عن دواءٍ

يكفيني شرَّ هذا الإدمان

*

كتبتُ مرَّةً

كوصفةٍ من عاشقٍ فاشلٍ

لرجلٍ مصابٍ بالأرق

فاحترقَ النومُ للأبد

*

أحببْتُ أن أكتبَ

لأنَّ مُلهَمًا قالَ لي:

أنْ تكتبَ يعني أن تكون حرًّا

و في تلكَ اللحظةِ

غدَوْتُ أرسفُ في قيودٍ

تحزُّ معصَمَي روحي

*

الكتابةُ شكلٌ واحدٌ للحياة

و أشكالٌ عديدةّ للموت

*

سقطتُ مرَّةً في بحرٍ من الحروفِ النورانيةِ

فالتقمَني حوتٌ من قضبانِ عتمة

*

فتحتُ قلبي لحرفٍ شقيّ

فارتكبْنا معـًا الإثمَ

و أنجبْنا أبناءً غير شرعيِّين

تسجّلُهم كلُّ البلادِ مكتومين

*

مرَّةً كتبتُ

فأصبحتُ عصفورًا حرًّا

حرًّا..حرًّا

يحلّقُ في

قفص

*

مرَّةً كتبتُ

فانهالَتْ معاوِلُ عتيدةٌ و أُخَرَ رديئاتٌ

على حروفِي

شجَّتْ رأسَها

فانثالَت دماؤُها إلى الّلاشيء

لكنَّ حروفيَ لم تَثُبْ إلى غيّها

و عادَتْ من جديدٍ

إلى المعركة

*

مرَّةً كتبتُ

و كنتُ قد اختبأْتُ وراءَ ظلِّ امرأة

فإذا المجدُ يدندنُ معزوفةً

في حِماي

*

مرَّةً كنتُ على شَفا هاوية

فكتبتُ

و تعلّقْتُ بقشَّةِ كلماتي

فرأيتُ الموتَ في القاعِ يقهقهُ

لغبائي

*

لا تكتبْ حينَ تشتدُّ الرِّيحُ

فإنّها لا تؤمنُ

بالقصائدِ الخرقاء

قالَ لي أبي الّذي لا يحسنُ الكتابةَ مرَّةً:

اكتبْ

فإنَّ الصفحاتِ أفضلُ ذاكرةً من الولد

***

شذرات نثرية

د.عبد المجيد أحمد المحمود- سورية

 

 

في نصوص اليوم