نصوص أدبية

نضال البدري: مخلوقات غريبة

قال الاطباء انها لن تعيش طويلا بسبب فتحة القلب التي ولدت بها. بالإضافة الى ضيق في حدقة العين اليمنى التي ستضعف بصرها مع مرور الوقت ان لم تخضع لعملية تصحح بصرها. ربما اكتملت اسنانها قبل ان ينمو باقي جسدها او تطول قامتها ولو بشيء قليل، كانت كثيرة البكاء، هزيلة كدمية مصنوعة من القماش تتلوى ولاتقوى على الوقوف.

نمى عقلها قبل جسدها الذي مازال ضئيلا نحيفا. كانت تعي وتشعر بالحرج من نظرات العطف والشفقة وتتسأل لم ولدت هكذا لا تشبه اختها الاصغر؟ التفت لها العناية الالهية وحظيت فجأة باهتمام الاطباء والمنظمات الانسانية التي راحت تتبارى في دعم ذويها ماديا ومعنويا.

اما هي فكانت لا تضحى سوى بنظارات طبية جديدة ودمية تنام الى جانبها ليلا تهمس في اذنها وتحدثها عن مدى حزنها وكيف ان الجميع ينظر اليها كمخلوق غريب عكس اختها التي كانت تحضي باهتمام وحب كبيرين من والديها كونها الطفلة الجميلة التي لا تعرضهم للأحراج.

كانت خزانتها مليئة بالفساتين الانيقة، اما هي فكانت ثيابها تقتصر على بنطال وتشيرت وحين تسال والدتها لم لا تلبسيني مثل ثياب اختي!؟ ترد عليها جسدك نحيل سيكون مظهرك مضحكا ومحل سخرية فيما لو ارتديت ثوبا.

ثمة نقمة في داخلها بدأت تكبر وشعور بالوحدة يسكنها وهي تحدث نفسها هل ستظل حبيسة داخل هذا الجسد الضعيف المريض هل تتحرر منه ام تتحرر ممن حولها. ام ان هذه المصائر مرتبطة ببعضها البعض او ان بعضها يستدعي ان يكون سببا لوجود البعض الاخر.

الشروخ داخلها بدأت تكبر وتكبر، واصبحت تصغي للصوت داخلها الذي يحثها على ان تلقن امها واختها درسا، وان يكون لها جناحان تطير بهما بعيدا اهلها ومدينتها، كان الليل وسكونه الوقت المناسب لتنفذ ما كانت تفكر به اوقدت شمعة وسارت بخطوات واثقة كمن تسير في قداس له طقوسه الخاصة وتوجهت نحو غرفة اختها وتحديدا الى الخزانة التي تضم فساتين اختها المزينة بالدانتيلا والزهور، كانت اختها تغط في نوم عميق باسترخاء مرتسم على وجهها.

فتحت باب الخزانة وثبتت الشمعة اسفلها وراحت النيران تلتهم اذيال الفساتين بنهم وسرعة كبيرتين، خرجت البنت هاربة الى غرفتها مذعورة ورمت بنفسها تحت السرير وهي تسد اذنيها بيديها وشعرت بشيء يتحرك في سروالها، يسري فوق جسدها الصغير يرتجف.

***

نضال البدري

 

في نصوص اليوم