نصوص أدبية

صبيحة شبر: حلم ينبثق

اجرى الطبيب عددا من الفحوصات للمريضة التي اكثرت من مراجعة عيادته وهي تحلم بايجاد امل عله يتحقق على يديه :

- لا امل لك سيدتي في الانجاب، جربنا عددا من الطرق ولم تنجح احداهن، يمكنك ان تتعايشي مع الوضع والا تستمري في البحث عن امل جديد لا يجدي نفعا كل الاوقات

- ولكن احدى صديقاتي انتظرت عشرين عاما بعد زواجها حتى تحقق املها في الانجاب!

- مثل هذه الحالات شاذة لا يمكن القياس هليها عندنا نحن معشر الاطباء، نحن نؤمن بالأرقام والبحوث الجديدة تنص انه لا يوجد امل دائما ...

تصمت المريضة ...هي لم تعتد على اليأس، كل حياتها تناضل من اجل تحقيق احلامها التي تبدأ صغيرة ثم تكبر وتنمو، الى ان تصبح شجرة باسقة كثيرة الأغصان متلالئة الثمار، وهذا الطبيب يدعوها الى ترك الأمل لأن عدم الوصول الى تحقيقه يولد عند الكثيرات نوعا من الفجيعة لم تعتد نفوسهن المرهفة عليها ..

زوجها الحنون الذي رافقها في كل سفراتها الباحثة عن علاج في الدول المنقدمة، ويدرك مدى اللوعة التي تحيط بنفسها المتطلعة والتي لا تعرف اليأس ابدا وتبذل كل ما في وسعها لانبثاق امل جديد، هما الاثنان لا يعرفان القنوط، هما يؤمنان بقدرة الانسان على ايجاد سبل السعادة والقضاء على طرق الحرمان التي يكابدها الكثيرون، حياتهما حميلة سعيدة يتعاونان فيها في كل الامور، وهما متشابهان في التطلعات والاهتمامات وكل ما تفكر به الزوجة يشعر به، وكل ما يخطر على بال الزوج تحس به قبل ان يبوح به، كل المعارف والأصدقاء يغبطونهما على نوعية الحياة التي يعيشانها وعلى الاهتمام الكبير يبعضهما والتعاون في تسيير دفة المنزل، وقليلا ما تحدث عندهما الخلافات بشان توزيع الاعمال بينهما فكلاهما عاملان ومن طبيعة المرأة في عالمنا ان يكون علبها من الأعباء النصيب الاكبر، ولكن زوجها كثيرا ما اقترح عليها ان يساعدها بعض الاحيان في الاعمال المنزلية التي يقدر عليها، فهو لا يحسن الطبخ ولا غسل الملابس ويمكنه ان يغسل اواني الطبخ بعض الاحيان ان كان لا يتعارض عمله هذا مع موهبته في القراءة والرياضة التي تهتم بها الزوجة ايضا ولكنها تجد الوقت الكافي لقراءة كتاب معين استرعى اهتمامها او اداء بعض التمارين الرياضية التي تحبها وتجدها تحافظ على صحتها ولياقتها االبدنية ..

راجعت العديد من الاطباء والطبيبات أملا في احراز امل، ولكن كل نصائح الاطباء بان لا امل يمكن تجفيفه لم تجدي عندها وبقي الطموح والثقة ناصعين كبيرين، صار لهما عشرون عاما من الحياة الزوجية ولم ينجحا في تحقيق املهما المشترك ..

بعد ان زارت اخر طبيب وقال لها:

- لم يجد الطب دواء ناجعا لحالتك سيدتي!

- لكني لن اترك املي في تحقيق ما اصبو اليه

- الطب يتطور، وهناك ابحاث تجري في امريكا للعثور على علاج لحالتك سيدتي ..

- متى يصل الينا هذا العلاج؟

- لم يصلوا هم بعد!

لا تبالي بتوجيهات الطبيب وتعود الى بيتها ولكن الأمل ينتصر، يقول لها زوجها:

- يقول الاطباء ان العيب مني، يمكن ان نتطلق وتبدئي من جديد

- ولكنك مثلي تريد ان تصبح ابا!

- النساء أكثر رهافة من الرجال وأكثر طموحا ان يصبحن امهات، ومن العار ان ابقيك معي لتزداد معاناتك وحرمانك من تحقيق ما بقيت طوال عشرين عاما تأملين به ان يتحقق!

- لن ارض بهذا الاقتراح، وسوف ننتظر معا حتى يتحقق ما نريد، كلي امل يا حبيبي ان نجد حلا لمشكلتنا التي وجد الكثيرون لها حلولا ومثال ذلك صديقتي سهام التي بقيت بعد الزواج عشرين سنة، ولم تنفصل عن زوجها وبقيت مع رفيقها يبنيان حياتهما معا ..

- يقول الأطباء ان وضعنا يختلف عن وضع صديقتك سهام، شرحنا للاطباء حالتها ولا يمكن ان تكون كل الحالات متشابهة ولها علاج واحد!

- سوف نجد بديلا! ولن اوافق على الانفصال!

- لك ما تريدين، وحين تقررين الانفصال أكون تحت أمرك، يقول الطب لا امل في حالتي انا وليس في حالتك انت، فلنجرب الانفصال، لتتمكني من العثور على ضالتك!

- لا جواب عن طلبك عندي، انا متمسكة بجياتنا معا ... أجد السعادة معك ..

- سعادتك مع الطفل اكبر!

يذهب الزوج لينام تبقى المراة ساهرة، فقد تلقت اتصالا هاتفيا من شخص لا تعرفه :

- انتظري سيدتي هذه االليلة سوف اقدم لك هدية تفرح لها نفسك، في تمام الساعة الثانية صباحا ..

- اقدم لك هدية جزاء تعبك ولهفتك، ولدت انا طفلين جميلين لم يعترف بهما الحبيب الذي قدمت نفسي اليه، سوف اعيش مطمئنة لانهما عندك ..

تنظر الى ساعتها تجدها في الواحدة والنصف، تعمل لها كوبا من عصير الليمون، وفي الوقت المحدد يدق باب المنزل بخفوت، تذهب لفتح الباب، تجد عربة صغيرة فيها طفلان يضحكان ولدا قبل ايام، وفي العربة رسالة مطبوع على الالة الكاتبة فيها :

_ اقدم لك هديتي هذه، فقد تخلى عني الرجل الذي احببته وقدمت له نفسي، سوف اكون مطمئنة ان طفلي عندك

***

صبيحة شبر

10 آب 2022

في نصوص اليوم