نصوص أدبية

عادل الحنظل: يوتيبوري

تمرّدْتُ على المَدينة

ليسَ للآهاتِ فيها صَدىٰ

يعيدُ على مَسمَعي بوحَ سريرَتي الحَزنىٰ

وحينَ خانَتْني حانةُ الليل

مع النِساء ...

وعارضاتِ الهَوىٰ

وجرَّدَتْني الخداعَ ألسِنَةُ الشُموع ...

خرَجتُ مُنسلّا بين أوجُهٍ قرمزيّة

أبحثُ في جُيوبي

عن مسبَحةٍ مَنسيّةٍ

وأدعِيةٍ طواها ضَبابُ الذاكرة

**

في أزقّةِ يوتيبوري*

يتوسّدُ الشارعَ حَجَرٌ نَظير

يَكتمُ لونَهَ غَضَبُ الأحذية

إنتَظِر!!

بعدَ بلّةِ مَطَرٍ صَيفية

يُريك بألوانِ قَوسِ قزح

مُؤخّراتِ النِساء

**

تحتَ نُصبِ جوستاف أدولْف**

في ساحةٍ يَعبثُ في أركانِها التأريخ

تكَوّرَ شيخٌ عليهِ ثيابُ دُمىٰ الحُقول

تَهتزُّ يداهُ كالسَنابلِ الخاوية

يُحدّثُ لا مُبالاةَ العابرين

كأنما يسبُّ سخطَ الملائكةَ

لعَقَ من شَفَتيهِ سَكيبَ البيرة

ليَسلِبَ آخرَ زادِ السُكْر

نظرَ الى ابتسامةِ التمثالِ

فاعوَجَّ فكّهُ بضحكةٍ بليدة

دمدمَ ساخراً

مُحترَمٌ لأنك من حَجَر

لو أنتَ مِثلي لنالكَ البُصاق

**

في سُرّةِ يوتيبوري

يَنداحُ مُتنزهُ قَصرِ المَلِك

وتحتَ شَجرةِ تفّاحٍ ألِفَتْ رائِحةَ البشَر

على ضفةِ البُحيرة

سيّدةٌ تفتَرِشُ صَمتَ أحلامِها  

على بساطِ الأورادِ المَنثورة

يَلمعُ في خَصائِلها خَجَلُ الشَمس

ويرقصُ في مُحيّاها انعكاسُ الماء

تلتَذُ بدِفئ جُفونِها

تنأىٰ عن أعينِ القنّاصينْ

نَظرتُ لغَفلتِها ..

أُسائلُ خَيبَتي

تُرىٰ من يَحتَلُّ نَشوتَها العَمياء

**

الرَبيعُ في هذهِ البِلاد

لقيطُ الشتاء

يَدفنُ عارَهُ الصَيف

**

هنا...

الخَريفُ مَحفلُ العُري

حينَ ترمي صبايا الشجرِعفّتَها

تراودُ فيكَ غرائزَ الإناث

تعرضُ فتنَتَها

وانحناءاتِ سيقانِها الملساءْ

تفتحُ أذرُعَها

تهمسُ في نُعاسٍ شَهيّ

لستَ وحدكَ عاشقَ الأجساد

**

يوتيبوري .. ذاتُ الصيف

قارورةُ عِطر

أجسادٌ تثأرُ من ملابسِها

جنائنُها مواقدُ للشواء

دخانُها يَخِفُّ بالنبيذ

أنهارُها من خُمور

ليثملَ فيها التائبونَ من الصَلاة

الباحثونَ عن الفردوسِ بلا دُعاء

المعرضونَ عن أعمارِهم

يوتيبوري .. عِلَّتي

فقد صَحا بيَ عِرقيَ المَجنون

يقودُني الى الظلام..

الظلام ..

ذلكَ الذي يلحَقُ بي ..

من بلادٍ طغىٰ بها الأولياء

**

عادل الحنظل

.....................

* يوتيبوري ثاني كُبريات مدن السويد وقد عشت فيها منذ 2005

** جوستاف أدولف هو مؤسس المدينة، وينتصب تمثاله في ساحة برونز باركن المركزية والتي يسرح فيها المدمنون على الكحول بهيئاتهم الرثّة.

 

في نصوص اليوم