نصوص أدبية

قصي الشيخ عسكر: هذا لغز..!!

نعم ولا.

هذا لغز؟

عذراء 80% 20% غير

بريئة؟

نعم

طماعة؟

جاء الرد:

طموحة

كتبت ثانية

تطمع

10%

باردة الأحاسيس

لا 80% 20% نعم

هل أجرت عملية ترقيع لعفتها

توقع10%

بدت السعادة تلوح على أساريري حين جاءت أجوبة الصديق المفترض مطابقة لما سمعته منها، فانسحبت من المقهى الغاص بالزبائن ومشاهد الرصيف الجميل إلى البيت، جلست أراقب المخترقين وأتابع صفقات المديرية وحركات موظّفيها.تناولت غدائي على عجل .. بعض الجبن وخضار، وحين حلّ المساء طلبت من الممطعم القريب (بيتزا) بعد ربع ساعة دفعت للعامل ثمن الطعام والبخشيش ولم أتعّمد النظر إلى وجهه، أغلقت االباب والتهمت طعامي على عجل ثمّ رحت أواصل عملي، قضيت اثنتي عشرة ساعة، بعدها اءني طلب من السيد المدير في أن أبقى في الشغل لظرف طارئ يتعلق بصفقات جديدة.استلمت الرقم السري للصفقة بالهاتف النقال، تحاشيا لأيّة محاولة تلصّص وعدت أكمن وأطارد.

مازال الوقت مبكرا والسعادة تفيض من وجهي:التقطت نفسا عميقا.. إحساس بالصداع والنعاس ينتابني.جاءتني بعد ساعتين إشارة من المديريّة، فأغلقت حاسوب العمل، واضطجعت على الأريكة الطويلة في صالة الاستقبال.الوقت متأخّر قليلا. الحادية عشرة.يمكنني أن أتصل بها.المشاعر تلغي الزمن، وهناك رغية تلحّ.وجدتها صاحية تسهر مع النّت.

داليا.

هل أنهيت عملك؟

قبل ساعات.

هناك أمر جِدّي أودّ أن أحدّثك عنه.

طبعا لم تغامر باالسطو

الحق فكرت.موهبتي تغريني لكنني لم أرد أن أتحوّل إلى شيطانٍ يؤذي الآخرين.

يوما عن يوم تكبر في نظري.

إذن هل تتزوّجينني.

ههه ههه

ماذا؟

ههه ههه

لِمَ تسخرين.

كنت أعرف ذلك قبل أن تنقذني من مصيبة الهاكر.

هذا ضرب من الخيال

بل الواقع

هل أنت واعية لما تقولين؟

وأصرّ على أني صاحية تماما ومسؤولة عمّا أقول.. !

أتأمّل قليلا:هل كانت تطاردني في غلفة منّي؟

كيف كنت تعرفينني؟

إسمع هل تؤمن بالعرافة؟

لا أدري؟

إسمع قبل أن ننقذني من ورطة الهاكر بشهر زارت أمي الشرق هناك التقت عرافا مشهورا كانت تثق به قبل أن يأتي أبي بها إلى الغرب قال لها أشياء عن المستقبل وعندما رجعت سألتني هل أحب مسلما؟

هل فاجأك الخبر

ذلك الوقت لم أكن أعرفك فأجبت بالنفي

النبؤءة..

الخرافة..

الهاجس يلوح من جديد .. على وشك أن تتحقق.. خطوات بيني وبينها، فأتفق معها على موعد، وأغادر الجهاز.

ارتميت على الأريكة، وسرعان ما غرقت في نوم عميق.لا أدري كم طالت نومتي غيابي الوحيد عن هذا العالم الذي أثق فيه.كأني قبلها يقيت صاحيا دهرا.حلمت أني أطير، وأستقلّ الحافلات، أركض في الشارع، أدندن مع نفسي، أعرف جميع لغات العالم، اخترق الجدران

سوبرمان..

لاحدود لقوّتي التي مارستها في شبكة العنكبوت

وحين صحوت، بعثت رسالة إلى السيد المدير أخبره أني مريض ولن أقدر على العمل اليوم.

من حسن حظي أني تآلفت مع الشارع في الحلم

الشّارع الذي لا نهاية له..

قبل الحلم راودتني شجاعة مذهلة في أن أحدد لقاءنا إلى مكان آخر غير منزلي أو مكانها .. هي المرّة الأولى التي أخرج فيها بعد أن مارست عملي الوظيفي من البيت.

هناك رهبة تولّدت في نفسي من الشارع

وقلق من الزحام

كأنّي أرى الشوارع تغيّرت ووجوه العابرين تختلف، هذه المرّة شحذت انتباهي إذ لم يكن يهمّني أن أتفرّس بوجوه االمارّة الذين ألمحهم من النافذة التي أفتحها كلّ صباح لأجدّد هواء البيت.. بعد انهماكي في العمل وقع بصري مرة أو مرتين على ساعي البريد وهو يسلّمني رسائل مضمونة، كنت أعرف أن الرسائل العادية تصل حين أسمع الشِق ّالمعدني أسفل الباب يصدر صوتا وهو يقذف إليّ بالرسائل.. بعض الأحيان أهبّ إلى شقّ الباب فأجد إعلانات لمطاعمَ وشركاتٍ حتّى هذا المشهد اختفى بعد أن حُوّلتُ كل مراسلاتي إلى النت.

كأنّي لا أحبّ أن أنظر إلى الوجوه

ولم اعد أبالي بأيّ مرض أو طاعون يجتاح العالم

يضع العاملون طعامي وشرابي أمام الباب فألتقطه من دون أن أنتبه إلى وجوههم ولا ألمس أحدا

لكنّي

خلال دقائق انتفضتُ من شرنقني

بوضوح أكثر: داليا دفعتني

حفّزّت في روحاً جديدةً

مغامرةً لذيدةً

ويبدو أَنَّهَا أخرجتني من عزلتي لأرى عوالم غريبة تحطيني.اتفقت معها علىى أن نلتقي في المنتزه القريب من محلّ.. سكني الشارع الثالث من جهة الدوار.. منتزه هادئ تعوّدت أن آوي إليه عندما اعتدت على الخروج.

كنتُ في شكٍّ من أمري

كلّ شئٍ تغيرت ملامحه

واستبدت ملامح التبدل في الشوارع

تشوّهت وربما ازدان بعضها بحلّة جديدة

هناك شئٌ ما غيّر المدينة

مشاهد ضاقت وأخرى اتسعت

المنتزه تفسه تقلص حجمه ورأيتُ بعض العمال وأدوات حفر من جانبه الجنوبي

قلت لا شكّ إنها عيني التي اعتادت على ضوء المنزل ترى المناظر بشكل آخر مثل رجل يخرج مباشرة من ظلمة إلى ضوء.

المشاهد لبشر ونبات وحيوات رأيتها على الشاشة ذات بريق ولمعان..

عبرت الباب الرئيس وحثثت الخطى إلى المسطبة حيث تجلس..

وحالما اقتربت تراجعتُ

بُهتُ

وشككتُ في عيني مرة أخرى

والبريق الذي آنسني فترة اعتزالي عن العالم..

داليا داليا

كانت هناك امرأة في الأربعين من عمرها تتتظرني

التجاعيد بدأت تزحف أسفل عينيها

لا زالت جميلة كما هي في الصورة

مدّت يدها وهي تقول:

هذا أنت ربما تغيرت قليلا

داليا؟

نعم .. أخيرا رائع جدا بعد عقدين من الزمان التقينا

كم كنت مغفلا.. نسيت نفسي طاردتُ الهاكرس فاخترقتني السنوات، وطاردني الزمن، تربّص بي حتّى تركتُ السنين تتآكل فلا أشعر بها هل يعقل أني لم أنتبه إلى نفسي أعمل، أدفع الفواتير، أسأل الطبيب، أتبضّع.. أشتري الطعام والملابس عبر النت فلا درك الوقت إلإّا من خلال شاشة صغيرة تلمع أمامي إلى درجة أنّي كنت أتحدث مع داليا كلّ يوم بالكتابة أحيانا وبالصوت أحيانا أخرى أم الصوت والصورة فأرى وجهها مثلما عرفته منذ أن رأيته المرّة الأولى لا يتغيّر.. يتطاول على الزمن.قلت والحيرة مازالت ترتسم على وجهي:

أووه ربع قرن لكن ماذا عنك أنت؟

أنا مثلك نسيت نفسي ولم أنتبه إلى خديعة الوقت

كم مرّت من أحداث..

حروب..

احتفالات

نصر.

.هزائم مات ملوك .. هزّات أرضية.. عوالم تفنى وأخرى تولد.. أشياء جميلة تصبح ممسوخات وأخرى قبيحة تصبح رموزا للجمال.. كان وجه داليا البرئ وهي في سنّ العشرين ينطبع في ذِهْنِي إلى الأبد.. كنا نتحدّث كلّ يوم تقريبا ويكتب أحدنا للآخر ولم نرَ علامات الزمن تزحف على وجهينا

هاكر جديد يتربص بنا

أسميه الآن في هذه اللحظة هاكر الزمن

ولا عتب على صديقني الشبكة هي لاتكذب عليك لكنها لا تنبِّهك إلى خطر يحيط بك

دخلت في ضحك متواصل وضغطت على يدها وأنا أقول :

مارأيك ألا نجلس أو نذهب إلى أي مكان ذي سقف بل نظلّ نمشي ونمشي

فابتسمت، وتساءلت:

ماذا لو تعبنا

قلت بهزة من كتفيّ:

، نقف قليلا نلتقط أنفاسنا بل لا نفكّر بأي مكان نستريح!

وغادرنا المسطبة.. رحنا نمشي ونمشي نتحدث ونضحك نصمت أو ينظر أيٌ منا بعيني الآخر

تعقيب:

كانت هناك نواة لهذه الرواية التي يمكن أن أسميها رواية جيب مهجرية كتبتها في االبدء قصة لمحة ووضعتها في دائرة ثمّ جعلت من الحاسوب أو النت أو الشّبكة العنكبوتية شخصا وتعاملت مع الزمان والمكان بشكل آخر، وفق المخطط أدناه:

 

قصة اللمحة

مطارد المخترقين

كنت سعيدا جدا حين أبلغني رئيسي في العمل أنني يمكن أن أشتغل من البيت.وشغلي نفسه الذي يمتاز بخاصبّة فريدة لا يتطلب مني أن اذهب مثل بقية الموظفين إلى العمل.يمكن أن أكون في البيت وأراقب الكومبيوتر.أحمي المديرية التي أعمل فيها، من المتطفلين والمزعجين والسراق، ومن بحاولون أن يبتزوا الزبائن، أو يتحايلوا على البنوك.

وقد وجدت في ذلك راحة لا متناهية.. أجلس في شقتي المتواضعة وأراقب.. أصطاد الهاكرز والطفيليين عصابات السرقة.

راق لي العمل والجلوس في البيت

وتحولت إلى كتلة من النشاط.

أطنني تحررت من الكآبة تماما.

أجلس صباحا، أفكر وأعد نفسي للعمل.

بدلا من أغادر منزلي في أثناء تساقط الثلوج أو الحر فترة الصيف، وقد أصبح عرضة لهواء المدينة الملوث والزحام والفوضى، أكون بدأت عملي الساعة الثامنة بذهن صاف

راحة

أمان

راتبي الشهري يدخل في حسابي عبر النت.. أطالع باهتمام الفاكهة والخضار واللحوم والألبان على الصفحات الألكترونية فيصل إلي ( الدلفري) وقتما أشاء.

كل شئ يصلني إلى البيت.

أما صلتي بأصدقائي فكانت عبر الهاتف ثمّ انقطعت تماما.

اكتشفت أنّي يمكن أن أعيش من دون صداقات.

ولا يشكّ أحد تماما أن العمل من البيت أغناني عن كثير من المتاعب وجنبني مشاكل الشارع، في الوقت نفسه منحني الهدوءالذي افتقدته في زمن الفوضى حتى اكثر الفنون متعة مسرح وسينما انتقلت إليّ في البيت.

ماعدا أمرا مهما لم أكن لأستغني عنه.

هو الذي يتعلّق بمشاعري وأحاسيي.

الحب

المرأة

العاطفة التي قادتني إلى الآنسة دالية..

في أوقات الفراغ

وليست هي المصادفة

عثرت على أحد المحتالين يحاول أن ينصب على فتاة فاخترفت بطريقة احترافية رقمه السريّ

ثمّ كشفت تلاعبه أمامها

ولعلّها عدتني شهما

أو

بطلا

كتبت لها إنّ الأمر عاديّ ولايستحق كل هذا الثناء

فأعجبت أكثر بتواضعي

وبدأنا نتراسل

حدثتني عن نفسها وحدثتها عن بعض خصوصياتي

كل ليلة قبل أن أنام أكتب لها :تقول :إنها لا اقدر أن تنام إن لم أكتب لها

وشيئا قشيئا

تحولت العادة إلى حب

حب جارف بيننا

هي المخلوق الوحيد الذي أحدثه فكل يومي أقضيه في متابعة الكومبيوتر .

ألغيت الخارج من ذهني

وأقصر عمل أقوم به أفتح نوافذ البيت للتهوية

أو

ألقي نظرة على الشارع من نافذة غرفة الاستقبال

أصبحت محور العالم

كلّ ما في الخارح يأتيني

وحين حان الوقت بعثت لي داليا بصورتها فأرسلت لها صورتي

كانت فتاة رائعة في العشرين من عمرها أصغر مني بخمس سنوات

وهي المرة الأولى التي أحاول أن أخرج فيها بعد أن كلفني السيد المدير بالعمل من البيت

هناك رهبة تولدت في نفسي من الشارع

وقلق من الزحام

كأنّي أرى الشوارع تغيرت ووجوه العابرين تختلف، هذه المرة شحذت انتباهي إذ لم يكن يهمني أن أتفرس بوجوه العابرين الذين ألمحهم من النافذة التي أفتحها كل صباح لأجدد هواء البيت.. بعد انهماكي في العمل وقع بصري مرة أو مرتين على ساعي البريد وهو يسلمني رسائل مضمونة، كنت أعرف أن الرسائل العادية تصل حين أسمع الشِق ّالمعدني أسفل الباب يصدر صوتا وهو يقذف إليّ بالرسائل.. حتى هذا المشهد اختفى بعدما حولت كل مراسلاتي إلى النت.

ويبدو أنّ داليا أخرجتني من عزلتي لأرى عوالم غريبة تحطيني.اتفقت معها علىى أن نلتقي في المنتزه القريب من محل سكني الشارع الثالث من جهة الدوار منتزه هادئ تعوّدت أن آوي إليه عندما اعتدت على الخروج.

كنت في شك من أمري

كل شئ تغيرت ملامحه

واستبدت ملامح التبدل في الشوارع

المنتزه تفسه تقلص حجمه ورأيت بعض العمال وأدوات حفر من جانيه الجنوبي

قلت لا شكّ إنها عيني التي اعتادت على ضوء المنزل ترى المناظر بشكل آخر مثل رجل يخرج مباشرة من ظلمة إلى ضوء.

عبرت الباب الرئيس وحثثت الخطى إلى المسطبة حيث تجلس..

وحالما اقتربت تراجعت

بُهتُ

وشككت في عيني مرة أخرى

داليا

كانت هناك امرأة في الأربعين من عمرها اتنتظرني

التجاعيد بدأت تزحف أسفل عينيها

لا زالت جميلة كما هي في الصورة

مدت يدها وهي تقول:

هذا أنت ربما تغيرت قليلا

داليا؟

نعم أخيرا رائع جدا بعد عقدين من الزمان التقينا

كم كنت مغفلا.. نسيت نفسي طاردتُ الهاكرس فاخترقتني السنوات، وطاردني الزمن، هل يعقل أني لم أنتبه إلى نفسي.. أعمل، أدفع الفواتير، أسأل الطبيب، أتبضّع.. أشتري الطعام والملابس، الناس أمامي صور وأصوات فلا أدرك الوقت .قلت والحيرة مازالت ترتسم على وجهي:

أووه ربع قرن لكن ماذا عنك أنت؟

أنا مثلك نسيت نفسي ولم أنتبه إلى خديعة الوقت

فدخلت في ضحك متواصل وضغطت على يدها وأنا أقول :

مارأيك ألا نجلس أو نذهب إلى أي مكان بل نظل نمشي ونمشي

فابتسمت، وتساءلت:

ماذا لو تعبنا

قلت بهزة من كتفيّ:

عندئذ نفكر ماذا نفعل

وغادرنا المسطبة.. رحنا نمشي ونمشي نتحدث ونضحك نصمت أو ينظر أيٌ منا بعيني الآخر، نقف قليلا نلتقط أنفاسنا بل لا نفكر بأي مكان نستريح!

***

د. قصي الشيخ عسكر

 

في نصوص اليوم