نصوص أدبية

رعد الدخيلي: جعجعة الأحزان!

عندي من الحزن ما يكفي لأجعله

بحراً من الدمع لم يغرق به قلمي

*

لأنَّ ماضيه أمواجٌ مؤجّلةٌ

وفي السواحلِ جفنٌ ذارفُ الألمِ

*

وبي من الدمع ما يكفي ألملمهُ

غيماً على الأفق مدرارا.. ولم أَغِمِ

*

أبكي أنا فيه.. لم أفتأ إذا فتئتْ

كل العيون.. وقد كلّتْ من السّأمِ

*

وكان عندي من الأحزان ؛ لو جُمِعَتْ

جمعَ الحصاة.. تفي طوداً من الورمِ

*

فأستشيط كما الزلزال في وجعي

ويستثار بيَ البركان بالحممِ

*

وأستهيج كما الطُّوفان.. لا سفنٌ

تقلُّ من شاء أن ينجو من العَرِمِ

*

وفيَّ ما كان في (أيوبَ) أجمعهُ

لم يبرأ السُّقْمُ.. منضافاً على سَقَمِ

*

وفيَّ أشياءُ لم تخطر على خَلَدٍ

و لن تجيء على بالٍ.. مُذِ القِدَمِ

*

وعندي آهاتُ (سيزيفٍ) تبارحني

عند الهجوع.. فلن أغفو ولم أنمِ

*

وعندي ما عند أمواتٍ بمقبرةٍ

ماتوا من الضَّيم.. ما ماتوا من الهَرَمِ

*

وعند أهلي كما عندي.. سوى وَلَدٍ

طافٍ على الجرف لم يسبح ولم يعُمِ

*

قد أغرقتهُ وشاياتٌ مقنّعةٌ

خلفَ الخماراتِ.. لم تظهر لمحتكمِ

*

وتحت ما كان؛ كحل الحق تطحنهُ

مطارقُ الظُّلم.. تودي الناس للعدمِ

*

وبين هذا وذاك الأمس حوقلةٌ

وبسملاتٌ وآياتٌ بلا حِكَمِ

*

إذ لا عقولَ تعي ما كان من حَدَثٍ

قد جلجلَ الكون ، لكن مرَّ في صممِ

*

أردى على الأرض تيجاناً وجعجعةً

من السلاطين في سِفْرٍ من الوَهَمِ

*

تدور في الأرض.. جاء القيظ ثانيةً

و عاد ما كان من حَرٍّ على سَأَمِ

*

ودارت الأرض.. جاء القرُّ ثانيةً

وعاد ما كان من بردٍ ومن شَبَمِ

*

ونحن عدنا.. كما كنا بعالمنا

ما بدّلَ ﷲ ما فينا من الألمِ !!

***

رعد الدخيلي

في نصوص اليوم