نصوص أدبية

إباء اسماعيل: قطار الذكريات

هنيئاً لنا سِفْرُ هذا العطاءِ ...

يُهَدْهِدُ عُمراً

تَجدَّدَ حِبراً،

تَفتَّحَ فجْراً

ليُشعِلَ فينا شموعَ البهاءِ ...

سألتُ:

أَأَنْتَ النخيلُ

تَجمَّعُ فيهِ مياهُ الفُراتَينِ ؟

أمْ أنتَ نيلٌ

تَجدَّدَ من وحْيِ مائِهِ

عذْبُ الكلامِ

وصَفْوُ النقاءِ ؟ ...

فقالَ : بلى ،

كلُّ هذا أنا

ولعلّي أبوحُ بأكثَرْ ...

ففي نجَفٍ أبْحَرتْ في مياهي

سَفائِنٌ عِلْمٍ

مناراتُ شِعْرٍ

وقلبي بها قدْ تعلَّقَ طِفلاً

وعقلي يُسابِقُ قلبي

لعلِّيَ أبلُغ عمقَ الفكَرْ ..

وقالَ :

دعوني أشقُّ عبابَ الحقيقةِ

أفتحُ باباً

وأرسُمُ وجهَ الصباحِ

بألوانِ صَبْري

وأنفاسِ جُهْدي

وإن أتْعَبَتْني صُروفُ الحياةِ

فلنْ أتأثَّرْ ! ...

أيا صفحةً من حياتي،

توهَّجُ نوراً

بأشخاصِ علمٍ وفِكرٍ

أبادِلُهمْ خبزَ علمي

لنخبزَ أرغفةً للحياةِ

بها الكونُ قد يتغيَّرْ !!

**

أيا ذِكرى،

بكلِّ العمقِ يحفرُها

لتقفزَ من مواضيها

إلى الحاضِرْ

لتأخُذَنا معاً

من عَبْرَةٍ هطلتْ

إلى قصصٍ..

ومن شِعْرٍ إلى نثْرٍ

ومن زمنٍ إلى زمنِ

ومن وطنٍ إلى وطنِ

عبيرٌ،

كلُّها عِبَرٌ

وفيها مثلُ مافينا

من الألمِ

من الهِمَمِ

من النَّغَمِ

فنلقاها وتلقانا

نعيشُ شخوصَها فينا

ككاتبها

ويسعدُنا تلقِّيها

كتجربةٍ

ومغزىً للحياةِ سرتْ

بماضيهِ وماضينا ..

قطارٌ هاهي الذكرى

من الترحالِ قد تعبت

وما سئمتْ من التَّعَبِ

فمن بلدٍ إلى ولَدِ

ومن أملٍ إلى أملِ

ومن عملٍ إلى عملِ

ومن وطنٍ إلى غربةْ

يهدهِدُنا قطارُ الشّوقِ للْبلَدِ ...

***

شِعر: إباء اسماعيل

......................

* ألقيت في حفل توقيع  كتاب (من أعماق الذاكرة) للشاعر والباحث العراقي المغترب الدكتور صاحب ذهب في مكتبة هنري فورد في ديترويت- ميشغن

في نصوص اليوم