نصوص أدبية

عبد اللطيف الرعري: فُونْطُومْ الأنٌقَاضِ

بكَّاءٌ

هذا العجوزُ المُلتصقُ بالبوابةِ

طيلة هجرنا..

لا يردُّ السّلامَ على أحدٍ ..

لا يبتسمُ لأحدٍ..

بعيد عنْ مرحِ الأطفالِ..

فونطوم في فترة التوالد

مرْحباً بفونطوماتنا على أسرَّةٍ من فخارٍ

*

كُلّنَا نرْحلُ

نحْرسُ أمتِعَتنا

نلعنُ ظُرُوفَنا…

نَنْفثُ الارضَ والسَّماءَ

نتشَكَّى….

وهذا الأدَميُّ نصف جامد….

*

منْ

هوَ

إذنْ..؟

أهو حكيمُ المُصَادفاتِ بحاناتِ المدينةِ الميِّتة..؟

أهو بيلوانْ في نسختهِ الأدميَّةِ ؟

*

أهو إحدى تجلياتِي المستقبليَّةِ عقاباً لِخَطيئتِي …؟

ام فقطْ رجلٌ من دخانٍ يسكنُ مِخْيالِي

ولما لاَ

ولما لا تمثالٌ ثلجيٌّ عرج به البردُ لمواجهة الحائطِ الحجري…

*

إذنْ:

إن لمْ يكنْ لا هذا ولا ذاك

فهُوَ مخْبرٌ متشلفطٌ بيننا.. .

"كُوكَا بارْدَة"

يلمُّ أخبارنا في رقاقة إلكترونية من سِعةِ العذابِ …

ترانزيستور العرب….

لا يأبهُ  بغدرِ الحركةِ

منْ لفها حتَّى دورانها

لا ينشُّ عن وجههِ دبابة تمر

ولا يرفعُ عينهُ للسّماء

أيُّ خجلٍ منَ الرجلِ ..!

*

منْ

هوَ

إذنْ..؟

*

طلْسَماِنيٌّ

يرسمُ الوجودِ برشقة مغموسة في  الطِّينِ

ويدّعي أنه يربطُ رُوحِياتِ السَّماءِ لصالحِ طبائعِ الأسفلِينْ *

حربائيٌّ

ينتقلُ بشَهْوانِيةٍ بينَ الَّلوْنِ واللَّونِ ليصنعَ أُحَادِيةَ الطَّبْعِ بينَ أبيضٍ وأسْوَدٍ…

*

سَحَراتيٌّ

يُخرجُ إكليلَ شوكٍ من فمِهِ بعدَ تناولِهِ علكة تُونْدِرْمَانتْ.. فيَمسَحُ بهِ وجههُ لِيصِيرُ شومپانزي الفرْجَةِ…

*

سفْسْطَائيٌّ

يهادنُ المعنى بقليلٍ منَ الكلماتِ فينشغلُ بتمْجِيدِ آيَاتَ جُنُونِهِ وكَأنَّهُ لُغْزٌ فيَّاضٌ للمَعْرفَةِ…

*

بهلوانِيٌّ

يُخْرِجُ منْ جِلْبَابِهِ شرِيطًا قوزحِيّّاً فيطوفُ العالَمَ برَمْشَةِ عَيْنٍ مستَغْنِياًّ عن بُورَاقِهِ الخشَبِي لِيَعُودَ أفْطَسَ الأنْفِ وذيلٍ منْ نُحاسٍ ….

*

كُومِيديٌّ

يصنَعُ الفَرْحَةَ بِقَلِيلٍ منَ عَجِينِ التَّمَظْهُرِ ويُكَسِّرُ تماثيلَ العِشْقِ أمامَ مُتَفرجٍ جَائِعٍ..

أكْبَرَ مِنْ حظِّهِ ، كلُّ الصَغِيرات مَنْسُومَاتٍ بالهوَى

*

تراجيدِيٌّ

يرْحَلُ بِخِنجَرِ برونْزِيٍّ ..

يُغْرِزُهُ بعْدَ سِلْسِلَةٍ منَ الغَدْرِ في عُنُقِ زَوْجَتهِ يُسَلِّمُ آخرَ رسَائلِهِ لِسَلِيلَةِ عِشْقِهِ

فينتَحِرُ مَشْنُوقًا بِحَبْلِ الوِصَالِ….

*

پِيرْمَانِيٌّ

أصَرَّ علَى حَرْقِ المَدِينَةِ ،فانتَهَى مَحْرُوقاً بجمرَةِ حُبِّها…خبتْ أنوارُ المدينةِ وظلَّ هو يشتعِلُ  …..

*

غرائبيٌّ

نَطَّ فَوْقَ صَخْرَة الموْتِ ..تَخَلَّى عَنْ أحْلاَمِهِ ليقبِّلَ موجَةً كانَتْ تَعْبَثُ بِسَبَّاحٍ بلاَسْتِكي ضَاعَ مِنْ طفْلٍ صَغِيرٍ …انتهَتِ المَوْجَةُ عندَ قَدَمَيْه وكانَ السبَّاحُ مُجَرَّد ظلهِ….

*

عدَمِيٌّ

العالمُ قُبَالَة وَهْمٍ حقيقي  وهو يَتَغَنَّى بأمجَادِ بطُولِيَّةً وراءهَا طوفَانٌ مِنْ دم…

*

أين يحملُ هذا العبء اللعين ..؟

تدلَّى كلّ شيء فيهِ متين

أين يقودُ العالم بهذا البطء الرتيبِ ..؟

لماذا يستثني من الأسماءِ سَمْراءَ الفراشاتِ…

ويتَّهم ظِلَّ الأشجارِ بالمُرُوقِ …

والمستظل بالزندقة والإخلال بأمور المغارة

يحضنُ بين أضْراسهِ مغصَ السِّنين …

كلمَّا هلَّل مهلِّلٌ بخَرْقِ الحُدُودِ

أطفأ شمعةً في محرابِ  عشقهِ

ولَمَّ  شظايا مكنستهِ في كمشَتِهِ اليابسَةِ..

وخرَّ في سجُودٍ…

*

من هو إذن …؟

قد أكُون أنا في لاحقيةِ الزمنِ

أو هو الزمنُ بتمامهِ وتكاملهِ…

ربَّما هو الحق بعد تعرُّضهِ لنزلةِ تفريطٍ مدلَّة

أو تاريخُ السواد لمحنة البشرِ…؟

*

بكَّاءٌ…شكَّاكٌ ..

ينطقُ عن هوَاه لمَّا تحومُ الطيُّور حولَهُ

فيفتح كمشَ يديهِ …

حَبَّة قمْحٍ ..

تِبْنٌ مسْبولٌ..

نقطة عرقٍ صبَّتْ من سبابّة ٍأو إبهامٍ

..

يتَلَعْثمُ بداخله رعديدٌ

عَصَبيٌّ

متمردٌ  جبَّارٌ

آه

لستُ مُنزَعِجاً

لأنّهُ يطأ ذكرياتِي حافياً

ولستُ كذالك

لأنّهُ يتفوّهُ رائحَةَ الحربِ...

وأسمالُهُ تقلُ آثارَ القذائِفِ الخَبيثةِ…

لكنَّ

ببراءةَ الطفلِ الذِّي يستَدرجُني لمتْجرِ الألعابِ النَّاريةِ

أودُّ فقط التَّعرفَ

على حظِّي

من الشيخُوخةِ

كيْ أنسحبُ مِنْ قائمة ِالوافدينَ الجُددِ

او أتْبع خيْطِي

حتَّى يلجَ خُرم الابرةِ…

وقتئذٍ لي شَهْوة حاملِ المظلَّةِ

أعضُّ على أصابِعِي …

أو ألحَسُها

أولولُ لفَواتِ القِطارِ…

أو أقبِّلُ زوجةً خارِجةً عنْ نِطاقِ العيّارِ

أزغردُ بفمٍ أدْرد للرّيحِ..

أم أكتفي بمصِّ رُضابي حتَّى النهَايةْ….

*

هذا العجوز

رماني بعُريِّ

منْ

هوَ

إذنْ….؟

***

عبد اللطيف رعري

مراكش / المغرب

15/01/2024

 

في نصوص اليوم