نصوص أدبية

يحيى السماوي: أنتِ التي أعدتِ الشيخَ الى طفولته

بـحـرُكِ الـذي عَـبَـرتُـهُ قُـبـلـةً قـبـلـة:

أحـبُّـهُ عـنـد الـجـزر ..

يـكـشـفُ لـي

جَـواهِـرَهُ ولآلـئـَهُ ومُـرجـانـه

وزغـبَ أعـشـاب " كـلـكـامـش "

فـتُـغـريـنـي رطـوبـةُ سـاحـلِـهِ الـضـوئـيِّ

بـارتـشـافِ نـدى رمـالِـهِ الـنـاعـمـة

نـعـومـةَ مـرايـا جـيـدِك

*

أنا لـسـتُ " سـيـزيـف "..(*)

وأنـتِ لـسـتِ  "الإلـه زيـوس" ..

فـلـمـاذا كـلـمـا أتـسـلَّـقُ سـفـوحَ سـاقـيـكِ

نـحـو قـمَّـةِ رأسِـك

تُـعـشِـي عـيـنـيَّ مـنـارتـا هـضـابِ صـدرِكِ

ومـلاسـةُ مـرايـا سـهـوبِ الـخـصـر

فـأتـدحـرجُ فـي مُـنـتـصـفِ الـطـريـقِ

صـخـرةَ  شَـبَـقٍ وحـشـيٍّ

بـيـن وسـادةِ رجـولـتـي ومـلاءةِ أنـوثـتـك

مُـشـتـعـلاً بـمـائـي

ومُـنـطـفـئـًا بـنـيـرانـك

فـأسـقـطُ مَـغـشـيَّـًا عـلـيـكِ

مـن أثـر الإنـتـشـاء!

*

أحـتـاجُ عُـمْـرَ "نـوح"

لأُكـمِـلَ قـضـمَ فـاكـهـةِ أشـجـارِ فـردوسِـك ..

فـردوسِـكِ الـمـمـتـدِّ مـن قِـمَّـةِ بَـدرِ وجـهـكِ

حـتـى أخـمـصِ واديـكِ الـعـمـيـق!

...

....

......

آهِ ..

لـو أنَّ لـي ألـفَ  فـمٍ

لأحـصـي مـسـامـات جـسـدِك بـالـقـبـلات

*

آه ..

لـو أنـكِ كـأسُ مـاء

فـأشـربـه وأسـتـريـح !

*

مـنـذ  أورثـنـي " أنـكـيـدو " غـابـةَ الأرز

وأنـا أقـضـي أيـامـي  بـيـن صـبـاحِ وجـهــكِ

ولـيـلِ جـدائـلِـك  ..

أقـودُ:

قـطـيـعَ قُـبـلاتـي نـحـو مـرعـى شـفـتـيـكِ ..

ومـحـراثـي نـحـو تـنّـورك  ..

ورمـادَ احـتـراقـي نـحـو مِـكـحـلـتِـك

ولا ثـمـة مـا يـقـودنـي إلـيَّ !

*

أنـتِ لـسـتِ " رومـا " ..

فـلـمـاذا كـلُّ طُـرُقـي

تُـؤدّي إلـيـك؟

*

ثـغـري الـصـغـيـر:

كـيـف اتـسـعَ لـكـلِّ هـذا الـعـطـش؟

*

وشـفـتـاكِ:

كـيـف اتـسـعـتـا لـكـلِّ زهـور الـقـرنـفـل والـرمّـانِ

فـي

حـدائـقِ وبـسـاتـيـن الـدنـيـا؟

*

أنـتِ أورَثَـتْـكِ " لـيـلـى " حِـكـمَـتَـهـا  ..

وأنـا أورَثـنـي " قـيـسٌ " جـنـونـه  ..

فـمـا الـذي سـأورِثُـهُ للأحـفـادِ

غـيـر نـهـرٍ بـلا مـاء

وبـسـتـانٍ  شــاسـعٍ  بـدونِ شـجـر؟

*

أنـتِ لـم تُـعـيـدي الـشـيـخَ الـى صِـبـاه ..

إنـمـا

أعَـدتِـهِ الـى طـفـولـتِـهِ ..

لـذا

كـلـمـا تَـوسَّـدتِ فَـيءَ خـيـمـتِـهِ

مَـصَّ زهـرةَ الـلـوزِ فـي روضـةِ واديـكِ الـعـمـيـق

مُـمَـسِّـدًا بـشـفـتـيـهِ أجـمـلَ يـاقـوتـتـيـنِ

فـي كـنـز صـدرك

*

إذا لـم أكـنْ مـجـنـونَـك

فـكـيـف أُثـبِـتُ لـلـعـالـمِ أنـنـي عـاقـلٌ

وأن هـذيـانـي حـكـيـم ؟

*

لِـقـلـبـي عـقـلٌ يُـفـكِّـر

ولـعـقـلـي قـلـبٌ يـعـشـق

*

بـتـلـتُـكِ ـ وحـدهـا ـ كـافـيـةٌ لـتـطـريـز صـحـاراي

بـالـعـشـبِ والـغـدران  ..

*

أنـتِ ـ ولـيـستِ الأمـطـارُ والأنـهـارُ والـيـنـابـيـع ـ

مـا جـعـلَ كـهـفـي حـديـقـة ضـوئـيـة الأزهـار

ورمـادَ احـتـراقـي كُـحـلاً لـلـعـصـافـيـر

*

إنَّ قـطـرةَ  نـدىً واحـدةً

أغـلـى وأعـزُّ عـنـد الـفـراشـةِ الـظـمـآى

مـن كـلَّ بـحـار الـدنـيـا ..

الان فـهـمـتُ مـعـنـى قـولِ الأولّـيـن :

" الـقـنـاعـةُ كـنـزٌ لا يـفـنـى "

فـأنـا اكـتـفـيـتُ مـن كـلّ نـسـاءِ الـدنـيـا

بـامـرأة واحـدة

وبـسـريـركِ وحـده

مـن بـيـن كـلِّ "الـسُّـرُر الـمُـتــقـابـلـة"**

***

يحيى السماوي

السماوة 14/2/2024

............................

(*) الإله زيوس: كبير الآلهة في الأساطير الإغريقية، الذي غضب على "سيزيف" فعاقبه بأن يحمل صخرة ثقيلة من أسفل الجبل الى قمته ، فإذا وصل قريبا من القمة ، يُسقِطها الإله من على ظهره فيعود سيزيف الى حملها من جديد .. وتتكرر المحاولة مرة بعد أخرى  أبد العمر .

(**) السرر المتقابلة: إشارة الى قول الله تعالى في سورة "الصافات": (ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ إخوانا على سرر متقابلين لا يمسّهم فيها نَصَب وما هم منها بِمُخرجين)

في نصوص اليوم