نصوص أدبية

سلوى ادريسي والي: بؤساء لم يصادفهم "هيغو"

عاشرتهم لسنين طويلة يا لهم من أوغاد ..

الفقراء أوغاد لا تتعجب ! تراهم من بعيد منكسرين، مطأطئي الرؤوس، مهما حاولت رؤية أعينهم فلن تراها أبدا ..

ينظرون إليك من طرف خفي، حتى إذا أتيحت لهم الفرصة أكلوا أمعاءك، ولن أبالغ إن قلت أنهم باستطاعتهم طحنك ورميك للكلاب الضالة..

أنت تظن أن الفقير مسكين ! لا لا لا..

هناك فرق شاسع بين الفقير والمسكين، أنا عشت معهم ولولا مشيئة الرب، لأصبحت الآن ذئبا مسعورا ..

ما يحز في قلبي، أنني كنت أحب ذلك العالم، تخيل معي وأنا طفل في السادسة من عمري كنت اصطاد الأفاعي والعقارب، بل وكنا نشوي بعض الكلاب وهي حية ..

لا تستغرب !

اقسم أنني مازلت أسمع صوت أنين الكلب وهو يحترق، ثم نعود الى منازلنا نقفز ونضحك دون أي ضمير ..

أعلم أنك لم تر عقربا في حياتك، إلا من خلال محطات عالم الحيوان ..

هل تذكر ذلك اليوم عندما أتى بي والدك إلى منزلكم الفخم، كنت انظر إليك بحقد وغل، رغم أني لا أعرفك ..

كنت ترتدي قميصا حريريا باللون الأزرق وبنطال جينز، وحذاء رياضيا أبيض ..

قلت في نفسي لحظتها، حتى لو كان أنيقا وثريا أستطيع هزيمته بلكمة واحدة على خده ..

وبدأت اردد وعيناي تنظران لحذائي البلاستيكي المتسخ: هيا واجهني أيها الوغد ..

في تلك الأثناء تقدمت نحوي وقلت بصوتك الناعم:

هل تلعب معي!

قلت في نفسي: العب لم لا ألعب، وإن صدر منه شيء ساقتله ..

كررت سؤالك وانا مازلت امطرك بالشتائم خفية ..

لا أدري لماذا أخبرك هذا الآن وقد مر وقت طويل، وأصبح لدينا عائلة وأطفال ..

لكن هناك شيء ما في داخلي مهما فعلت، وحاولت نسيان الماضي، يلاحقني ليرجعني إليه

ربما كما أقول لك دائما، الفقراء يظلون أوغادا..

ذلك الوغد في داخلي لم تستطع الحياة طمسه، ولا حتى الكتب التي كنت تعيرني إياها ..

فاغلبها كانت تحكي عني، وعن الفقراء بطريقة مخادعة..

من كان يحاول تلميع صورة الفقراء للأطفال، والكبار أيضا ..

ربما أولئك الكتاب كانوا أيضا فقراء وأوغاد..لكنهم أتيحت لهم الفرصة ليتعلموا، كما حصل معي ..

لكنني لن اشارك في هذه المهزلة..

كلما اقتربنا من الحضيض يا صديقي وأخي الذي لم تلده أمي، نتقترب دون وعي للبهيمية

كما أقول لك !

دون أي مبالغة ..

لقد أزعجتك اليوم كثيرا، بثرثراتي، ربما سأزورك غدا، لأبوح لك باحاسيسي الدفينة..

سأخبر الممرضة أن تغير لك غطاء الوسادة، فقد بللتها بلعابك ..

وانا أريد أن أراك دائما نظيفا كعادتك ..

سأمسح فمك الآن، كنت أرى أمي تمسح بعنف فم والدي وهو على فراش الموت ..

لكن لن أفعل ذلك بك !

سأخبرك شيئا أخيرا، أنا أحبك بكل صدق، ومن أعماقي شعوري، لكن! أتمنى أن تموت في أقرب وقت، لأخرج الوغد الذي في داخلي دون أي تأنيب ..

***

سلوى ادريسي والي

في نصوص اليوم