نصوص أدبية

مصطفى علي: الموكبُ الأخير من قافلةِ الطفوف

يا ابْنَ الطُفوفِ شهادَةً وَبِها أرى

شُهداءَ بيتِكَ يَلْحَقونَ الآلا

*

نهضَ الحُسينُ مُعزِّياً وَمُوالِياً

وَدَمي تَفَصّدَ فادِياً مَنْ والى

*

يا آلَ غزّةَ هاشمٍ شُهداؤُكم

عَرَجوا إلى حيثُ الشفيعِ مَآلا

*

وَنَقولُ صبراً آلَ غزّة إنّما

سَتَدورُ دائرةُ الحروبِ سِجالا

*

أبناءُ إسماعيلَ قد صعدوا إلى

مَلَكوتِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى

*

تركوا لنا المُلْكَ الرخيص وأيقنوا

سَنَظلُّ في عَرَصاتِهِ ضُلّالا

*

وَلَمحْتُ زينبَ في العَراءِ وحيدةً

خلفَ الجَنائزِ تَنْدُبُ الآجالا

*

وَشَهدْتُ مكلومَ الفُؤادِ مُرتّلاً

سُوَرَ الكِتابِ لِيَهْزِمَ الأنذالا

*

وهناكَ شيخُ الأكرَمينَ مُنادياً

بطريقهِ الأقطابَ والأبْدالا

*

وَسَمِعْتُ صوتَ الوائِليَّ مُرَدّداً

للصاعدينَ إلى السَما مَوّالا

*

ياوائِلَ الدحْدوحَ حُزْنُكَ هَدّنا

وَبَعثْتَ فينا الحُزنَ والآمالا

*

أدري جِمارَ الفقْدِ تلْتهِمُ الحَشا

وَرحيلَهم كَجِراحِنا قتّالا

*

لكنّهُ الطوفانُ إذ بلغَ الزُبى

فَتَفجّرتْ أوجاعُكُمْ زِلْزالا

*

وَيَلوحُ حمزةُ في مَرايا بَدْرِنا

يُلْقي على البطلِ الشَهيدِ سُؤالا

*

مَنْ أنتَ ياولدي المُعَفّرُ بالدِما

كَدَمي الذي من أجلِكم قد سالا؟

*

أنا إبْنُ منكوبِ الصحافَةِ في الوَغى

إذ نَسْلُ خيْبَرَ ينفثونَ وَبالا

*

وأنا سَميُّكَ بل حَفيدُكَ سَيّدي

وأرى النوائبَ في دَمي تَتَوالى

*

زيتونةَ اللهِ التي قد لامَسَتْ

كَبِدَ السماءِ حقيقةً وخيالا

*

أشكو ذوي القُربي إليكم سادتي

وَبَني سَلولَ وَرَهْطَهُ وَرِغالا

*

هل عاوَدَ الأعرابُ غَدْرَ نَبيِّهم

جهلاً وهل لَبِثوا بِها جُهّالا؟

*

هل أدْمنَ الوحشيُّ رَمْيَ خصومِها

بِرِماحِهِ فَبَنتْ لَهُ تِمْثالا؟

*

صالتْ على كَبِدِ الشهيدِ بِظُفْرِها

وَتَقطّعتْ بِنيوبِها أوصالا

*

مُتَفَجِّعاً يرنو لِغزّةَ كُلّما

أُحُدٌ تفتّتَ واستوى أطلالا

*

جَزَعاً على كَبِدٍ تمزّق في الفلا

وَجَرى بأوديةِ الغضا شّلّالا

*

جَبَلَ الرُماةِ! هل الرماةُ تَفَرّقوا؟

ولهيبُ نيرانِ الوغى يَتَعالى

*

هيَ غزوةُ الأحزابِ ثانِيَةً ولا

حُلُمٌ يُراودُ خندقاً وَرِمالا

*

أخذتْ قُريضةُ من قُريْشَ مَشورةً

وَأطالَتا خلفَ السِتارِ جِدالا

*

اشهرْ حُسامَكَ ياعَليُّ مكبِّراً

هُبّوا فقد وَجَبَ الجهادُ قِتالا

*

طَهّرْ عَليُّ بذي الفقارِ سماءها

وابعثْ إلى بلدِ الرباطِ رِجالا

*

فأخوكَ زيدُ الخيلِ من صنعائنا

رفعَ اللواءَ مُبارزاً خيّالا

*

جعلَ البحارَ وَبابَها عربيّةً

أبَداً لِأفلاكِ الورى غِرْبالا

*

والقَلْزَمَ المُحْمَرَّ كالشَفَقِ الذي

بِدَمِ القلوبِ يُخضّبُ الآصالا

*

زرعَ الشواطي الحانقاتِ كمائناً

للناقلاتِ إلى العِدا أموالا

*

حصرَ الجواري الحاملاتِ مَؤونةً

لِمُحاصِرينَ بِغزَةٍ أطفالا

*

زَحَفتْ جيوشُ الأوسِ من يَمَنٍ كما

كُرَماءُ خَزرجَ شاهرينَ نِصالا

*

أنصارُ دينِكَ إذ قُريشُ تواطأتْ

نَذَروا لَكَ الأعمامَ والأخوالا

*

هَزَموا قراصنةَ البحارِ كأنّهم

نُظراءُ غزّةَ عِزّةً ونضالا

*

لم يألفوا معنى التنازلِ في الوغى

وَتَعوّدوا دَفْنَ الغُزاةِ نِزالا

*

مَنَعوا عُبورَ الجارياتِ فَدَشّنوا

للعابرينَ نهايةً وَزوالا

***

د. مصطفى علي

 

في نصوص اليوم