نصوص أدبية

مصطفى علي: رقصةٌ ليبراليّة

رقصةٌ ليبراليّة

في خيمة الشيخِ الهُمام

***

في خيمةٍ عربيّةٍ أوتادُها

دُقّتْ عميقاً في تخاريفِ القبيلةِ والرمالْ

*

والرملُ  رَخْوٌ لا يقاومُ

عُنْفوانَ الريحِ والصحراءِ مُذْ بَدأ الزمانْ

*

فَكَثيبُهُ  هَشٌّ مَهيلٌ طَيِّعٌ

كَهَشاشَةِ الفَذِّ الدَعيِّ المُدّعي

مدنيّةً سالتْ لُعاباً حولَ مائدةِ الأميرْ

*

أمّا تقاليدُ القبيلةِ كُلُّها أو جُلُّها

فَروايةٌ مثقوبةٌ

مَتْناً وإسناداً تَشي بِرَذيلةِ التقليدِ

أو كَذِبِ الرُواةْ

*

جلسَ الأميرُ بِرُكْنِ خيْمتِهِ وفي

يُمناهُ فِنجانٌ لِقهْوتِهِ وقد

فاحت مُعتّقَةً بكافورِ الخديعةِ والضَلالْ

*

أسَفاهُ ياقلبي على

كَرَمِ الفوارسِ والمجالسِ والدِلالْ

*

بعدما تُهْنا وَضيّعنا المناقِبَ والرِجالْ

*

وَعَلى يَسارِ أميرِنا شيخْ

لَهُ قلبٌ (يمينيُّ) الهوى

كَجبينِهِ المِسْوَدِّ مُحْتَقِنٌ عَبوسْ

*

موفورُ حَضِّ إنّما وغدٌ

غليظُ الطبعِ  مُرتابٌ فخورْ

*

هُوَ نَجْلُهُ وَيَمينُهُ قد عادَ مُنتصراً على

مَنْ غرّدوا لسقوطِ مُنتجعِ الهزيمةِ

والطغاةْ

*

صاروا خوارجَ عصْرِهِ لمّا رأوا

في قسمةِ الأرزاقِ  ضيزي

مُعْلِناً حرباً ضروسْ

*

أفنى بها الفقراءَ طُرّاً خدمةً

للنجمةِ الزرقاءِ في ثوبِ العَروسْ

*

وَعَلى يَمينِ أميرِنا السادي

يَساريٌّ  قَديمٌ قد صَحا  من سَكْرةِ

الأفيونِ  تَوّاً  أو أقانيمِ الشغيلةِ

والجَدَلْ

*

فَدَراهمُ الأمراءِ حِكْرٌ للذي

غالى بِهَزِّ الخَصْرِ رقصاً وتفانى

في أحابيلِ الدَجَلْ

*

فَنَعى مناجِلَ حزبهِ مُتَخفِّفاً

وَرَمى على هاماتِ حَشْدِ الكادحينَ

المِطْرَقه

*

صلّى وراءَ مُضيفِهِ

وَشَدى  إلى الشيخِ  الوَقورِ مُعَلّقهْ

*

وَأكادُ ألمحُ من بعيدْ

في مُنتدى الساعينَ للشيخِ السعيدْ

*

أحرارَ مُجْتَمعِ النُهى

فكراً  كَبنّائينَ قد رَضعوا معاً

أسرارَ تَلْمودَ الخنا

مَدَنيّةً وَلَغتْ بأوردةِ  الشُعوبْ

*

وَثَنيّةً  تسعى خشوعاً في رِحابِ

البيتِ مِبْيضّاً فَتمْتلِئُ الجُيوبْ

*

وعلى صدى وَتَرِ الرَبابةِ أبدعوا

للمسلمينَ رسالةَ التنويرِ في

دُنيا العبيدْ

*

وَتَشاوروا بفضاءِ باديةِ الجزيرةِ

نُخْبَةً تهوى معاقرةَ الغُبارْ

*

وَتَذوبُ زُهداً وانتشاءً بالحداثةِ والرِيالْ

*

وَنِكايةً رفعوا صدى

نَغَمِ الربابةِ مُحْدِثاً

وَقْراً بِآذانِ القبيلةِ والأنامْ

*

فَتَراقَصوا  وتجاهلوا

حِمَمَ الرصاصِ مُدوّياً

برؤوسِ من طلبوا الكرامَةَ والحياةْ

*

لَعَنوا صلاحَ الدينِ كي يَئِدوا

خيولَ الفَتْحِ في حطّينَ

فالأقصى هُراءٌ في هُراءْ

*

وعقيدةُ الإسراءِ  يَغْمِزُها  دَعيٌّ عبقريٌّ

عابثٌ بتراثِنا  مُتَحاملٌ لا مُسْتنيرْ

*

والمسجدُ الأقصى غريبٌ عن ترابِ

القدسِ قد عثروا على أسوارِه

مدفونةً بجزيرةٍ منسيّةٍ في زُنْجبارْ

*

كفروا بغزّةَ شامتينَ  بِأهْلِها

وَبِمنْ (تَحَمّسَ) للفِداءْ

*

حجزوا بشابكةِ العناكبِ موقِعاً

لِضياءِهِ  تهفو الغرائزُ  والنفوسْ

*

وَمَعَ الأميرِ مقاعداً

خيطتْ نهاراً من خيوطِ العنكبوتْ

***

د. مصطفى علي 

 

في نصوص اليوم