نصوص أدبية

جواد المدني: أحلام بابلية

ليلٌ يشاكسني ..

نجومه خلف سحائب الارق نائمات ..

يهذي كثيراً، وينمّ

بمكر ٍعن الشمس ..

يعلم أني أخافه، وأعشقها

يحاصرني بأفواجٍ من الذكريات

هناك .. مابين النهر و تنّور امي ..

غرست اشجاراً للحب باسقات

كل يوم أعمّد صبري عند شروقها

وحين أجرّب أن أغمض عينيّ

يلكزني .. لأصحو

فيسقيني كأساً مذاقها

شبابٌ تشظّى بين المنافي

وزيف المرايا، وسخف الامنيات

ومازال الليل يهذي

كعجوز تشكو وحدتها بصخب ..

الكلمات:

قبل مغيبها راودتني عن نفسها

توسلت بي، وتعلقت بأذيالي ..

كي اوقف اجتياح الغسق الجارف

حتى تلوّن أجنحة الفراشات ..

و قبل ان تغادر مياسم الازهار

وتعانق سنابل القمح

وأعذاق النخل

و اسماك النهر ..

فتفرّ مثل عاشقة

تخاف ان يفضحها ألق الفجر ..

وانا كعصفور أرهقه الندى

اداري هذيان الليل كي يعتقني

اشاغله، لأهرب على صهوة احلامي

أوقد شموعاً خبأتها بين ضلوع لهفتي..

تركتها على وجه "الشطّ" ..

لتبحر وحيدة صوب فنار

ها أنذا أدق مسامير الشوق على باب مدينتي

يا "حُلّةَ" الكون، ياباذخة الطيب ..

يا فاتنة الامصار ..

يا تعويذة بابلية ..

ويا صحائف اذكار

أعيذك بطلاسم "شطّك"..

اسطورة الانهار..

مازالت بقايا طينه عالقة في الاهداب

أعيذك بالقديسين، و كل الاولياء ..

وبالنبي أيوب* وبئره سيّدالآبار ..

ليتني اغتسل من مائك

كي أبرأ من سحر أوتو، وأنليل، ومردوك"

**

تمسّك بي كباقة ورد في يد عروس أرهقها

طول إنتظار ..

خذ أحلامي قرابين اقدمها لنخيلك الباسقات ..

خذني شراعاً لسفينةٍ مات ربانها ..

فتحطمت على بقايا جسد، وقلب مكبل.. بالحسرات ..

مازلت اتنفسك، وأحلّق صوب الشمس اجوب بحار الدنيا، افتش بين موانئها ..

عن مرفإٍ يعلمني كيف أخيط شِباك الصبر

أحسست بدفء الشمس يعانقني ..

يهمس بأذني قد رحل الليل، ولحنٍ

كنت اردده حين أغوص في النهر

وتتقاذفني سورات الماء

***

جواد المدني

..................

* مرقد النبي ايوب عليه السلام، حيث يقع عند ضفاف "شط الحلة" وبجنب هذا المرقد هناك بئر يعتقد انه البئر الذي اغتسل منه فبرئ من مرضه..

** اسماء بعض الالهة التي كان يعتقد بها البابليون ..

 

في نصوص اليوم