نصوص أدبية

مجيدة محمدي: الإسكافيُّ الذي يحدّث الجلود

أنا الإسكافيُّ،

ليس لي وطنٌ سوى الطرقات،

ولا نَسَبٌ سوى ما خلّفته الأقدامُ من أثرٍ على العتبات.

*

أعْرفُ الأحذية كما تعرفُ الأمُّ نبضَ الجنين،

ألمسُها

فأسمع صدى الشوارعِ البعيدة،

وأشمُّ العَرَقَ الغافي على جلدها الميت.

*

لكلِّ حذاءٍ قصة،

بعضُها نَزَفَ في المعارك،

وبعضُها رقصَ في أعراسٍ لم تكتمل،

وبعضُها هربَ من موتٍ،

فصار الموتُ يلاحقه على الأسفلت

*

أعرفُ من ضَرْبِ النعلِ جنسَ صاحبه،

أميزُ خطواتِ المترددين من نَفَسِ الشجعان،

أقرأ خرائطَ المدنِ في الحوافِّ المهترئة،

وأُحدِّدُ اتجاهات الهزيمة من انحناء الجلود.

*

في دكاني

ينام الزمنُ بين المطارقِ والشكائم،

وتحلم الجلودُ بأقدامٍ عادلة،

لم تدس بها ظلًّا،

ولم تطأ بها وطنًا غريبًا.

*

أنا الإسكافي،

أُخيط وجع العابرين بخيطٍ من تأمل،

وأختم نعلَ الطغاةِ

بكلمةٍ ،

"ستُهزَمون..."

*

أُدركُ أن ليس كلّ مَن يملك حذاءً يسير،

ولا كلّ مَن يسير،

يعرف إلى أين...

وحين أمسك حذاءكَ،

أعرفُ أيُّ حلمٍ تهشَّم في الطريق.

***

مجيدة محمدي - تونس

في نصوص اليوم