آراء

فيلم "القناص الأميركي" وتصريحات الطالباني الابن!

alaa allamiموضوعان لافتان كانا موضع اهتمام و تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الفائتة . لنبدأ بأولهما: يبدو أن بيانات نعي العراق والإعلان عن موته أو نهايته باتت مكررة وسمجة ولا تدل على حصافة أو ذوق مهما كان بدائيا. وممن تخصصوا برثاء ونعي العراق الموحد بين فترة وأخرى رئيس حكومة إقليم كردستان العراق نجيرفان بارزاني، وآخرين من ساسة العملية السياسية الذين "يزعلون" على بعضهم لهذا السبب أو ذاك فيصب الواحد منهم جام غصبه لاحقا على العراق!   يبدو أن نائب نجيرفان بارزاني، زميله قباذ الطالباني قد دخل على هذا الخط وأدلى قبل أيام بتصريحات من النوع ذاته. هذه وقفة عند هذه التصريحات:

لقد عُرِفَ الرئيس السابق لعراق المحاصصة الطائفية جلال الطالباني من قبل أقرانه ومؤيديه، ساسة وإعلاميين، بعدة ألقاب تفخيمية منها أنه "صمام أمان للعراق كله". ومعروف للقاصي والداني ماذا حل بالعراق وماذا حدث للعراقيين خلال سنوات رئاسة هذا الصمام وزميليه المالكي والنجيفي ومن سلفهم، حيث أصبحت الجثث تجمع بالعشرات صباح كل يوم من شوارع بغداد والمدن الأخرى والمفخخات التي تنفجر أكثر من السيارات المحترقة بمن فيها. أما السيد قباذ طالباني، وهو الابن البكر "ولي العهد" للرئيس الصمام، فقد أدلى بتلك التصريحات التي تستفز حتى الحجر، وهي، على ما فيها من كلمات مُرَّة، تحتاج إلى قليل من التصويب لتقريبها من العقل ومن ذلك مثلا:

- قال قباذ : (العراق الموحد كما عرفناه انتهى!) الصواب هو أن يقول ( العراق الموحد كما عرفناه أنهيناه!)

- وقال ( إن وحدة العراق لم تعد موجودة ) والمفترض أن يشكر الطرف الذي مَنَّ عليه بهذه النعمة فيقول (إن وحدة العراق لم تعد موجودة، وللولايات المتحدة و "لبوش الأب والابن والروح النفط" الحمد والشكر ).

- وقال ( أن نموذج إقليم كردستان غير قابل للتطبيق في المناطق السنية بل هم يحتاجون إلى شكل ما من أشكال الحكم الذاتي) وهنا نقول له : هذه ليست مشكلة، يصبرون مثلما صبر غيرهم، وانتقل من الحكم الذاتي إلى الحكم الذاتي الحقيقي، إلى الفيدالية، إلى الكونفدرالية إلى الإمارات الكردية المتحدة والمتقاتلة على دولارات النفط المهرب!

- وتابع ( ما دامت بغداد مركز كل القرارات فسيسعى الناس للتقاتل عليها) والأقرب إلى الحقيقة أن يقول (ما دامت بغداد مركز كل القرارات فستسعى المليشيات الشيعة والسنية والكردية إلى قتل كل الناس فيها لكي تتقاسم أسلابهم وأسلابها)

- وقال (الواقع أن جيلا كاملا من العراقيين نما في بيئة تغلب عليها الطائفية في العقد الأخير) ويبدو أن السيد ابن الصمام لا يعرف الفرق بين الجيل وهو ثلاثون عاما وفق أرجح الأقوال، والعقد وهو عشرة أعوام، وهو ومن معه ونظامهم الطائفي لم يكملوا سوى عقد واحد وليس جيلا كاملا، فصبرا جميلا يا شاب حتى تنضج الطبخة!

- وتابع ( عندنا شيعة يروجون للسياسات الشيعية ويدافعون عنها، وعندنا سنة يتكاتفون حول الهوية السنية، والأكراد يفعلون الشيء نفسه) و يبدو أنه استلهم مقولة أبيه الصمام الشهيرة والتي مفادها ( هذا هو العراق المنقسم و المكون من الشيعة والأكراد والسنة و نتائج الانتخابات الأخيرة أكدت هذا الانقسام) وهذا كلام طائفي صريح يدافع عن دولة الطوائف والمكونات لا عن دولة المواطنة والمساواة كما في سائر الشعوب المكونة من عدة مكونات مجتمعية وهي غالبية شعوب الأرض وليست الأقلية. ثم إن هؤلاء الشيعة المدافعين عن سياسيات أحزابهم والسنة المتكاتفين حول الهوية السنية والأكراد الذين يفعلون الشيء نفسه، هم شيعة وسنة وأكراد الأحزاب السياسية السائدة و ليسوا وحيدين في الميدان بل يوجد في مواجهتهم شيعة وسنة وأكراد يعتبرون أنفسهم عراقيين في عراق لم ينتهِ ولن يستطيع أي صمام بن صمام إنهائه !

- وقال (ولا يوجد زعيم الآن في البلاد يمكنه أن يتحدث باسم العراقيين كلهم). وهنا نقول له: صدقت، صدقت، فالعراقيون العراقيون كلهم، يكرهونكم كلكم، بصمامات أو بدون صمامات!

الموضوع الثاني يأتينا من المشهد الثقافي والفني العراقي: لنتوقف عند هذا الخبر المعبر والذي يمكن أن نستخلص منه الكثير من العبر، فقد قررت السلطات الحكومية العراقية منع عرض الفيلم السينمائي الأميركي "أميركان سنايبر" أي القناص الأميركي، منعا عجيبا! القرار الحكومي بمنع الفيلم كما يظهر جاء شفهياً وشخصياً و متأخراً، فبعد أن عرضت إحدى دور العرض في " مول المنصور" ببغداد هذا الفيلم اتصل وزير الثقافة العراقية بصاحب دار العرض، كما قال هذا الأخير، ويدعى فارس هلال، وهدده بأنه سيعاقبه بدفع غرامة مالية ما لم يوقف عرض الفيلم! وكأننا في شجار في "علوة" لبيع السمك وليس في دولة في القرن الحادي والعشرين!

لم أشاهد الفيلم ولا أنوي مشاهدته، فليس مستحباً لدى الأسوياء أن يجلسوا أمام شاشة يبصق مَن يظهر عليها في وجوههم ويهينهم ويفاخر بقتل أبناء شعبهم، ولذلك لن أعلق على الجوانب الفنية منه وسأكتفي بالحدث الإعلامي المتعلق به، وقد ورد في هذا الجانب ما يأتي:

الفيلم مأخوذ من رواية عنصرية ومعادية للعراق وشعبه،كما قيل، وهي عن قصة واقعية لقناص أميركي مجرم يدعى "كريس كايل"، يفاخر بأنه قتل أكثر من 150 عراقي. يلعب دور البطولة في هذا الفيلم الممثل الأمريكي برادلي كوبر، ويخرجه الممثل والمخرج الأمريكي العجوز كلينت إيستوود، وتم ترشيح الفيلم لستة جوائز أوسكار، من بينهم جائزة أفضل فيلم سينمائي، وأفضل ممثل، وأفضل سيناريو معدل، وأفضل مونتاج. ولا يستبعد مراقبون أن يفوز الفيلم بهذه الجوائز في مجتمع تتطابق فيه العنصرية السياسية والعسكرية بالأخرى الثقافية والإعلامية إلى درجة كبيرة دون أن يعني ذلك انعدام وجود المنشقين الأميركيين من الإنسانويين ورافضي العنصرية في هذه الميادين على هامشية وضعف تأثيرهم.

المثير للقرف والازدراء هي ردود فعل بعض "العراقيين" ممن رضعوا العبودية والذل للمحتلين الأميركيين من ساستهم و "مثقفيهم" التابعين الأذلاء، وتحديدا من طبقة المصفقين لحكم المحاصصة الطائفية المخزي. ففي تحقيق عن هذا الفيلم نشرته بعض الصحف ومواقع التواصل يقول أحد هؤلاء الحمقى ورد اسمه في التحقيق هكذا : سارماد المعظم، إنه ضد هذا الفيلم ليس لأنه فيلم عنصري ومعاد للعراق والعراقيين يفاخر بمجرم قتل منهم المئات بل لأنه يساوي بين جميع العراقيين ويصفهم جميعا بالإرهابيين (على الرغم من أن الكثير منّا أحبوا الأميركان، وتعاون معهم، لكي يساعدونا في إعادة بناء بلدنا) يقول "سارماد المُلَطَّم، الُمصَخَّم"!

الكلمة الأخير تلفظ في اللهجة العراقية بالصاد مع أنها بالسين أصلا.

في المثقف اليوم