آراء

مركز تكريت .. دعاة التريث محقّون

alaa allamiكتبت قبل ثلاثة أيام متسائلا عن سبب توقف الهجوم على مركز مدينة تكريت وعن الصمت الحكومي، وقد فهم كثيرون من كلامي أنني استعجل الهجوم وقد يكونون محقين في فهمهم هذا، ولكن الحقائق التي توفرت خلال اليومين الماضين بدأت تعطي الحق للداعين لتريث في الهجوم بإزاء وضع عسكري جديد تماما ولا سابق له في تاريخ الحروب: فثمة معلومات كثيرة مختلفة عن تلك التي قالتها مصادر رسمية وشبه رسمية حول الوضع داخل المدينة، فالمسلحون الانتحاريون كما تبين الآن ليسوا بحدود مائتي مقاتل فقط بل أضعاف هذا الرقم و قد يصل العدد الى ثمنمائة انتحاري، وأن المدينة باتت متاهة مفخخة ومنخورة بالأنفاق الملغمة بالكامل، إضافة الى وجود أسر كثيرة في المناطق المحاصرة. ثم أن هذه المناطق أوسع بكثير من أربعة كيلومترات مربعة في المركز كما قيل سابقا، بل هي تمتد على مساحة أكثر من نصف المدينة. ومع ذلك يبقى التساؤل السابق عن الصمت والتناقضات الحكومية مطروحا، ينضاف إليه تساؤل آخر هو: لماذا توقف القتال تماماً ولم تستمر القوات الأمنية في ضرب مواقع وتجمعات المسلحين التكفيريين داخل المدينة عن بُعد؟

من الآراء التي دعا أصحابها إلى التريث في اقتحام مركز تكريت رأي صريح للباحث هشام الهاشمي الذي كتب مساء يوم أمس الثلاثاء 17 آذار الجاري (اقتحام مركز تكريت المرتقب في الساعات القادمة بواسطة العمليات خاصة، هي مغامرة طاحنة لا معنى لها، بالنظر إلى كثرة المعوقات وصعوبة اختراق دفاعات داعش وقلة حجم تعزيزات سلاح الجو، وهذه المغامرة لا تعاني أكثر من الاستنزاف المتبادل الذي لا يُسفر إلا عن كسر التوازن بين طرفي المعركة) أعتقد أنه مصيب في ما ذهب إليه من حيث الجوهر، ولكن ينبغي أن نضيف أن الوضع الجديد بحاجة إلى حلول عسكرية جديدة وخلاقة وليس للتوقف والانتظار فقط بانتظار أن " تسقط السن المنخورة لوحدها" كما قال أحد المدونين.

إن دعاة استعجال الهجوم ومثلهم دعاة التريث فيه استندوا في مواقفهم على المعطيات المعلوماتية من الميدان وكلا الموقفين رهن بصحة ودقة هذه المعطيات ولا سبيل إلى التأكد من ذلك في وضع الفوضى السائد.

في السياق ذاته، ينبغي تسليط الضوء الكافي على العاملين الأميركي والإيراني ودورهما في المشهد السياسي والعسكري العراقي وتأثيرهما على المسارات والآفاق، وخصوصا في ضوء ما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" أمس عن خلافات أميركية إيرانية حول نشر إيران لصواريخ مختلفة قرب تكريت وتحذير واشنطن لها من إثارة توترات طائفية بسبب عدم دقة هذه الصواريخ في إصابة الهدف، وكأن واشنطن تتباهى بدقة صواريخها في إصابة الأهداف وهي على "حق" هنا، لنتذكر مجزرة ملجأ العامرية ببغداد فقط حين حوَّل صاروخ أميركي واحد مئات النساء والأطفال العراقيين إلى فحم وأشلاء!

في المثقف اليوم