آراء

مشروع الكونغرس لتقسيم العراق: لا حلَّ إلا بحلِّها!

alaa allamiما الرد السريع والحاسم على قرار الكونغرس الأخير بتقسيم العراق والتعامل مع ممثلي السنة والأكراد بشكل مستقل و كبلدين؟ رغم كل التحفظات على الأداء والتصريحات ذات النزوع الطائفي للنائبة حنان الفتلاوي و لكن ينبغي تأييد دعوتها لطرد السفير الأميركي وإغلاق سفارة الاحتلال والجرائم الكبرى كرد مباشر وسريع على قانون تقسيم العراق و(التعامل مع ممثلي الأكراد والسنة كبلدين وبشكل مستقل) المعروض اليوم للتصويت على الكونغرس الأميركي ..

ليذهب العبادي وحكومته إلى الجحيم إن عاد وكرر اتهاماته للوطنيين بالتهويل والمبالغة وشن الحرب النفسية ضد حكومته العاجرة المرتبكة ..

و ليذهب معه إلى الجحيم الجاسوس العلني فخري كريم وبطانته المشبوهة التي تتهم كل من يعارض وينتقد هذه الحكومة بتأييد نوري المالكي والدعوة لإعادته إلى الحكم فنحن نرفض هذا الحكم ونرفض مَن تقلد أو سيتقلد رئاسة الوزراء فيه على أساس المحاصصة الطائفية وأولهم من قاد إلى الهزيمة في نينوى وصلاح الدين ورسَّخ الحكم الطائفي وهو نوري المالكي

إن جميع الشخصيات والجهات العامة والمدنية بما فيها المرجعيات الدينية التي لن تؤيد هذا الرد القاضي بطرد السفير وإغلاق سفارة العدو الأميركي ستكون متواطئة أو مساهمة مباشرة أو بشكل غير مباشر في تقسيم العراق الذي بدأ عمليا بقانون الكونغرس هذا...

إن قطع العلاقات وطرد السفير يجب أن يكون الخطوة الصاعقة الأولى على العدوان الأميركي الجديد ويجب أن يتعمق هذا الرد بإنهاء نظام الحكم الذي جاء به الاحتلال الأميركي أي حكم المحاصصة الطائفية ودولة المكونات كما ينبغي أن يستكمل هذا الرد بعقد مؤتمر تأسيسي عراقي واسع يعيد كتابة الدستور العراقي على أسس علمانية وديموقراطية ... وإلا فلن تقوم للعراق الواحد الموحد قائمة والكل سيكونون عرضة للإدانة وسيشملهم العار التاريخي عار تقسيم وتفتيت العراق وبدء مرحلة حروب أهلية وطائفية لن تنتهي إلا بضياع العراق و شعبه.

ولكن لنقلها بصراحة: لا الرفض "الشيعي" الصاخب لمشروع الكونغرس التقسيمي يسرُّ الصديق ولا الرفض "السني" على محدوديته يغيض العدو! فغالبية الساسة من الأحزاب الإسلامية الشيعية وجميع المسؤولين الحكوميين منهم والذين عبروا عن رفضهم لهذا المشروع انطلقوا في رفضهم هذا من حرصهم ودفاعهم عن مصالحهم وامتيازاتهم و بالتالي عن هيمنتهم الطائفية على الحكم. أما غالبية الساسة وجميع المسؤولين الحكوميين من العرب السنة الذين عبروا عن رفضهم لهذا المشروع فقد جاء رفضهم مشوباً بمطالب تكبير حصة تمثيلهم للطائفة وإنجاز تشكيل الحرس الوطني ( ويسميه السيناتور ثورنبري في مسودة مشروعه : الحرس السني). أما ممثلو الأكراد في حكم المحاصصة فلهم وضعهم الخاص و الذي لا يخفف من مسؤوليتهم الخطيرة عن كل ما يحدث للعراق بفعل هذه الخصوصية التي كان يجب أن تدفعهم إلى مواقف إيجابية بدلا من الانتهازية السياسية والجشع الفئوي السائدين في أدائهم.

إنَّ المفقود الذي يسرُّ الصديق ويغيض العدو هو الموقف الوطني الجذري الذي يرفض هذا المشروع الكارثي من منطلقات وطنية وديموقراطية حقة فيرفض تبعا لذلك نظام حكم المحاصصة والدستور الاحتلالي الذين أوصلا العراق إلى حافة التقسيم و قلب المجازر اليومية التي يذهب العراقيون، نعم، العراقيون ضحايا لها!

هناك من ينتقد الوضع العام والنخب السياسية الحاكمة بحدة ما بعدها حدة لأنها لم تفعل كذا أو كذا من الأمور التصالحية والحوارية و "ترصين المشاركة في الحكم" كما يقولون، ولكن أصحاب هذا النقد ينطلقون من قاعدة الدفاع عن نظام المحاصصة ومحاولة انقاذه من نهايته البائسة عبر القيام بمحاولة مصالحة طائفية لن تلد إلا نسخة توأما من هذا النظام المسخ غير القابل للإصلاح والمصالحة..ترى، لماذا لا يتصالح الشركاء في السلطة ويرصنون مشاركتهم في النهب الشامل و لماذا يتركون المجتمع نهبا لدولة المكونات ونمورها المسلحة بالكراهية والأحقاد الأيديولوجية والأسلحة الحديثة؟ بكل بساطة لأنهم طائفيون ولا يستطيعون الخروج من جلودهم هذه سواء كانوا من هذه الطائفة أو تلك ! ولا حلَّ إلا بحلها!

ومع ذلك ينبغي الحذر من كمائن الكونغرس وأزلامه العراقيين، إذ من الواضح للجميع ، أن تراجع الكونغرس الذي أعلن عنه اليوم الجمعة الأول من مايس ، وحذفه لفقرة صغيرة من مشروعه الأسود هو تراجع شكلي و تكتيكي لا قيمة له على الإطلاق و يتعلق بتصويبات في الترجمة و تصحيحات لأخطاء و جهل في المعلومات والمعطيات لدى "السناتور ثور نيبري " راعي المشروع إذ لا وجود أصلا لما يسميه مشروع القانون بالحرس السني على الأرض، هذا أولا ، وثانيا فمشروع القرار أبقى على حق واشنطن بتسليح كيانات مسلحة كهذه خارج سيادة العراق ودون موافقة المركز بغداد...

ما يفعله المروجون من أمثال محمد عبد الجبار الشبوط و وائل نعمة وسرمد الطائي و وغيرهم ، ومعلوم أن الشبوط يتقلد حاليا وظيفة رسمية و هو بمثابة وزير إعلام النظام الطائفي فهو " رئيس هيئة شبكة الاتصالات العراقية" الممولة من ثروة العراقيين، إن ما يفعله هؤلاء هو نوع من استغفال العراقيين وخلط السم بالعسل، لجعل مشروع تقسيم العراق خيارا لا مفر منه تارة أو عبر الإيحاء بأن الولايات المتحدة بريئة من هذا الاتهام وأن السبب في العراق وشعبه المنقسم إلى شيعة وسنة وأكراد وكأن التعددية المجتمعية غدت خطيئة وحدث خارق ولا سابق له في تاريخ الشعوب!! و أخير من خلال القول : ها هي واشنطن قد تراجعت أخيرا عن مشروعها، وهذا كذب رخيص وفظ .. مثلا: كتب الشبوط اليوم و هو يتنفس الصعداء (هدأ الجو الآن. فقد حذفت لجنة القوات المسلحة العبارات المثيرة للجدل في المادة “١٢٢٣” من مشروع قانون الموازنة العسكرية لعام ٢٠١٦ للولايات المتحدة الأميركية) ويستمر الشبوط في التبرير الساذج فيكتب (قلة معلومات وبساطة فهم بعض المتحدثين من النواب وغيرهم لآلية التشريع في الولايات المتحدة، حتى تم تصوير الأمر في بعض الحالات، وكان الكونغرس الأميركي المؤلف من غرفتين برمته بصدد اتخاذ قرار خاص بالعراق يدعو إلى التقسيم.) ولكن تصويت اللجنة الخاصة في الكونغرس بأغلبية الستين صوتا مقابل صوتين يعني أن لجنة الكونغرس برمتها مع مشروع تقسيم العراق رغم أكاذيب المروجين الطائفيين من حملة الجنسية العراقية و "غيرها".

إن هذا التراجع الذي قام به الكونغرس هو تراجع شكلي و لا قيمة له ويجب على الوطنيين العراقيين مواصلة التحريض والنشاط الجماهيري السلمي - في الوقت الحاضر- ضد هذا المشروع ورموزه حتى قبره نهائيا .. وحتى قبر النظام الحاكم الذي سهل وجوده وعرض وطننا لخطر محيق لا سابق له...

الخلود للعراق الواحد! والهزيمة للتقسيم ودعاته!

 

علاء اللامي

كاتب عراقي

في المثقف اليوم