آراء

ابناء الصياد الماهر (بير آوجلي) هنيئا لكم انتصاركم على داعش

zaheed albayatiفي مثل هذه الأيام من العام الماضي (17 حزيران 2014) وفي زمن الانكسارات والتخاذل التي تراجعت فيه مستويات الغيرة والشرف عند البعض وصارت فيه الخيانة مهنة يتاجر فيها صغائر القوم واصبح فيه الخنوع والهوان والجبن والهروب من أرض المعركة صفة ملازمة للجبناء والخونة ، وأمسى فيه سقوط المدن والبلدات واستباحتها بالجملة والمفرد بعد خراب الموصل ..

كانت هنالك قرية تركمانية تسمى الصياد الماهر (بير اوجلي) تابعة الى ناحية آمرلي في قضاء طوز خرماتو .. ولم يكن يخطر ببال ابناء هذه القرية الوادعة يوما ، أن تستباح بيوتهم من قبل جيرانهم وابناء عمومتهم المنحدرين من عشيرة واحدة ! الذين تجمعهم بهم صلات الجيرة والقرابة والزاد والملح والذين أصبحوا حواضن للدواعش فالشر أتى من مأمنه بعد أن دخلت اعداد محدودة من الارهابيين من الجنسيات الأجنبية الى القرى المجاورة الحاضنة ، حتى انطلقت الخلايا النائمة من كل قرية بأعداد تعد بالمئات ليغدر الغادرون !

فكان الهجوم على القرية بنحو ستين همر وآلية وبمختلف الاسلحة المتوسطة والخفيفة في مثل هذه الأيام من العام الماضي (17 حزيران 2014) فوقعت الواقعة على أهلها العزل من الغيرة والشجاعة وبعض اسلحة شخصية قديمة .. فما ذا حصل ؟

توزع رجال القرية الى قسمين الاول يقوم بالاستبسال و المشاغلة وتأخير دخول الدواعش بينما يقوم الفريق الآخر باخلاء النساء والأطفال الى مكان آمن ..

في هذه الليلة جرت منازلة غير متكافئة بين الدواعش المهاجمين ب60 همر وآلية تساندهم مجموعة من القناصين و يحمل مقاتلوهم اسلحة متوسطة حديثة وبين مدافعين عن القرية من مدنيين الآمنين الذين لم يكونوا يملكون اسلحة دفاعية تضاهي اسلحة المهاجمين الاوباش .. يقودهم الشيخ الثمانيني كمال كهية الذي قاوم ببندقيته القديمة البرنو وقتل اربعة من المهاجمين وشيخ خضر والعم حمود الذين ثبتوا مع مجموعة شباب القرية الأبطال الذين لم يكونوا يملكون العتاد الكافي لبنادقهم الكلاشنكوف البسيطة !

تقول (ام الشهيد عباس) بأن نجلها ذو 16 ربيعا كان يعمل بالنهار عامل بناء ويحرسنا ليلا مع شباب القرية وكان يضطر لشراء الرصاصة الواحدة بألف وخمسمائة دينار ، اذ لم يكن هناك أي تسليح حكومي ولا اي دعم من اي جهة كانت ! امام عدو غادر وخبيث ومسلح بأحدث الاسلحة مع جيش من الخلايا النائمة والادلاء الأذلاء في القرى المجاورة.

هنا تكمن روح النصر والحق و البطولة والرجولة والشجاعة .. فأبناء بير آوجلي ظهروا كرجال اشداء يقاتلون ببسالة فاجأت الارهابيين الذين استسهلوا اقتحام المدن والمحافظات بعد خراب الموصل ! الا انهم عجزوا عن دخول القرية الا على اجساد مثقبة بالرصاص وممزقة بالمهرات ومقطعة تحت عجلات وحشية لعينة لواحد وعشرين شهيدا ..مسطرين بدمائهم الزكية ملحمة بطولية عراقية تركمانية سيكتبها التاريخ بماء الذهب ..

منازلة فيها الكثير من العبر والدروس في الوطنية والدفاع عن الأرض والعرض والقيم وبين من جاء للقتل والسلب والنهب وحرق الممتلكات وتدمير البنى الحضارية للبلاد.

والعبرة في الخواتم .. فقد انتصرت بيراوجلي مع شقيقتها الكبرى آمرلي على الدواعش بعد أشهر من سقوطها بيد الدواعش وسط تخاذل مدن تعج بالملايين من الناس .. نعم انتصرت بدعم الحشد الشعبي البطل .. نعم انتصرت بفضل الشهداء الذين رووا الأرض بدمائهم .. فنمت وأثمرت والحمد لله رب العالمين .. هنيئا لكم يا ابناء الصياد الماهر وانتم تعيشون عودة الانتصار وهنيئا لكم يا شهداء الحق جنات النعيم .. وشكرا لكم على دروس الوطنية وحب الأرض والغيرة على العرض ..وشكرا لكم على صيدكم الثمين بالقضاء على داعش في مناطقكم .. منتظرين تطهير كامل التراب العراقي من ايدي داعش الارهابي ..

 

زاهد البياتي

كاتب وباحث

..................

بيراوجلي .. قرية تركمانية وادعة تابعة الى ناحية آمرلي في قضاء طوز خرماتو ( معنى اسمها بالعربية: الصياد الماهر او الصياد الأوحد) تعيش على الزراعة الديمية وتتميز بمياهها العذبة التي تستخرج من الآبار الارتوازية لتزيود   شبكات مياه الشرب في القرى المجاورة .

 

في المثقف اليوم