آراء

لا تلوموا فؤاد معصوم بل نظام معصوم

alaa allamiيعتقد البعض أن عقوبة الإعدام هي رادع فعال ضد الجريمة والمجرمين التكفيريين وغير التكفيريين، من هذا المنطلق يلوم الكثيرون الرئيس البروتوكولي فؤاد معصوم على عدم مصادقته على أحكام الإعدام الصادرة ضد مجرمين تكفيريين أدانتهم المحاكم العراقية وأنه يرفض المصادقة الشكلية على قرارات التنفيذ بحق أكثر من ستة آلاف مدان ومحكوم . مكتب الرئيس رد بأن عدد المحكومين بقضايا إرهاب هو 160 مدانا فقط وأنه مستمر في دراسة ملفاتهم. الرقمان مبالغ فيهما لجهة الكثرة أو القلة وذلك بمرجعية ما ينشر من أحكام في الإعلام العراقي، أما التبرير الذي ساقته الرئاسة لعدم المصادقة بسبب استمرار دراسة الملفات فمضحك وبائس معا.

إن المعلقين الغاضبين من الرئيس معصوم، وهم في غالبيتهم الساحقة من "مكون طائفي" واحد، بمصطلحات الديموقراطية الطائفية!، ينسون أو يتناسون وربما لا يعلمون أن زعماءهم في "التحالف الوطني" الذين وقفوا خلف ترشيح العبادي لرئاسة الوزراء هم الذين وافقوا على شرط إيقاف تنفيذ أحكام الإعدام الذي طالبت به قيادة ائتلاف "اتحاد القوى" ضمن حزمة من الشروط يجري تنفيذها بتثاقل وبطء.ولهذا فاللوم لا ينبغي أن يوجه لمعصوم فهو مجرد منفذ إجرائي لا أكثر بل لنظام معصوم القائم على المحاصصة الطائفية التي تنتج شروطا وظروفا كالتي نحن بصددها. فلماذا الزعل على معصوم أليس الأحرى أن يزعل الزاعلون على أحزابهم وتحالفهم "الوطني" جدا؟

مضاف إلى ما تقدم فإن البديهية الشعبية القائلة (إن أحكام الإعدام تشكل رادعاً فعالاً للجريمة والمجرمين) هي قناعة فاسدة علميا وإحصائيا فقد ثبت أن الجريمة بكافة أشكالها لم تتأثر بشكل ملموس في الدول الثلاث الأكثر تنفيذا لهذه العقوبة وهي الولايات المتحدة الأميركية والصين الشعبية والعربية السعودية. وبالمقابل فأن معدلات الجريمة لم تتأثر أيضا، صعودا أو هبوطا، في الدول التي توقفت عن تنفيذ أحكام الإعدام منذ ثلاثة عقود كأغلب الدول الأوروبية ما يعني أن هذه العقوبة أمر نافل تماما علميا وأخلاقيا ولا مغزى له عمليا.

أما في تجربتنا العراقية فثمة ما يؤكد هذا الفساد العلمي والتجريبي لهذه " البديهية" الشعبية فرغم تنفيذ المئات من أحكام الإعدام خلال السنوات الماضية لم تنخفض معدلات الجريمة وخاصة في مجال ما يسمى "الإرهاب التكفيري" ثم أي رادع ذاك الذي يمكن أن يردع شخصا مسعورا ومنحرفا نفسيا "سيكوباتيا" جاء ليفجر نفسه بالمتفجرات بين المدنيين العزل أو العسكريين الذين يعتبرهم كفارا أو مرتدين ليصعد هو إلى جنان الخلد حيث يجد الحوريات في انتظاره؟

إن "الفائدة" الوحيدة - إن كان لنا أن نعتبرها "فائدة" - لعقوبة الإعدام هي الفائدة النفسية التي ترضي وتشبع مؤقتا الميل الغريزي للانتقام والثأر لدى الضحايا الذين ظلوا على قيد الحياة ولدى ذويهم وذوي القتلى، وهذه الفائدة مشكوك في قيمتها العلمية والأخلاقية والعملية دعْ عنك أنها مؤقتة.

الخلل ليس في معصوم الذي يرفض توقيع أحكام الإعدام يا سادة وسيدات بل في نظام معصوم!

العلاج والحل ليس في أحكام الإعدام على أجساد المجرمين التكفيريين وغير التكفيريين فثمة المزيد منها دائما بل في اجتثاث الفكر الظلامي التكفيري بكافة مذاهبه وطوائفه ومليشياته وعصاباته وحكوماته وفي الوضع الحياتي والسياسي السيئ الذي يدفع تلك الأجساد والعقول الى ارتكاب الجرائم الدموية باسم الدين والطائفة والعرق والقومية!

ينبغي إعدام الفكر التكفيري وفكرة الدولة الدينية الطائفية وحينها لن نجد ضرورة لعقوبة إعدام الأجساد!

 

علاء اللامي

كاتب عراقي

في المثقف اليوم