تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

آراء

الحشد الشعبي وترسيخ الهوية الوطنية

raed jabarkhadom(كدت ان افقد الامل في سلامة العراق ونجاته من حربه الاخيرة مع الارهاب، وكدنا ان نفقد العراق ونخسره الى الابد، لولا ان رأى برهان ربه في الحشد الشعبي الوطني).

الحشد الشعبي، وما ادراك ما الحشد الشعبي، تلك الجماعة المؤمنة بالله تعالى وبحب العراق واهله ومقدساته، ونخله ومائه، وترابه هوائه، والتي تحرك في عروقها ودمها غيرة الدفاع عن كل ذلك، ضد اعداء الدين والوطن والانسانية، من مجرمي الداخل والخارج، ممن يتزيون بزي الشيطان ويتخذوه ولياً واماماً لهم في الدنيا والآخرة.

لقد ظهر الحشد الشعبي وتكون في فترة وجيزة نتيجة لفتوى ذهبية من لدن المرجعية، ألهبت الجماهير وصعّدت فيهم الهمة والغيرة والروح الوطنية للحفاظ على العراق بكافة طوائفه وقومياته وتشكلاته الدينية والسياسية والثقافية.

ادركت المرجعية الدينية الحكيمة ان الظرف واللحظة الزمانية للبلد تحتم الوقوف صفاً واحداً للحفاظ عليه من برابرة العصر ومغول اليوم، اصحاب العنف والقتل والكراهية، الذين كادوا ان يفتكوا بالبلد ويحققوا مآربهم لولا ان منّ الله تعالى علينا بنعمة الحشد الوطني والفتوى الوطنية للدفاع عن بلدنا من شر الاعداء والمبغضين.

لقد حفظت وحافظت الفتوى الوطنية للجهاد الكفائي، البلد من الانهيار والسقوط والدمار، وانقذت العراق والمنطقة من كارثة انسانية لا مثيل لها، وحققت الفتوى من انجاز وفاعلية ما لا يعتقد ولا يصدق من قبل الكثيرين، وادت من المفعول والنتائج ما لم تستطيع الدولة بهيبتها، والحكومة بمؤسساتها، والاحزاب بقياداتها، ان تقف بوجه الارهاب وتنقذه مما وقع فيه من شر وفتك ودمار لا يحمد عقباه، ولكن كانت الفتوى الحكيمة وتشكل الحشد الشعبي الوطني هو السور الامين والسد العظيم وصمام الامان، الذي حفظ البلد والدولة والحكومة والعملية السياسية برمتها، بعد ان فشلت الاحزاب وقياداتها والحكومة في الحفاظ والدفاع عن البلد، ووصل الامر بأشتراك اطراف من العملية السياسية وممن اتت بهم الديمقراطية الى الحكومة والبرلمان للتآمر على ابناء بلده ومحاولته للاطاحة بالعملية السياسية من اجل تحقيق مآربه الشخصية والحزبية والطائفية الضيقة، ولكن كُشف امرهم وبانت نواياهم وافعالهم الاجرامية القذرة التي كادت ان تسقط البلد واهله لولا ان تداركنا الله برحمته.

ان مما يؤسف له ان الدولة العراقية ما بعد 2003 والحكومات المتعاقبة، ليس لديها اي حس امني ولا اي فكر استراتيجي آني ولا مستقبلي للدفاع عن امن وسلامة البلد واهله، وحين يتعرض البلد لمكروه ما تلجأ الحكومة الى الحلول الترقيعية المستعجلة والفاشلة في اكثر الاحيان، وهذا ما ينم عن عدم الشعور الحقيقي بالمسؤولية من قبل الحكومة للدفاع والحفاظ على العراق واهله من الاخطار المحدقة به، وربما يمتلك عدونا من الخبرة والاستراتيجية اكثر من الحكومة، لعملهم السابق في مؤسسات الدفاع والداخلية ومفاصل مهمة من الدولة، مما اهلهم لممارسة الدور الاجرامي والتخريبي اكثر مما يكون في خدمة البلد وبناء المواطن.

اصبح الامر واضحاً للعيان وضوح الشمس ان بلدنا يتعرض لخطر اجرامي فادح، وقد خسرنا الكثير من طاقاتنا وثرواتنا وشيبنا وشبابنا وابنائنا، وان عدونا فتاك دموي لا يرحم، قد اساء لجميع طوائفنا وقومياتنا ومذاهبنا، وعمل جاهداً وبكل ما يملك على تفكيكنا وتقسيمنا والغاء هويتنا وحبنا لبلدنا، بشتى وسائله الاجرامية، من تهجير وقتل وعنف وابادة، الا ان الفرد العراقي بكل فئاته وتوجهاته ادرك كل المخططات ومن يقف ورائها، وتبين له الحق من الباطل، والفعل الاسود من الفعل الابيض من الامر، بما فعله اهل الباطل من حقد وكراهية ودموية لابادة بلدنا وأهله، وبما عمله اهل الحق من صولات كبرى في الدفاع عن الارض والعرض، وبما قدموا من غالٍ ونفيس من الانفس الطاهرة في سبيل حفاظهم على هوية هذا البلد، مما يدلل على عمق وكبر وحب واصالة هويتهم الوطنية.

راهن الكثير من اعداء العراق على ان نشوء وتأسيس الحشد الشعبي هو بداية العنف الطائفي والحرب الاهلية ونهاية العراق وسقوطه، لكنهم خسروا الرهان حين رأى الناس قيمة وقامة وقمة هذا التشكل وهذه الفئة المؤمنة بحبها لبلدها وبغضها لعدوها، وخسة عدوها وقذارته وحقدها على بلدنا واهلنا.

لقد كانت فتوى المرجعية في الدفاع عن العراق واهله، بحق القول الفصل في بيان الهوية الوطنية من الهوية الطائفية، وصحيح ان الفتوى قد صدرت من زعيم طائفة بعينها، لكنها لم تكن فتوى طائفية، لانها حفظت البلد واهله بكافة هوياتهم الفرعية والثانوية، وسعت لان تكون الهوية الوطنية هي القيمة الكبرى للحفاظ على وجودنا المهدد والخطر الكبير المحدق بنا، فبورك بالفتوى الوطنية وبقادتها، وبارك الله بالحشد الشعبي الوطني، وحفظ بلدنا من كل سوء ومكروه، وزاد في حبنا للوطن واعلاء هويتنا الوطنية.  

 

د. رائد جبار كاظم

في المثقف اليوم