آراء

الدروس القاسية: تجربة أعادة اعمار العراق بعد الحرب وفضائح التخريب (1)

abduljabar alobaydiكتب التقرير المفتش العام ستيوارت دبليو بوين نشره مكتب الوثائق الامريكية – واشنطن العاصمة في 2 شباط / 2009

نشر مكتب الوثائق الأمريكية التابع للحكومة الامريكية في واشنطن العاصمة وثائق هذه التجربة القاسية في اعمار العراق بعد 2003.جاءت هذه التجربة في تقرير مفصل ومطول كتبه المفتش العام الأمريكي الذي رافق العملية السياسية منذ عام 2003 ويحتوي التقرير على خمسة ابواب رئيسية، سنقوم بنشرها تباعا، ان تمكنا بعون الله مع التصرف، وهي:

- الشخصيات الرئيسية الامريكية المساهمين في برنامج اعادة اعمار العراق .

- سلطة الأئتلاف المؤقتة التي قادت العملية.

- دور السفارة الامريكية في بغداد.

- التغلب على العوائق بوجه اعادة اعمار العراق .

- الدروس المكتسبة.

- دور دول الجوار في تسهيل مهمة التدمير .

تعليق شخصي لا علاقة له بالتقرير .-

 

مقدمة   التقرير:

صدر هذا التقرير المهم بمناسبة حلول الذكرى الخامسة لتعيين كاتب التقريرالسيد ستيوارت دبليو بووين كمفتش عام في العراق . بعد هذا التعيين ألتقى بوزير الدفاع السيد دونالد رامسفيلد لمناقشة مهمته الجديدة .لقد قدم له الوزير كل التقدير والاحترم والأطراء للبدء بأعداد الأشراف التفتيشي على سلطةالأئتلاف لأعادة اعمار العراق. يقول ستيوارت: كان مكتبي في القصر الجمهوري مجاورا لمكاتب السفارة الامريكية المؤقتة ومجاورا لمكتب المراقب المالي لسلطة الأئتلاف المؤقتة.ان ما شاهدته هناك كان مثيرا للقلق: مبالغ كبيرة من الاموال النقدية تخرج بسرعة من الباب في وقت لاحق من ذلك اليوم، وأنا أسير في قاعات القصر، سمعت أحدهم يقول :لن تستطيع فعل ذلك بعد اليوم، فهناك مفتش عام جديد هنا. يعني ان الأموال العراقية كانت تسرق وتهرب بلا رقيب ولا حسيب قبل تسلمه سلطة التفتيش ..

هذه الاشارات الحمراءالمنذرة كانت أولى الاشارات على مدى التحديات الذي سيشكلها تنفيذ الاشراف على أعادة أعمار العراق . لكن السلوك المهني، والمنتج الشجاع للعديد من المدققين والمفتشين الذين عملوا بدأب وأجتهاد لأداء مهمة المفتش العام في العراق بعد الاحتلال كانت هي الاساس.

يقول التقرير :ان سلطة اشراف مكتب المفتش العام لأعادة اعمار العراق غطت حوالي (50 مليار) دولار امريكي من الاموال الامريكية التي خصصها الكونكرس للعراق، ويعتبر أكبرجهد اغاثة واعادة اعمار لبلد واحد في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية .هذا البحر المتلاطم الامواج من دولارات دافعي الضرائب الأمريكان تدفق الى اعادة اعمار العراق لتغطية مشاريع بناء الديمقراطية والمشاريع الكهربائية وتدريب الشرطة والجيش الجديد وموازنات مجالس المحافظات وتمويل الاصلاحات في حكم القانون، ا ن هذا التوجه بعضه نجح والبعض الاخر فشل .

هذا التقرير عبارة عن وصف التكليف الذي منحه الكونكرس الامريكي للمفتش العام لتقديم النصح والأرشاد حول السياسات الرامية الى تعزيز" الاقتصاد والفعالية والكفاءة" في البرامج التي نشأت لأغاثة وأعادة اعمار العراق بعد الاحتلال. يقدم التقرير تاريخا مرتباً حسب التسلسل الزمني لبرنامج اعادة اعمار العراق رابطا

عددا من المواضيع الاخرى منها:

التحديات الهائلة التي شكلتها المشاكل الأمنية بوجه جهود اعادة البناء .

التغيرات الدراماتيكية والتفاعلية المتكررة في مسار أستراتيجية اعادة الاعمار.

الاضطراب الناشىء عن التبديل المتواصل للموظفين على كل مستوى.

الهدرالمالي الذي سببته الممارسات غير الكافية للتعاقدات وادارة البرنامج .

ضعف التكامل للجهود بين مختلف الوكالات بسبب ضعف وحدة القيادة والتناقض في وحدة الجهود.

نص التقرير – جاء عبرَ المشاهدات الموجزة، والمقابلات الشخصية للمسئولين الامريكيين والعراقيين، والتفاصيل الواقعية – يفسر التقريرالمواضيع التي دونها المفتش العام والتي كتب فيها تصوره عن هذه العملية الضخمة التكاليف والتي لم تؤدي النتيجة المطلوبة في الاصلاح والتعمير، فيقول:

ان:

- التخطيط الضيق النظر والمفكك لما قبل حرب العراق وما بعد الحرب من قبل المسئولين الامريكيين والمعارضين العراقييين أدى الى النتائج الكارثية.

- التوسع الكبير أو الطموح الكبيرأكثر من اللازم لبرنامج سلطة الأئتلاف المؤقتة لأعادة أعمار العراق بلا دراية ودون الاعتماد على المخلصين.

- ضرورة اعادة البرمجات المتأئرة بالوضع الأمني والتي تطلبتها مقتضيات التمرد التي فاقت كل تصور.

- الرد المتمثل بالموارد القويةجداً والمستخدمة في رفع وتيرة الجهود العسكرية الأمريكية دون تحقيق النتائج.

- ازدياد دور العراق في أعادة أعمار نفسه بنفسه دون نتيجة تذكر.

ان تقرير الدروس القاسية يُجيب عن بعض الأسئلة الهامة حول البرنامج الأمريكي لأغاثة واعادة الاعمار في العراق ودور مجلس الحكم المترهل صاحب المصالح والامتيازات الخاصة، والمؤسسات الاخرى ودول الجوار وما سببته من متاعب في اعادة الأعمار. والأسئلة هي:

هل حقق البرنامج الاهداف التي وضعها لنفسه ؟ نقول :بوجه عام، (كلا) وخاصة فيما يتعلق بجبهة البنية التحتية.، ولكن بوجه عام أخر، (نعم)، وخاصة فيما يتعلق بتنمية قوات الأمن العراقية . فيما يخص انتاج النفط والكهرباء لا زال دون الاهداف التي وضعتها سلطة الأئتلاف المؤقتة قبل اكثر من خمس سنوات، كما ان عدد المشاريع المنجزة بنجاح في قطاعي المياه والصحة الاساسيين كانت دون الامال بكثير. ومع كل الجهود التي بذلت والاموال التي صرفت بقيت قوات الامن دون الطموح ومستويات الأداء الكامل في التنفيذ.

يقول صاحب التقرير: لقد حملَ البرنامج عبئا ثقيلا جدا بما يخص الهدر للمال العام والاحتيال ؟ يقول (نعم) هذا حدث . ويقول: ان الاستخدام المفرط لعقود الكلفة دون تقييم زادت من ارباحهم، والنفقات الاساسية الكبيرة للمقاولين، والتاخيرات غير المقبولة للبرامج الاعمارية والمشاريع من قبلهم والمسئولين وفقدان الرقابة المالية والادارية، ساهمت كلها في هدر المال العام. لقد أكتشفنا تجاوزات (شنيعة) من الاحتيال من المقاولين والمسئولين، وكان حجم الاعمال الجنائية ضدهم لا تمثل سوى نسبة صغيرة بحق المخالفين.  

ويقول : لماذا فشلت جهود اعادة الاعمار احيانا كثيرة في بلوغ اهدافها ؟ يقول كان( فقدان الأمن) في المقدمة رغم الاموال الباهضة التي خصصت له. هذا التقرير كان في مقدمة التفسيرات السائدة لأوجه التقصيرفي البرنامج الحكومي الامريكي . لكن هذا التفسير يقودنا الى سؤال اخر هو:

لماذا جرى تنفيذ خطة واسعة لاعادة البناء في بيئة أمنية غير مستقرة الى حدٍ خطير؟

هذا السؤال يؤكد درسا قاسيا مُسيطرامن العراق : ويقول التقرير احذروا السعي وراء برامج اعادة اعمار العراق في بيئة النزاعات الكبرى، وهذا يعني ان قانون البنى التحتية سوف لن ينجح دون ضبط الناحية الامنية، لكن يبدو ان الأرتجال وعدم الاهتمام بمستقبل الشعب من قبل المسئولين الذين رافقوا عملية التغيير- وخاصة أعضاء مجلس الحكم ومن رافقهم - كان وراء التصرفات الخاطئة التي لا العراق ولا امريكا بقادرين على مجابهتها الى اليوم بعد ان تجذرت في النفوس وأصابتها بمرض الفساد والرشوة.

يقول المفتش العام :لقد اجرينا الكثير من المقابلات لمسئولين امريكيين وعراقيين للوقوف على الحالة وطريقة الخلاص من الواقع المر، منهم: رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي، ووللفويتزوكيل وزارة الدفاع، ونيغروبونتي المسئول الأمني، وبريمر الحاكم المدني، وخليل زادة السفير الأمريكي.ومن العراقيين علاوي رئيس الوزراء السابق والجعفري عضو مجلس الحكم، والجلبي عراب العملية السياسية، والسفير سمير الصميدعي والقاضي الراضي مفتش النزاهة، والوزير بابان وزير التخطيط العراقي. وتفاصيل المقابلات كان هوأهمال المسئولين بتقصد في مجلس الحكم والمؤسسات الاخرى التي اجريت والتي ستأتي لاحقاً.

ويتحدث التقرير ايضا عن جهازمدققي ومفتشي مكتب المفتش العام وتقارير اخرى، وعن الاشكاليات الصعبة التي واجهتم في العراق ومقتل البعض منهم باحداث هجومية من المعارضين العراقيين.

يبدو من قراءة التقرير لأول وهلة، ان هناك احداثا كبرى رافقت العملية السياسية وكان زعماء المعارضة العراقية على علم مسبق بها دون ان يكشفوا ما رافقها من احداث للشعب سوى همهم الوحيد هو اسقاط الحكم والسيطرة على السلطة دون برنامج مسبق لما بعد التغيير . وسنقوم بنشر فقرات التقرير ليطلع عليها المواطن العراقي قبل الامريكي والاجنبي لنرى ما حل بالوطن من كارثة سميت بالعملية السياسية التي كرست منافعها للمرافقين وما لحق بالعراق من تدمير شامل للوطن والمواطنين ومستقبل العراق ككل.ان المرافقين العراقيين للتغير هم ادرى بكل ماحصل .

 

تعليق شخصي:

من يعتقد ان تحرير العراق من حكم صدام حسين جاء برغبة الولايات المتحدة في نشر الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية في العراق الجديد ، وتخليص العراق من اسلحة الدمار الشامل (الوهمية) التي ساهم بعض العراقيين في الداخل والخارج من باعة الضمير بتزييفها بحاجة الى تدقيق واعادة نظرفي التاريخ ، وان المعارضين العراقيين الذين رافقوا التغيير لم يأتوا من اجل هذه المهمة الوطنية ونقل الحقيقة عن العراق الى المسئولين الامريكيين بصدق وأمانة ووطنية بل بدوافع شخصية فأوقعوها في وَهَم التقدير.فالمُغير ومن رافق التغيير كانوا يعلمون علم اليقين ان هناك اهدافا أستراتيجية للتغيير بعيدة كل البعد عن الأهداف الوطنية التي اعلنوها للعالم والعراقيين، وسيحاسبهم التاريخ ويعتبرهم من خونته المعددودين، وها تراهم اليوم منكسة رؤوسهم بعار السنين، معزولين عن الجماهير، يكرون حتى انفسهم مثلما تكرههم حتى ثيابهم التي يلبسون .تلك الأهداف التي شعر المحتل ومن موه عليه الخطأ بأن تدمير العراق هو البداية لتدمير الأمة العربية ككل فكانوا من المنفذين.، ويتحمل صدام ورهطه الفاقد للشجاعة الوطنية مسئولية الجزء الاكبر من هذه المسئولية حين هرب من المعركة وترك جيوش العراق عرضة للتدمير ...هذه التوجهات اللاوطنية، اماتت وطن الى اخر السنين ومن بعدهم من كانوا يدعون انهم من المعارضين. هذه اللعبة الخطرة التي ادت الى تدمير الوطن والشعب ومستقبله ككل، لكن التقييم الأمريكي كان يقول غير هذا، وها هي الحقيقة اليوم، عراق بلا عراقيين، وثراء مختصر على الناكثين للعهد والوطن واليمين، وسلطة بيد الجهلة والمنافقين، فسرقوا العراق ودمروا تراث العراقيين وقتلوا العراقيين.

ونحن نقول لهم جميعا ان كل من خطط ونفذ، ساعد وكذب، دمر وخرب، سكت وصمت، سرق ونهب، ساعد قوات التحالف على المرور باراضيه لاحتلال الوطن وخاصة دول الجوار، ستظهر حقيقتها غدا مهما ارادوا أخفائها، وستبقى ضمائرهم الفاسدة تعذبهم حتى في قبورهم بعد ان دمروا وطنا كان من المفترض ان يكون من احسن البلدان لولا عقلية صدام الهتلرية الفاقدة لكل مقاييس الحضارة والتاريخ، ولولا عقلية كل المرافقين للاحتلال من خونة التاريخ تمهيدا لتسليم الوطن للمجاورين واليوم بدأ تظهر الخيوط في سنجار وتحويلها الى شنكال والاحتفال بها من قبل جهلة الحاكمين.. لذا على المخلصين من العراقيين ان يقيموا الحجة عليهم ومطالبتهم بالتعويض بموجب قوانين الامم المتحدة لا ان يدفع العراق التعويض بعد ان ساهمت وزارة الخارجية العراقية بدور هام في ضرب المصالح الوطنية لوقوفها بجانب المعتدين ضد المصالح الوطنية متمثلة بوزيرها زيباري الفاقد لكل معايير الامانة والوطنية، فأين محاكم القانون يا دولة القانون؟ .

واليوم يتخاصم المتخاصمون ولا ندري على ماذا يتخاصمون ؟ بعد ان ساهمت قياداتهم جميعا من شيعة وسُنية وأكراد وتركمان وأقليات اخري، واحزابهم الدينية والشيوعية والوطنية ومرجعياتهم الدينية كلها في التدميروها هو الشعب ينادي اين دولة القانون؟. ولا حل امام الجماهير لتخليص الوطن منهم وتقديمهم لمحكمة التاريخ الا بالعصيان عليهم حتى السقوط. اما الاحسن لكم ايها الحاكمون الخونة ان تكفوا عن التهريج والتخاصم والتقاتل بحجة مظلومية المظلومين، فالحسين الشهيد واهل البيت براء منكم الى يوم الدين.، لا حل امامكم الا صوت العقل وهي دستورية الحكم وسيادة القانون وترككم لقيادة الدولة ليحل فيها المخلصون، فلا الرمادي بقادرة ولا اربيل بقادرة ولا النجف بقادرة وحدها على حكم العراقيين، أقرأوا التاريخ يا قادة التاريخ المنهزمين اليوم امام داعش اجرام التاريخ؟ فلا تكونوا بُعاد عن فكرة العدل السياسي فقبلكم كان معاوية والمنصور وصدام وكل الاخرين، واليوم سيحاسب كل اعضاء مجلس الحكم الخائن، وكل من شارك في السلطة من الخائنين بحق الوطن والشعب من السابقين واللاحقين، فأنتم الان ليس في خطوة الى الامام بل في ردة الى الوراء والكل يتفرج عليكم ينتظرون منكم المصير. فهل تعقلون؟

وسنوالي التعليق بعد كل حلقة قادمة تنشر على العراقيين .

 

عرض د.عبد الجبار العبيدي - بتصرف

 

في المثقف اليوم