آراء

شرعنة الفسـاد وسرقة اموال الشعب

اعطت مظاهرات الجمعة الفائتة بارقة امل لتغيير قد يكون قادما اذا استمرت المظاهرات لحين الحصول على نتائج ملموسة على ارض الواقع وعدم الانخداع مرة اخرى بالوعود المعسولة وقد جسدت الكثير من الهتافات وفي مقدمتها شعار " باسم الدين باكونه الحراميه " معاناة جماهير الغاضبين المحرومين من ابسط الحقوق الانسانية منذ سقوط نظام صدام القمعي الفاشي لتضاف الى معاناة سنوات الحصار والحروب العبثية السابقة.

ان نهب خيرات البلاد والتي بلغت باعتراف المسئولين انفسهم اكثرمن ترليون (الف مليار) دولار والقيام بتحويلها الى ارصدة المسئولين الفاسدين المستحوذين على الحكم منذ الاحتلال وفق اسس المحاصصة والطائفية قد دمرت العراق واضاعت اكثر من ثلث مساحته ليتم اغتصابها من قبل عصابات داعش الارهابية في ظل معاناة لاتوصف لابناء الوطن في حين تتمتع مافيات الفساد بخيرات العراق دون حسيب او رقيب.

لقد فشل البرلمان العراقي بامتياز في مهماته كسلطة تشريعية او رقابية واصبحت لجانه التحقيقية مثارسخرية لعجزها عن كشف اي تزوير او فساد او تحويل اي متهم من الحيتان الكبيرة الى محاكمة او محاسبة كما حصل مؤخرا في اللجان التحقيقية بمجزرة سبايكر وضياع الموصل وماذا نتوقع من برلمان يدين معظم اعضائه بالولاء لرؤساء الكتل بدلا من تمثيل ارادة ابناء محافظاتهم او مصلحة العراق وقد جاء هؤلاء النواب عبر عملية انتخابية تم استخدام اموال الشعب ونفوذ الحكم اضافة الى شبهات التزوير ومليء صناديق الاتخابات بالاف الاستمارات المشبوهة امام اعين المفوضية "الغير مستقلة للانتخابات".

ان المؤسف ان يتم تشكيل حكومة السيد حيدر العبادي بنفس الوجوه الكالحة السابقة الفاشلة المتعجرفة التي تعتبر نفسها من الصنف الملائكي كما صرح احدهم لافض فوه ! ولكن ما الذي كنا نتوقعه ان كانت نفس اسس المحاصصة وتوزيع الغنائم مستمرة وهل نسينا او تناسينا بان رئيس الوزراء الحالي كان رئيسا للجنة المالية للبرلمان طيلة العشرة سنوات الماضية فما هو سجل انجازاته ياترى؟ هل كشف اية فضيحة مالية وقدم المسئولين عنها للمحاكمة وماذا كان دوره الرقابي في المحاسبة على المليارات المهدورة وهل لعب دورا او ساعد البرلمان الفاشل في المطالبة بكشف حسابات الحكومات المتعاقبة قبل اقرار ميزانيات الحكومات الجديدة وهل توجد دول اخرى في العالم (عدى جمهوريات الموز وبلاد الواق واق) تقبل بتخصيص ميزانية جديدة دون حساب ختامي للسنة التي سبقتها؟ اليس من الغريب ان يصحو الحاكمين فجأة بعد المظاهرات الاخيرة ويدعون الاستجابة لمطاليبها وكانهم على جهل تام بمعاناة الناس والامهم؟

المطلوب اليوم وليس غدا وبالاستناد على التفويض الشعبي وزخم المظاهرات التي نأمل ان تستمر وتتصاعد وان لايتم احتوائها او ركوب موجتها من السياسيين المنافقين، القيام بآجراءات لاصلاح القضاء ودعمه ليقوم بدوره في محاسبة الفاسدين الكبار من كافة الاحزاب والتكتلات السياسية المشاركة في حكم فاشل اوصلنا الى ما نحن فيه من الفقروغياب الخدمات والبطالة والتخلف التعليمي والصحي، اضافة الى الفشل الامني والعسكري لذا المطلوب وبشكل ملح تفعيل مبدأ من اين لك هذا ومنع كافة الوزراء والمسئولين الكبار من السفر والاستعانة بالهيئات الدولية لكشف اموالهم وممتلكاتهم في الداخل و الخارج للعمل على استرجاع مايمكن من الاموال المنهوبة وكذلك ماسجلوه باسماء ابنائهم واقاربهم.

ان الاحزاب والتشكيلات الفاشلة الحاكمة قد اصدرت قوانين وتشريعات تخولها نهب المال العام بدون اي سند قانوني كما اشار رئيس سابق لهيأة النزاهة اي انها تسرق اموال الشعب باسم القانون ولايقتصر ذلك على رئيس الجمهورية الحالي والسابقين ورؤساء الوزراء ونوابهم والوزراء والنواب الحاليين والسابقين واصحاب الدرجات الخاصة بل يشمل ايضا اعضاء مجالس المحافظات هؤلاء الذين يكلفون الدولة هم وحماياتهم ورواتبهم التقاعدية المليارات من الدولارات سنويا وهم باغلبهم فئة طفيلية منتفعة دون اية مؤهلات او امكانيات تبرر حصولها على هذه المغانم المسروقة من قوت الشعب الذي عانى ومازال يعاني الامرين من سيطرتهم على المواقع وتجاهلهم لمعاناة فئات الشعب وخاصة الشباب منهم بما فيهم الالاف من خريجي الكليات الذين يبقى معظمهم دون عمل اذ لايتم التعيين الا يالرشوة او الانتماء للاحزاب الحاكمة حيث تغيب معايير المنافسة العادلة على الوظائف وتنعدم الفرص لانهيار الصناعة والزراعة وقطاع الخدمات .

ان القابعين في المنطقة الخضراء هم فئة فاشلة تعيش في برج عاجي واتمنى ان يكون يوم الحساب قريب حيث تسود معظم هذه الوجوه التي تستغل الدين والطائفية والاثنية لتمزيق وتقسيم العراق وينخر الفساد في كل فواصلهم وتسود المحسوبية واستلام الرشاوى كافة صفقاتهم المشبوهة وعقودهم التي تعود بالنفع لاحزابهم وزبانيتهم، ولذلك على السيد العبادي الذي بدأ بخطوات سليمة ناقصة ان يحل الوزارة الحالية ليقوم بتشكيل وزارة طواريْ ذو عدد محدود من الوزراء الكفؤين البعيدين عن المحاصصة وتقديم تلك الكابينة للبرلمان للتصويت عليها وان عجز البرلمان عن ذلك فالمطلوب كما يطالب المتظاهرين حل البرلمان الحالي واجراء انتخابات مبكرة باشراف دولي لضمان نزاهتها ووفق قانون انتخابات معدل يضمن تمثيلا حقيقيا لارادة العراقيين.

ان العودة لتطبيق القانون بشكل عادل ودون تمييز على الجميع وترسيخ مبدأ المواطنة وكون الجميع سواسية امام القانون ليس قولا بل فعلا وعبر تقديم السراق والحرامية الكبار من الوزراء وقادة الاحزاب الحاكمة للمحاكمة تلك التي امتهنت كرامة المواطن العراقي الذي صبر عليهم طويلا قبل ان يتظاهر اخيرا يمكن ان يعيد الامل للجماهير المسحوقة التي نهبت اموالها ووارداتها دون ان تتلمس اي تحسن في امورها المعاشية او الخدمية والسؤال الملح هل ان بامكان الحكام الحاليين او اي شخص منهم ان يقوم بالاصلاح او التغيير الذي ينشده الشعب .

ان التصدي للاخطار المحدقة بالعراق واسترجاع المحافظات التي اغتصبها داعش لاسباب يطول شرحها رغم ان المطلوب تقديم المسئولين عن تلك الانتكاسة او الهزيمة وفي مقدمتهم رئيس الوزراء السابق ورهطه العسكري الى المحاكمة الفورية العادلة ليس فقط بسبب ذلك الانهيار العسكري بل لمعرفة مصير الميلياردات التي نهبت من الخزينة، وكذلك تنفيذ البرنامج الحكومي المعلن لتعزيز وحدة الصف العراقي ولرفع عزيمة وثقة المقاتلين للتصدي لداعش والانتصار على الارهابيين.

اتمنى ان ينجح رئيس الوزراء الحالي في تحقيق مطالب الشعب بالاصلاح الحقيفي ولكن كما يقول المثل " الشك جبير والركعه صغيره"

ان غدا لناظره قريب

 

د.محمد الموسوي

 

في المثقف اليوم