آراء

أيهما أخطر "الحرس الوطني" أم المحاصصة الطائفية؟

alaa allamiأيهما أخطر على العراق، في ظل الوضع العسكري المزري والخطِر: مشروع "الحرس الوطني" وإقليمه السني أم تفتت العراق كله و دخوله فترة مظلمة قد تنتهي بضياعه تماما؟

1- سجلتُ باكرا رفضي لمشروع "الحرس الوطني" واعتبرته - و ما أزال - بوابة من بوابات تقسيم العراق رسميا، ومن الناحية المؤسساتية "العسكرية"، بعد أن تم بنجاح – للأسف - تقسيمه مجتمعياً و سياسياً واقتصادياً ونفسياً (على مستوى النخب المؤيدة لنظام حكم المحاصصة الطائفية أكثر مما هو الأمر على المستوى السكاني والمواطنين عموما).

2- رفضي المستمر لمشروع الحرس الوطني كمنتوج لمشروع أكبر منه هو حكم المحاصصة ودولة المكونات الذي يجري القفز على خطورته، لا يمنعني من طرح التساؤلات والأسئلة التالية بهدف مراجعة فكرة الرفض وليس التراجع عنها.

3- على الأرض، ثمة دولة كردية فعلية، وإقليم شيعي يمتد من سامراء إلى الفاو تهيمن قيادته على دولة المحاصصة الفاسدة أو ما تبقى منها، وإقليم سني تتقاسم السيطرة عليه داعش وقوات من الإقليم الثاني.

4- العراق يعيش حالة تقسيم غير مكتمل و الاسم الحقيقي للتقسيم المكتمل هو (قيام إقليم سني في المنطقة الغربية بجيش مستقل) يواجه داعش ويفتح الوضع على احتمالات أخرى.وهل التقسيم غير المكتمل أقل إجراما وخطرا من التقسيم المكتمل و أين الأصل و أين الفرع هنا؟

5- الوضع العسكري الآن، وخصوصا على جبهة الرمادي والفلوجة وبيجي، مقلق جدا فالجمود هو المسيطر والمبادرة ليست بيد الجيش والحشد غالبا، والعصابات التكفيرية الداعشية تهاجم وتسجل تقدما في أكثر من موقع. هذا يعني أن هناك عجزا حكومياً وحشدياً عن حسم الموقف عسكريا وحتى عن إحراز تقدم حقيقي بطيء وهذا ما أكده حتى كبار قادة الحشد و لكنهم يلقون بالمسؤولية على الجهات الحكومية.

6- ما تسرب عن خلافات حادة بين العبادي وقادة الحشد، وحتى إذا أُخذت هذه التسريبات بالحد الأدنى من الصدقية يؤشر أن هناك وضعاً عسكريا سيئاً قد يتحول إلى انكسار أو اختراق أمني كبير على هذه الجبهات أو على جبهة أخرى، ولا يمكن أن ننفي تماما ما يقال عن ضغط يقوم به الأميركيون على العبادي لتأخير الحسم العسكري في تلك الجبهات بهدف تمرير مشروع "الحرس الوطني" كمقدمة لقيام " الإقليم السني".

7- واشنطن تضع بغداد أمام الخيار التالي: اعترفوا بالحرس الوطني كجيش مستقل عن المركز، كمقدمة للاعتراف بالإقليم السني، لنسمح لكم، وربما نشارككم، في تحقيق تقدم وتحرير مدن الغربية أو بعضها وربما بالتقدم نحو الموصل ضمن وضع جديد للعراق كله ضمن دولة "كونفدرالية"، أي : تطبيق تدريجي لخطة بايدن!

8- الأحزاب الإسلامية الشيعية المهيمنة على حكومة بغداد تريد الاحتفاظ بالحكم كما هو الآن "محاصصة يهيمن عليها هو طائفيا" وتعاقب مخالفيها ومعارضيها بإسقاط صفاتها كـ (الانفصالية والطائفية والتبعية للدول الإقليمية والغرب) عليهم، وتحقيق النصر على داعش والحفاظ على تحالفها مع الزعامات القومية الكردية وهذا وهم وأضغاث أحلام. والسبب هو أن هذه الحكومة وأحزابها عاجزة عسكريا – بالدليل الملموس- عن الحسم وقد تأكد ذلك عمليا خلال عام ونصف تقريبا.

9- ولكن: هل يمكن اعتبار مشروع "الحرس الوطني"، بالنقطتين المختلف عليهما، وهما ( قيادته من المحافظ و تكوينه من أهل كل محافظة على حدة وبشكل مستقل )، أخطر من داعش و من تفتت العراق ككل وضياعه في دويلات طائفية متذابحة؟

10- ولكن: ما هي الاحتمالات أو البدائل الأخرى الممكنة والمختلفة عن الاحتمالين التاليين: أولا، قيام إقليم سني سينتهي حتما بانتهاء الأسباب التي أدت إلى قيامه وفي مقدمتها: هيمنة الأحزاب الإسلامية الشيعية على الحكم، وثانيا: انتهاء وجود الإقليم "الشيعي" القائم كأمر واقع والممتد من سامراء إلى الفاو والمدعوم من واشنطن وطهران؟

11- أسئلة مضادة ومتصادمة:

- ما الضمانة الأكيدة على أن الحرس الوطني كفيل بهزيمة داعش وإبعاد خطر الهيمنة الأميركية والإيرانية القائمة والتركية السعودية المحتملة؟

- أيهما أصح وأكثر واقعية: رفض الحرس الوطني جملة وتفصيلا، أم القبول به بعد قصقصة ما يمكن من زعانفه الانفصالية الأكثر خطورة؟

- إذا لم يتمتع الحرس الوطني بشيء من الاستقلالية فما الفرق بينه وبين تجربة قوات الصحوات والعشائر التي فشلت كما فشل غيرها في أن تكون البديل الناجع؟

- هل المشكلة الحقيقية أو "اللعنة الأصلية" توجد في الحرس الوطني وإقليمه" أم في حكم المحاصصة الطائفية ودولة المكونات؟ بالتالي أين يكمن الحل أو بدايته، أ هو في رفض مشروع الحرس الوطني ليبقى الخطر العسكري والجيوسياسي قائما، أم في إنهاء حكم المحاصصة الطائفية ودولة المكونات من خلال المقترحات القابلة للنقاش التالية:

- تجميد العمل بالدستور.

- البدء الفوري بتعديل وإعادة كتابة هذا الدستور.

- تشكيل حكومة خبراء "تكنوقراط" لإدارة مرحلة انتقالية جنباً إلى جنب مع تشكيل مؤتمر وطني تأسيسي (أو مؤتمرات تأسيسية على مستوى المحافظات) يهدف لبناء دولة المواطنة والمساواة؟

 

كاتب عراقي

 

في المثقف اليوم