آراء

حين يهاجم فخري كريم نظام المحاصصة الطائفية!

alaa allamiكبير مستشاري الرئيس السابق جلال الطالباني، المدافع الشرس عن دولة المكونات ونظام حكم المحاصصة الطائفية والعرقية، ونديم السفراء الأجانب، فخري كريم، يهاجم سماسرة ودلالي الطائفية وهو الذي لم يُقرأ له سطر واحد أو موقف واحد ضد المحاصصة الطائفية ونظامها وأقطابها الذين عاش على فتات موائدهم طويلا! أليس في هذا شيء من العجب العجاب؟ بل وفيه بشرى للعراقيين المنتفضين ضد هذا النظام مفادها أن انتفاضتهم سائرة حتما نحو النصر الأكيد بدليل تنطع أخس رموزها وأكثرهم فسادا للتبرؤ منها علنا .. نعم، تبرأ فخري من الطائفية ولكنه تبرؤ متذاكٍ يحاول استغفال الناس بهدف الاحتفاظ بالجوهر العفن بعد تغليفه بقشرة رخوة من الإنشاء المعادي لمن سماهم سماسرة ودلالي الطائفية. إنه يهاجم سماسرة الطائفية وهو وسيده الطالباني من أشرس وأحط سماسرتها ورموزها وصناعها والمدافعين عنها، وفي الوقت ذاته يسكت سكوتا مطبقا عن نظام حكمها وبرلمانها ودستورها ورئاساتها وطريقة حكمها وتوزيع مناصبها ومغانمها والتي سمونها " الديموقراطية التوافقية / اقرأ لطفاً: الصفقاتية". هاكم فقرات من مقالة كتبها أخيرا تحت عنوان (يقظة الطوائف وبراءتها من دلّالي "المحاصصة الطائفية)

- (لم نتوقف عن توجيه اللعنات الى " المحاصصة الطائفية " منذ ٢٠٠٣، وهي خدعة دولية بامتياز، تعرّض لها شعبنا، وانطلت علينا حتى يومنا هذا، ترتب عليها بالدرجة الاساس التعريض بابناء الطائفة الشيعية، باعتبارهم " حكام البلاد وأصحاب الحول والصول" مما يجعلهم المسؤولين عن كل ما حل بالعراق من خراب ودمار وافلاسٍ وقتل على الهوية)

- (يا للشيعة المساكين المغلوب - السيد رئيس التحرير يقصد المغلوبين - على أمرهم.. " انهم يحكمون العراق " ويبددون اكثر من نصف ترليون دولار خلال عشر سنوات، بينما كل محافظاتهم ومدنهم واريافهم ترزح تحت أوضاع مزرية، شوارعها تسرح فيها المواشي، وبيوتها تتصدع، وأغلبية سكانها يعيشون في العشوائيات وبيوت الصفيح، وربع السكان تحت خط الفقر، والربع الآخر عاطلون - السيد رئيس التحرير يقصد عاطل فالصفة تتبع الموصوف إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا - يتسكع شبابهم في حواري المدينة تجنباً لموتٍ محقق بعبوة ناسفة او مفخخة ومتفجرة لم يستطع الجهاز الكاشف، الذي استورده متدين شيعي ووقع صفقته قائدٌ شيعي، الكشف عنها).

- (أما اهل السنة، "شركاء الشيعة في الحكم"، فليس لهم ما نتفحصه. المدن المبعثرة في المنطقة الغربية، وفي نينوى، أمست مرتعاً لداعش، واهلها شيوخاً ونساءً وصبياناً تفرقت بهم السبل بحثاً عن ملجأ آمنٍ في وطنٍ طاردٍ يُشكُ بهوية مواطنيه أياً كانت هويتهم الفرعية، فهم " مدانون" حتى "تتأكد جريمتهم"! خلافاً لأي قانون أو اعراف وقيم انسانية. يهربون من داعش، فتحوم حولهم شكوك الخلايا النائمة) فخري هنا يحاول تمرير فكرة ملغومة تفيد أن المجتمع العراقي بات مؤلفا من الشيعة والسنة العرب فقط! أين ذهب ما يسميه فخري وأمثاله "المكون القومي الثاني" أي الأكراد العراقيين في إقليم كردستان وعموم العراق؟

- (لقد اكتشفوا – العراقيون؟- ان ما قيل لهم انها محاصصة طائفية انما هي محاصصة بين أمراء الطوائف! وحتى وهم يخرجون بعزم لاستعادة ما اغتصب منهم، يواجهون انفسهم وهم يتحولون الى فريسة جديدة لخدعة قديمة :" تسقط المحاصصة الطائفية "ويتحول المشهد الى ملعبٍ سحري.انها يقظة ناقصة، واكتشافٌ للخديعة بعد فوات الاوان .لأن المحاصصة ستعيد ترتيب حضورها، مع تغيير الشعارات، لأنها ستتحول الى أحزاب، لكنها لن تتخلى عن مصدر عنفوانها ومحرقتها: العودة للعب على وتر ما يُراد له أن يضيع اذا ما تم اكتشاف الخدعة بالاسماء والمسميات، لانها باتت معروفة على ألْسِنَة الجياع المحرومين، الشيعة منهم قبل السنة).

انتهت الاقتباسات من مقالة فخري، والواضح أنه يهجو فيها من يسميهم " سماسرة ودلالي الطوائف" والمتدين الشيعي الذي (استورد الجهاز الكاشف ووقع صفقته!) ويقصد طبعاً غريمه نوري المالكي الذي طرده من "الفيلا" الرئاسية في المنطقة الخضراء، وجرده من بعض – وليس كل - الأملاك التي استولى عليها بسعر التراب، مثلما يقصد بعض ضباط المالكي الفاشلين ( وليس بينهم طبعاً رئيس أركان المالكي بابكر الزيباري ولا قائد القوة الجوية أنور حمه امين، مثلما لم ولن يجرؤ فخري على ذكر الزعامات الكردية كما ذكر الزعماء الشيعة وشركاءهم العرب السنة.والخلاصة، هي أن فخري يسكت هنا عن نظام ودستور وبرلمان وأحزاب المحاصصة، وفي سكوته دفاع صريح عن "خديعة" العملية السياسية الطائفية التي جاء بها أصدقاؤه المحتلون الذين يحرص على اجتماع دوريا بسفيرهم في بغداد، كطريقة لحكم العراق..أي أن المتذاكي فخري كريم يهاجم سماسرة ودلالي المحاصصة ويسكت عن نظام المحاصصة نفسه، بل هو يشكك حتى في رفع شعار إسقاط نظام المحاصصة صراحة على اعتباره خديعة جديدة لأن السماسرة سيعيدون ترتيب أوراقهم.

وعلى هذا، وبموجبه، فالخلاصة "الفخروية" هي: إن المحاصصة الطائفية العفيفة، الشريفة، النظيفة زورت أو حُرِّفت من قبل سماسرة وأمراء الطوائف، فيا مساكين الشيعة ومظلومي السنة لا تهتفوا بسقوطها، لا فائدة من الهتاف وخلّوها على الله!

ولكن الحقيقة تقول: أبشروا أيها العراقيون الأحرار، فجرذان وأفاعي سفينة المحاصصة الطائفية والعرقية يفرون منها، ويتبرأون من حمولتها المتعفنة،-ومثالهم الأخير فخري كريم - وها هي تغرق.. تغرق.. تغرق!

 

علاء اللامي

 

في المثقف اليوم