آراء

حكومة العبادي ستسلم العراق إلى صندوق النقد الدولي أشلاء ممزقة!

alaa allamiيبدو أن نذر الكارثة الاقتصادية والاجتماعية الوشيكة قد بدأت تتجسد عمليا فحكومة المحاصصة الطائفية بقيادة العبادي وتحالفه" الوطني" قررت الأخذ بالخيار التدميري وهو الاقتراض من صندوق النقد الدولي وهو الخيار المشروط بأربعة شروط كارثية تطرقنا إليها في مناسبة سابقة، فقد نقلت وكالات الأخبار اليوم أن (رئيس بعثة الصندوق إلى العراق كريستيان جوتش إن الجانبين - العراق والصندوق - اتفقا على برنامج مراقبة لخبراء الصندوق يهدف إلى كبح الانفاق وخفض العجز في ميزانية العراق الذي من المتوقع أن يقترب من 12 بالمئة من النشاط الاقتصادي العام القادم. وأضاف جوتش أن هذه الخطوة "ستسمح للسلطات العراقية ببناء سجل مسار من أجل اتفاق محتمل للتمويل مع الصندوق". والحصول على قرض من صندوق النقد الدولي/ وكالة شفق نيوز)

وهكذا تصر حكومة المنطقة الخضراء على رفض الخيار العقلاني والممكن الذي طرحته أوساط وطنية متخصصة في مقدمتها الخبير المالي والنفطي الأستاذ قاسم الأمير والقاضي بإتباع سياسة تخفيض تصدير وإنتاج النفط بالاتفاق مع الدول المستهدفة بسياسة الإغراق النفطي السعودية الأميركية وهي روسيا وإيران ودول أخرى متضررة منها دول أميركا اللاتينية وغيرها.

نذكر هنا بشروط صندوق النقد الدولي الأربع كما وردت على لسان النائب أحمد الجلبي في آخر لقاء تلفزيوني معه قبل موته :

- إلغاء البطاقة التموينية "الحصة الغذائية" التي يقتات عليها العراقيون ممن هم تحت خط الفقر.

- رفع الدعم عن كافة السلع وفي مقدمتها الطاقة والمحروقات.

- تسريح العمال والموظفين من الشركات والمشاريع ذات التمويل الذاتي التي لا تحقق أرباحا.

- تقليص جهاز الدولة الحكومي وتسريح مئات الآلاف من الموظفين بموجب خطة يضع تفاصيلها البنك الدولي وليس الحكومة العراقية.

أما النتيجة الفعلية لهذه الشروط والتي لم يقلها الجلبي و لا تحالفة" الوطني" الحاكم فهي وقوع العراق نهائيا في السلة الغربية الأميركية، واستعماره اقتصاديا بعد إغراقه بديون صندوق النقد الدولي، ما يعني احتلالا " ناعما" جديدا وأكثر عمقا وخطورة من الاحتلال العسكري الذي فشل في تحقيق أهدافه سابقا وبشكل جزئي ..

العراق الآن على حافة كارثة اقتصادية واجتماعية و تبعية اقتصادية وسياسية للغرب بزعامة الولايات المتحدة، ما سيجعله مثيلا للمحميات النفطية في الخليج ولكن مع دولة لصوص ونهابين وعصابات مسلحة تنازع شبه الدولة القائمة على كل شيء بما في ذلك أرواح العراقيين وغذاؤهم و ثرواتهم .. بل و وطنهم المعروض لاحتمالات مخيفة منها البيع الفعلي و التقسيم و التبعية ..

لا حل إلا بإنهاء حكم المحاصصة الطائفية وإعادة كتابة الدستور كمقدمة لبناء دولة المواطنة والمساواة على أنقاض دولة المكونات الطائفية والعرقية..

سبق أن قلنا وكررنا القول، إن الحل الجذري لكافة المشاكل والأزمات التي جاء بها نظام المحاصصة الطائفية والعرقية هو في إنهاء هذا النظام وقواعده الدستورية عبر إعادة كتابة الدستور. وأود التوضيح أن هذا الحل هو الاستراتيجية الوطنية الممكنة والناجعة، غير أن هناك حلولا على المستوى القريب لتفادي الكارثة الجديدة الوشيكة، يمكن التبشير بها والدفاع عنها في مواجهة رفض حكومة العبادي لها وقد تطرق الأستاذ فؤاد قاسم الأمير في دراسته الجديدة لهذا الحل الذي يؤدي إلى وقف تدهور أسعار النفط وتفادي السقوط في سلة قروض صندوق النقد الدولي القاتلة.

يتحجج النظام في العراق والسعودية ودول أخرى تابعة للغرب بأن سبب انخفاض النفط يكمن في زيادة انتاج النفط الصخري في العالم ومنه وفي المقدمة الولايات المتحدة، وهم يأخذون بسياسة إغراق السوق بالنفط العادي لزيادة العائدات، وهذا محض هراء يؤدي الى تفاقم المشكلة لنقرأ ما كتبه الأستاذ الأمير لأخذ فكرة عن الموضوع (إن النفط الصخري في الولايات المتحدة لم يستمر فقط وإنما ازداد إنتاجه في 2014 و2015 مع احتمالية وجود زيادة أخرى له في 2016، وقد تتوقف الزيادات في الإنتاج سنة 2017 باستمرار هبوط الأسعار الحاد. ولكن حالما تحدث زيادة في أسعار النفط إلى (70) دولار فما فوق، سيرجع النفط الصخري إلى السوق وبقوة خلال أسابيع لا تتجاوز الثلاثة شهور من ارتفاع الأسعار. لهذا لا يمكن القضاء عليه –كما يعتقد البعض–، إلا إذا قررت الدول المنتجة أن تحطم نفسها بنفسها وذلك بالاستمرار في إغراق السوق وتخفيض الأسعار لمدة طويلة حتى يحدث "التوازن بعد سنوات طويلة"… أي بعد أن تتهدم بنيتها الاقتصادية والاجتماعية!!، وهو ما يحدث الآن لبعض الدول ضعيفة الاقتصاد، ليس بإرادتها وإنما غصباً عنها، كما هو الحال في العراق، حيث لا يستطيع العمل لوحده لإزالة الفائض من الأسواق العالمية، الأمر الذي سيؤدي إلى عواقب اجتماعية وخيمة!!)

ويضيف الأمير في فصل بعنوان: "التخمة" هي السبب في انهيار الأسعار، ما العمل؟" فيكتب (توجد في الوقت الحاضر "تخمة" في الأسواق النفطية تزيد قليلاً عن أربعة مليون برميل يومياً. أي إن المعروض من النفط الخام في الأسواق العالمية، يزيد عن الطلب العالمي المقدر حالياً بحوالي (95) مليون برميلاً يومياً بكمية تصل إلى (4–4,250) مليون برميل لسنتي 2015 و2016. وتستمر هذه "التخمة" لتنخفض إلى ما يقارب (0,650) مليون برميل يومياً في 2020 لكي يبدأ التحسن في الأسعار.

ولكن هل ننتظر إلى ذلك الوقت كي تتحسن الأسعار، أم نضخ المزيد لكي نرفع من العوائد المالية، وبالتالي تزاد "التخمة" أو تستمر مدة أطول، وتنخفض الأسعار أكثر؟!.)

وفي مواجهة استراتيجية "الصبر والمزيد من الصبر" التي تنادي بها الكويت مثلا، ترفع فنزويلا استراتيجية المقاومة وعقد اجتماع طارئ لدول الأوبك لاتخاذ قرار بخفض تصدير النفط وقد قال رئيسها مادور (نعلن بدء معركة متواصلة من أجل تحسين أسعار النفط، ومن أجل تحالف جديد ضروري للاقتصاد العالمي والإنساني". لافتاً إلى أن "الوضع الحالي في أسعار النفط يضر بالاقتصاد العالمي واستثمارات العالم"، ودعا إلى فرض قيود على زيادة الإنتاج، وإلى عقد مؤتمر قمة لأوبك ومن غير الأعضاء أيضاً". كذلك أعلنت روسيا: "أنها مستعدة للنظر في تخفيض الإنتاج لحد تحسين الأسعار)، في حين رفض العراق إلى جانب السعودية اتخاذ أي قرار يؤدي إلى خفض انتاج وتصدير النفط ويضيف الأمير (أما بالنسبة للعراق فإنني كنت قد حذرت وبشدة في 2012 من التوسع في الإنتاج إلى ما استهدفته دورة التراخيص بالوصول إلى إمكانية إنتاجية تصل إلى (13) مليون برميل يومياً. مؤكداً إن محاولة الوصول إلى طاقة إنتاجية مساوية للسعودية، أو محاولة الحلول محلها، سيؤدي إلى إغراق السوق بواسطة العراق لوحده، أو بالتنافس مع السعودية وتكون النتيجة تخفيض هائل في أسعار النفط"..." لذا طلبت تخفيض الخطط الإنتاجية، للحفاظ على أسعار النفط، والأهم تقليل الاستثمارات في هذا القطاع، إذ باستمرار زيادتها سيتعرض العراق إلى ديون كبيرة، وطاقة فائضة تعادل (6) ملايين برميل يومياً. وطلبت أيضاً العمل على تعديل الفقرة (12) من العقود النفطية تجنباً لدفع حوافز عن دفع مبالغ لنفط سوف لا يمكن تصديره.) المعادلة التي يشرحها الأمير واضحة وسهلة وهي ( إذا زاد الانتاج لتعويض النقص في العائدات فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة العرض النفطي على الطلب ما يؤدي الى تفاقم انخفاض النفط ويذهب الفرق المالي المنتظر من زيادة التصدير هباء، والحل هو في خفض الانتاج لرفع الأسعار تدريجيا .. ويوضح فكرته فيقول ( إن ارتفاع سعر النفط العراقي إلى (70) دولار للبرميل –مثلاً–، يعني زيادة العوائد المالية النفطية بنسبة (75%). أما لو زاد السعر إلى (80) دولاراً للبرميل، فهذا يعني زيادة العوائد المالية النفطية (100%). لهذا نرى أن تقليل إنتاج العراق (مع دول أوبك والدول المصدرة الأخرى)، بنسبة (10–15%)، يزيد في العائدات المالية بحوالي (75–100%)، والذي يعني أن تخفيض الإنتاج لن يكون مضراً وإنما أمراً مفيداً جداً."..." ونطرح الآن السؤال الافتراضي التالي: ماذا لو قررت الدول المذكورة أعلاه، (ما عدا السعودية)، رفضها أن تبيع نفطها (مجتمعة) بأقل من سعر (70) دولاراً للبرميل –مثلاً–؟!، ماذا سيحدث؟! لقد لاحظنا أن الخزين العالمي الاستراتيجي والتجاري وما موجود في الناقلات النفطية لا يكفي الاستهلاك العالمي إلا لمدة شهرين أو ثلاثة في أقصى الاحتمالات. إن الدول الصناعية وغيرها قد تقاوم شراء النفط بسعر (70) دولار، وتلجأ إلى الفائض في السوق النفطي. ولكن قسماً من الفائض هو لدى الدول أعلاه التي ترفض أن تبيع بأقل من (70) دولار. قد تستطيع السعودية أن تزيد مليون برميلاً يومياً. أما النفط الصخري فلن يقدر أن يزيد الإنتاج إلا إذا ارتفعت الأسعار. لذا سوف تستطيع الدول المستهلكة الكبرى المقاومة للشراء ولفترة قصيرة جداً لا تتجاوز الشهر، وفي هذا الأثناء يدخل المضاربون على خط الشراء و ترتفع الأسعار تدريجياً، وخلال أسابيع قليلة يرتفع السعر إلى (70) دولاراً للبرميل.

إن هذا الطرح ليس "مقامرة" او من باب التمنيات، إذ إن من المؤكد أن تضطر الدول المستهلكة للشراء بسعر (70) دولار للبرميل، وهو سعر منخفض أصلاً، لاسيما ونحن مقبلين على فصل الشتاء حيث يزيد الاستهلاك النفطي.) ويخلص الأمير إلى أن المطلوب من العراق (هو العمل على زيادة سعر النفط، وليس التوسع في البيع بسعر منخفض جداً. والظرف الحالي يعتبر مناسباً لكي يقوم بذلك. لاسيما وإن دول أوبك (فنزويلا وإيران والجزائر ونيجيريا) كانت قد قدمت مثل هذا المقترح في العام الماضي ورفضته السعودية بحجة النفط الصخري. أما اليوم فإن روسيا وفنزويلا في مقدمة الدول الساعية لتعديل الأسعار، وكما إن فترة الأسعار المنخفضة قد طالت، وستطول لسنوات أخرى، لهذا سيكون هناك تلاحم كبير بين دول أوبك (مع شكوك حول موقف السعودية) وروسيا لتعديل الأسعار.) ويختم الباحث كلامه بضرورة أن تقتنع الحكومة و منها وزير النفط ( بإمكانية الوصول إلى نتائج إيجابية في تحسين الأسعار.) وإقناع الحكومات الأخرى بذلك وباتجاه أن يكون (الضغط يجب أن يسير باتجاه اجتماع لدول أوبك، بحضور روسيا، وعلى مستوى القمة لرفع هذه الغمة. وإن سعي العراق الجاد يجب أن يتم الآن وبصورة مستمرة إلى أن يتحقق نجاح المهمة، وأن يعيد دوره عند تأسيس منظمة أوبك في بغداد قبل (55) سنة. وعلى العراق أن لا يتخوف من تقليل إنتاجه (بمعية الدول المصدرة الأخرى)، لأن العوائد المالية ستتجاوز دائماً، وبصورة أكيدة لا تقبل الشك، ما يستلمه العراق الآن من عوائد مالية، على الرغم من تخفيض إنتاجه. وقد يستطيع العراق إقناع الدول المصدرة الأخرى أن تكون نسبة تخفيضه أقل من الآخرين، لظروفه القاسية الحالية، في مواجهة داعش والإرهاب العالمي).

 

علاء اللامي

....................

ملاحظة : لم أوثق المقتبسات بأرقام الصفحات لأن نسخة دراسة الأستاذ الأمير التي أرسلها مشكورا إليَّ هي نسخة إلكترونية تتغير أرقام صفحاتها بتغير نوع وأحجام الحروف.

 

في المثقف اليوم