آراء

التطهير الطائفي ضد العرب السنة

alaa allamiالكلام التالي، والذي صرح به النائب وعضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب محمد الكربولي، وما نقله عن هذه اللجنة التي قال إنها زارت محافظة بابل مؤخرا هو كلام خطير ومحزن عن ممارسات إجرامية مدانة . قال الكربولي (إن أبناء المكون السني في بابل تعرضوا خلال السنتين الماضيتين، لعملية تطهير طائفي تتمثل بالقتل والخطف والاعتقال التعسفي والتعذيب لا تقل بشاعة وإجراماً عما حدث في محافظة ديالى وإن الآلاف من أبناء ذلك المكون في المحافظة، قتلوا أو اختطفوا حيث، تم خطف 700 شخص من عشيرة الجنابيين فقط، ما يزال مصيرهم مجهولاً). وأضاف عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية (أن وفداً من لجنة الأمن والدفاع النيابية زار بابل وتأكد من وجود انتهاكات مؤلمة يندى لها جبين الإنسانية...).

صحيح أن كلام الكربولي الذي أدلى به للصحافة العراقية اليوم يخلو من الوقائع والأدلة والمعطيات الموثقة، وأنه يتكلم عن أحداث وقعت أو بدأت بالحدوث منذ عامين دون أن يبادر هو او غيره إلى طرحها في العلن، ولكنه يبقى كلاما خطيرا يصدر عن مسؤول تشريعي وعضو في لجنة برلمانية متخصصة بالشأن الأمني، ولهذا ينبغي أن توضع النقاط على الحروف وتنشر هذه اللجنة تقريرها الكامل عن الوضع الذي رصدته وسجلته في زيارتها إلى بابل وتنشر الوقائع الموثقة والأرقام والأسماء على الرأي العراقي العام، كما تنبغي إدانة هذه الممارسات الإجرامية وملاحقة مرتكبيها أيا كانوا ...

كما أن مراهنة البعض - من اتحاد القوى بزعامة آل النجيفي خصوصا - على التدويل والاستقواء بالغرب وأميركا صانعة المأساة العراقية من الألف إلى الياء، مغامرة بلهاء لا تقل خطورة عما يقترفه المسلحون الطائفيون بحق أبناء العراق، وبحق العراق الذي يريد أمراء الحروب والطوائف تدميره وتقسيمه .. إن الساكت عن قول الحق اليوم مجرم وشيطان وشريك في تدمير العراق وتقسيمه غدا!

في وهذا الصدد ينبغي أن يسجل المراقب المنصف إن التطهير الطائفي ضد العرب السنة، الذي تتهم بالقيام به مجموعات ومليشيات مسلحة شيعية، هو الوجه الثاني لعملة التطهير الطائفي ضد الشيعة العرب والشبك والتركمان الذي قام به مسلحو القاعدة ومن ثم داعش في الأنبار ونينوى وصلاح الدين..

- إنه الوجه نفسه للتطهير العرقي الذي تقوم به البيشمركة - البارزانية خصوصا- ضد العرب العراقيين في محافظات كركوك ونينوى وديالى وغيرهما...

- إنه الوجه نفسه للتطهير العرقي الذي قام به نظام صدام حسين ضد الأكراد خلال عمليات الأنفال والقصف الكيمياوي لحلبجة...

كل هؤلاء وضعوا، ويضعون الأساس المادي والعسكري والنفسي لتقسيم العراق وقيام دويلات الطوائف على بقايا العراق الألفي ...

كل هؤلاء ينفذون الصفحة الثانية من مشروع الاحتلال الأميركي المنكفئ عسكريا والمتقدم سياسيا واقتصاديا وثقافيا ...

- كل من يدافع عن العملية السياسية الطائفية ونظام المحاصصة اللصوصي بعد اليوم يساهم عمليا - بقصد أو بدونه - في تقسيم وتدمير العراق، ويلتحق - بوعي أو بدونه - بدائرة التطهير الطائفي والعرقي ضد العراقيين...

ولكن إلى أي مدى تتحمل الأحزاب الإسلامية الشيعية في العراق، ومعها رجال الدين الشيعة، المسؤولية عما حدث ويحدث في العراق منذ 2003 وحتى اليوم من تجاوزات إجرامية من بينها المجازر الجماعية والتطهير العرقي والطائفي، هل هي وحيدة في تحمل هذه المسؤولية؟

شخصيا،أعتقد أن الإسلاميين الشيعة يتحملون المسؤولية الأولى والأكبر والأخطر ولكني لا أعتقد أنهم الوحيدون في تحمل المسؤولية. فمعهم تتحمل المسؤولية - وبدرجات مختلفة الشدة والعمق - الزعامات الكردية والعربية السنية. غير أن مسؤولية الطرف الأول – الإسلامي الشيعي - لا تتصل بالماضي والحاضر فقط بل هي تتقدم لتشمل ما سيحدث مستقبلا وذلك بسبب إصرارها وعنادها على الاستمرار في هذه اللعبة الخطرة (لعبة المحاصصة الطائفية ودستورها الملغوم)، خصوصا بعد أن تواشجت العروق، وامتدت الجذور بين هذه الزعامات والشبكات المعقدة والهائلة من المنتفعين واللصوص وذوي الامتيازات، وهؤلاء جميعا لن يتخلوا عن مكاسبهم وامتيازاتهم وسرقاتهم بسهولة حتى لو أدى عنادهم هذا إلى تدمير العراق وتقسيمه...

ومع هذه الجوقة من القوى المدمرة، ينبغي أن نضيف إلى القائمة السوداء أسماء القوى والمنظمات والشخصيات العلمانية أو "المدنية" الهامشية واقعاً، لأنها تروج ليلا ونهارا لأوهام وأكاذيب رخيصة عن إمكانية حل الأزمة الوطنية الشاملة والخراب العام من داخل العملية السياسية الطائفية وبالاعتماد على القيادات والزعامات المتشاركة في قتل العراق والعراقيين...

إن الأحزاب الإسلامية الشيعية تتحمل المسؤولية الأولى والأكبر عما حدث ويحدث ومعها تلك القوى التي ذكرتها- إضافة طبعا إلى سيدة اللعبة الولايات المتحدة الأميركية، وعلى من يريد انقاذ العراق من مخالبها وأنيابها أن لا يعول ويراهن على أية "حزمة عتيقة! " للإصلاحات أو أي بلطيقات وصفقات من داخل المحاصصة الطائفية، ومَن يراهن ويروج لحلول كهذه إنما يشارك في الجريمة، جريمة القضاء على العراق وشعبه!

 

علاء اللامي

كاتب عراقي

في المثقف اليوم