آراء

لجنة الصدر ومجموعة المستشارين: طبيب يداوي الناس؟!

alaa allamiمعلوم أن السيد مقتدى الصدر كان قد  اشترط في مشروعه السياسي للإصلاح ( مشروع الصدر) ألا يكون أعضاء حكومة التكنوقراط التي يعتزم العبادي تشكيلها من مزدوجي الجنسية، وأنا معه في شرطه هذا تماما، كمواطن طرح شرطاً أو اقتراحاً، رغم أنني ضد أي تدخل لرجال الدين أيا كانوا في الشأن السياسي العام وخصوصا في العراق الذي يعاني من إفرازات كارثة حكم زاعمي تمثيل الطوائف الدينية والعرقيات – بالمناسبة: ما رأيكم بمن يعتبر رجال الدين من التكنوقراط؟ -  ولكني لست مع المعادين بالمطلق وعمياوي للذين يحملون جنسية أخرى مع جنسيتهم العراقية، كيف ذلك؟

أولا: تأكد بالملموس والأدلة الثابتة والموثقة أن الجنسية الأجنبية – الأميركية والبريطانية خصوصا - تحولت الى حماية ثابتة وفعالة للفاسدين واللصوص من وزراء ومسؤولي حكم المحاصصة حيث هَرب أو هُرِّبَ عدد كبير منهم وبتدخل مباشرة أحيانا من جنود المارينز حتى بعد صدور أحكام قضائية ضدهم ومنهم مثلا الوزراء أيهم السامرائي وفلاح السوداني وحازم الشعلان...الخ، وعلى هذا ينبغي أن يُشترط على مزدوجي الجنسية المتقدمين إلى شغل وظيفة في الدولة لعراقية من مستوى مدير عادي -  وليس مدير عام -  فما فوق وبمجرد صدور الأمر بتعينهم وقبل بمباشرتهم العمل التخلي علنا عن أية جنسية أخرى غير عراقية.

وثانيا: لماذا لستُ مع المعادين بالمطلق لمزدوجي الجنسية؟ لأننا  نحن نعيش منذ أكثر من  عقدين من السنوات  في ظاهرة عالمية جديدة في التاريخ البشري حتى أطلق بعض العلماء على عصرنا "عصر الهجرات والمهاجرين" وولدت فيه ومعه ظاهرة "المواطن العالمي" وأصبح الحصول على جنسية أخرى قرب إلى الشرط الحياتي منه إلى الخيار الترفيهي أو السياحي. وفي ما يتعلق بنا نحن العراقيين، الذي هُجِّرنا أو هاجرنا مضطرين من بلادنا منذ ثلاثة عقود وأكثر، كنا نعيش بلا أوراق ثبوتية أو جوازات سفر فقد كانت زيارة الجحيم أسهل من التفكير بزيارة السفارة العراقية في عهد نظام صدام حسين وعصابته، حين كان كلُّ شيء عراقي في العراق وخارجه ملكاً "طابو" للطغمة الحاكمة. وطوال ثلاثة عقود تشكلت أسر وولد أطفال عراقيون في المنافي وبلدان الغربة حصلوا بسبب ولادتهم هناك على جنسيات وأوراق ثبوتية من البلدان التي ولدوا فيها، وحصل آباؤهم على الجنسية أيضا بسبب السنوات التي عاشوها هناك ولحاجتهم إلى أوراق ثبوتية وجوازات سفر – وبالمناسبة فأغلب هؤلاء يعيشون اليوم بأسماء مستعارة وقد خلق ذلك لهم ولأولادهم مشاكل كثيرة وعويصة -  ومن حق هؤلاء أن يحتفظوا بالجنسية الأجنبية إلى جانب جنسيتهم، ولكنني ضد أن يتخلوا عن جنسيتهم العراقية إذا كان ذلك شرطا للحصول على الجنسية الأخرى فالتخلي عن الجنسية الأصلية يعادل التخلي عن الهوية الوطنية والجذور الحضارية والإنسانية للفرد. وبما أن  الجنسية الأجنبية -  كما قلت -  أصبحت وسيلة حماية فعالة وأكيدة لفساد والفاسدين من سرقة قوت الشعب وثرواته فأنا مع شرط الصدر في أن تكون أي حكومة عراقية مستقبلا من العراقيين فقط وعلى من يحمل غيرها أن يتخلى عنها قبل مباشرته مهام وظيفته.

ولكن لدي سؤال الى السيد مقتدى الذي أعطى لنفسه حق اقتراح أسماء أعضاء لجنة من الخبراء الذين يشرفون على تشكيل الحكومة ومجموعة أسماء كمستشارين ملزمين للعبادي: ترى هل أن الصدر متأكد من أن الأسماء التي طرحها خالية فعلا من مزدوجي الجنسية؟ وهل هم مستقلون فعلاً عن الحزبية والأحزاب كما اشترط، أم أنهم تابعون بشكل أو بآخر إلى أحد المحاور الحزبية الداخلية والإقليمية المسيطرة على الوضع في العراق؟ هذا السؤال ما سنحاول مناقشته في الأسطر التالية:

لقد اشترط مقتدى الصدر  ألا يكون وزراء التكنوقراط  من الحزبيين والحزبية ولكنه استثنى العبادي نفسه من هذا الشرط مخالفا بذلك مطالبة عمار الحكيم وحزبه أن يشمل التغيير الوزاري رئيس الوزراء القيادي في حزب الدعوة الإسلامية، والحكيم – والحق يقال-  أكثر انسجاما مع نفسه ومع جوهر المشروع في هذا المطلب، رغم أنه مشروع فاسد وفاشل جوهرا ولن يحيي عظام العملية السياسية الطائفية فهي رميم. وهنا، سأسمح لنفسي بأن اقتبس هذه الفقرات من منشور لصديقي  جعفر المزهر نشره  يوم أمس على صفحته على الفيسبوك ورد فيه  (مقتدى الصدر يطرح لجنة وينعتها بالحيادية لتختار وزراء تكنوقراط. اللجنة التي اختارها الصدر، هم:" القضاة: عبد القادر الحمداني وسامي المعموري وأسو صوفي، والأكاديميين: فارس كمال نظمي وفالح عبد الجبار وسلام سميسم، والسياسيين: سامي آل معجون وعبد الأمير علاوي وعامر حسن فياض، والموظفين المستقلين: سنان الشبيبي وغازي صخي وجبار لعيبي".واختار الصدر لجنة استشارية لهذه اللجنة - وجعل استشاراتها ملزمة!-  وهم:" غضنفر حمود وحسن الحميري وحيدر سعيد وأسعد الجنابي وعبد الرضا جواد ورياض الوزير وقاسم عناية". أيها الأحبة دققوا في اللجنتين فستجدنوهما - ما عدا القضاة الذين ليس لي عليهم أي مؤشرات انتماء حزبوي-  تتبع وتعتاش على ثلاثة أطراف. الطرف الأول هو: الطرف الكردي من خلال فخري كريم. الطرف الثاني هو: خميس الخنجر وامتداده القطري والأردني. الطرف الثالث هو: طرف أياد علاوي وتبعياته المتشعبة) أعتقد أن الصديق المزهر محق كثيرا في تساؤلاته هذه، وسأضيف بدوري إلى المحاور التي ذكرها المحور الإيراني كي تكون الصورة أكثر قربا من الواقع. ولكن، إذا كان الصدر قد تحالف مع إياد علاوي ومسعود بارزاني وغيرهما في فترة "تحالف أربيل"  فهل نستغرب منه أن يتحالف أو يُنزه ويرشح للجنة الخبراء والمستشارين من هم أسوأ من هذين الاسمين؟ 

طرح مقتدى الصدر في مشروعه "الإصلاحي" أسماء شخصيات إشكالية ولا يمكن اعتبار أغلبها من المستقلين والبعيدين عن الحزبية والتحزب أو الفساد:

- فالسيدة سلام سميسم هي من المقربين للتيار الصدري والبعض يقول أنها عضو فيه، إضافة إلى كونها شقيقة وزير السياحة الصدري السابق في حكومة المالكي لواء سميسم.

- وغازي صخي هو مدير إدارة المناهج في وزارة التربية وعضو فاعل في التيار الصدري ومثله قاسم عناية مدير دائرة الاستثمار في وزارة الكهرباء.

- أما جبار لعيبي فهو مدير شركة نفط الجنوب المعين من قبل بول بريمر ومتهم بقضايا فساد عديدة بل يعتبر المصدر الذي سأذكره بعد قليل (فاسد من الطراز الأول وهو يعيش الآن متمتعا بأملاكه وعقاراته في الإمارات ولا علاقة له بقضايا العراق من قريب أو بعيد) . المعلومات المعروفة عنه تقول إنه أعفي من قبل وزير النفط ثامر الغضبان في عهد حكومة علاوي الانتقالية التي شكلها الحاكم الأميركي بول بريمر،  وتتهمه جهات سياسية عراقية بأنه هو من اطلق الدعوة لتسليم استخراج وإنتاج النفط العراقي للشركات الأميركية وتنسب له مقولة على لسانه نصها  (أن استثمارات الشركات الأمريكية في نفط العراق هي أقل ما يقدمه الشعب العراقي مقابل الدماء الأمريكية التي سالت لتحرير العراق).

- وحسن الحميري هو من مرشحي التيار الصدري الخاسرين للانتخابات الأخيرة.

- - أما حيدر سعيد فيقول عنه المصدر إنه (يعمل مستشارا إعلاميا في مركز دراسات خميس الخنجر ذي المواقف والارتباطات القطرية والسعودية المعلنة)، ولكنني لا أستطيع تأكيد  أو نفي هذه المعلومة التي كررها أكثر من مصدر، ومن متابعتي الشخصية لبعض كتابات وإطلالات حيدر سعيد التلفزيونية  أعرف أنه أستاذ جامعي ومحلل سياسي رصين له تحفظات جدية على نظام المحاصصة الطائفية ولكن ضمن رؤية المطالبين بـ "إصلاح الجثة من داخلها"، وكان له دور ملحوظ يتناغم ودور جوقة  #شريف_روما، فخري كريم، المعادية لنوري المالكي خلال نزاعه مع البارزاني وعلاوي على الأسلاب والغنائم والمسروقات من المال العام بين الكتل، وعموما فنقدية حيدر سعيد لنظام العملية السياسية الأميركية – وخصوصا التي عبر عنها في كتاباته في الصحافة السعودية، لم تصل إلى درجة القطع مع هذا النظام ودستوره وأخيرا فهو ممن سلموا من الاتهامات بالفساد والارتشاء من الاحتلال أو النظام الطائفي الحاكم كبعض المثقفين العراقيين الذين اشتغلوا بمعية جنرال الاحتلال جاي غارنر ومجلسه الإعماري.

- وهنا نصل إلى اسم فالح عبد الجبار -  ضمن قائمة الصدر-  فهو أحد أولئك " المشتغلين"  في مجلس غارنر وهو أيضا الشخص الذي اتهم بسرقة أموال معهد للدراسات أسسه حزب البارزاني وأوكل له إدارته، وقد كتبت عن هذا الموضوع حين أثيرت تلك الفضيحة في الإعلام قبل سنوات قليلة.

- أما غضنفر حمود وأسعد الجنابي فهما من المرشحين الانتخابيين الخاسرين عن تيار " الشراكة الوطني" في انتخابات سنة 2014 .

-  والشيخ سامي عزارة آل معجون هو وزير عدل سابق  ومعين من قبل بول بريمر وهو رجل طاعن في السن تجاوز التسعين.

 فعن أية استقلالية وبعد عن التحزب والحزبية يدور الكلام؟ ألا ينطبق على هؤلاء قول الشاعر: طبيب يداوي الناس وهو عليل.

المعلومات أعلاه وردت في رسالة مفتوحة وجهها مواطن وصحافي عراقي يدعى هاني طعمة الكرادي يصف نفسه بأنه من " اتباع ومقلدي الشهيد محمد الصدر" ،الى مقتدى الصدر على ذمة الموقع الذي نشرها وهو بالمناسبة من المواقع المدافعة عن العملية السياسية الأميركية.

 

 رابط الرسالة  المفتوحة الموجهة من الصحافي هاني طعمة الكرادي الى مقتدى الصدر:

http://www.almesalah.com/print.php?id=70059

 

علاء للامي 

 

في المثقف اليوم