آراء

هل من أفق لحل معضلة الفساد في العراق؟

mudar alhilwبعد نشر مقال (جذور الفساد في العراق) طالب بعض القراء الاعزاء بطرح علاج لظاهرة الفساد المستشري في بنية ال دولة العراقية. في تصوري أن المشكلة لم تكن في ندرة الدراسات التي تهتم بوضع الحلول لهذه الظاهرة المدمرة للبلد إذ لم يكن ماكتب عن الاصلاح قليلا حيث تكفي مراجعة سريعة في شبكة الإنترنت أو مواقع التواصل الإجتماعي لنكتشف الكم الهائل من الدراسات العلمية التخصصية الجادة التي كتبها خبراء متخصصون اكفاء في هذا الصدد؛ وانما المشكلة تكمن في أن الطبقة السياسية الجاثمة على صدور العراقيين كالكتل الكونكريتية الجاثمة على صدر الحبيبة بغداد غير جادة بل لم يكن من مصلحتها اي محاولة حقيقية لإيقاف عجلة الفساد في البلاد حيث أن انهاء الفساد يعني المجازفة بإنهاء سلطتهم ونفوذهم وهو ما لن يقدموا عليه، ولا أدل على ذلك من عودتهم الان وبلا حياء إلى المحاصصة الحزبية فضلا عن الطائفية في التشكيلة الوزارية المرتقبة بعد أن شعروا بالتهديد جراء محاصرة المنطقة الخضراء من قبل المعتصمين  .وهنا لابد من الاشارة الى عدة نقاط:

* مشروع الاصلاح لايعدو كونه اما خارجي او داخلي محلي أما الخارجي فمن غير المجدي التعويل عليه إذ أن أي محاولة للإصلاح من الخارج ستكون بوصلتها موجهة باتجاه مصالح اصحابها التي ربما تتقاطع مع مصلحة العراقيين. فاذن لابد أن يكون الحل من داخل البيت العراقي.

 

 * كيف يمكن علاج الفساد والحال ان الطبقة السياسية الحاكمة لاتريد أن تعتقد أنها هي المحرك الرئيسي لماكنة الفساد في العراق، ألم يصرح أحدهم قبل أيام أن مشروع الاصلاح ماهو الا مؤامرة ضد الإسلاميين لابعادهم عن الحكم؟! فعن اي إصلاح تتحدثون؟ لو كان المتصدون لحكم العراق جادين في القضاء على الفساد والنهوض بالبلد لكانت أولى الخطوات التي سيتخذونها بهذا الصدد هي استدعاء الكفاءات العراقية كافة في داخل البلاد وخارجها خصوصا وهي كفاءات مشهود لها بالابداع في تخصصاتها المختلفة؛ ولكن الذي حصل خلاف ذلك تماما فقد تم طرد أي كفاءة مستقلة حاولت العودة  إلى العراق من أجل المساهمة في بنائه والشواهد على ذلك كثيرة جدا. وقد سمعتم مؤخرا أحد قادة العملية السياسية حين صرح علنا في خطاب له أن لا مكان للكفاءة المستقلة في إدارة البلد. إذ أصبحنا ولأول مرة في التاريخ أمام تعريف جديد للتخصص والكفاءة إذ هي حصرا التي تنتمي لأحد الأحزاب الحاكمة أما غيرهم فإلى الجحيم!!!.

* كيف يمكن علاج الفساد والحاكمون هانؤون وفي مأمن من مطالبة الناس بحقوقهم بل أصبحوا لايهابون غضبة الشعب ولايحسبون له حساب. فأي استهتار بالشعب أكثر من أن بعضهم يتهم بالفساد من قبل جهات دولية مسؤولة ولم يرف له جفن، كفضائح صفقات النفط مؤخرا، وكذلك فيما اصبح يطلق عليه وثائق بنما؟ والحال ان تهمة واحدة اقل من هذه التهم لو كانت في بلد اخر تحترم حكومته شعبها لكانت كفيلة باسقاط الحكومة أو على الأقل استقالة المسؤول الفاسد ومقاضاته اما في العراق فلم يتخذ بحقه اي اجراء ولم يعرض على القضاء ليتبين صحة الإتهام من عدمه؛ لا أدري أين هو المدعي العام من كل مايحصل، وماهو دوره في القضاء العراقي؟ أليس من واجبه متابعة أمثال هذه القضايا التي تتعلق بالحق العام؟.

 متى ما وعى العراقيون حقوقهم، وانبروا بانفسهم للمطالبة بها، وتحملوا مسؤولياتهم كاملة آنذاك لايمكن للفاسد أن يبقى ولايمكن للفساد أن يستمر، اذ كيف يمكن معالجة الفساد والشارع غالبيته العظمى غائبة مستكينة راضية عما هي عليه من حرمان وانعدام الخدمات ومصادرة لابسط حقوقها .وان تحركت الغالبية فلاتحركها سوى عواطف ساذجة فبكلمة تثور وتغضب وبكلمة تهدء وتستكين. متى ما اعتقد ابناء الشعب العراقي بكل شرائحهم انهم وحدهم من يمتلك مفاتيح الحل عندئذ سنشهد افاق الاصلاح ونستبشر بولادة عراق جديد خال من الفساد.

* عن اي علاج نبحث والحال ان أهم واخطر مؤسسات الدولة الاقتصادية والخدمية والامنية والتي يتوقف عليها قوت المواطن وأمنه وحياته يديرها اشخاص غير كفوئين من فاشلين او اميين وفاسدين خصوصا بعد أن صار شرط الكفاءة هو الانتماء لهذا الحزب الحاكم أو ذاك كما مر تصريح أحدهم!!!.

ما يحز في نفوس الخيرين الشرفاء من ابناء الشعب العراقي ان الطبقة السياسية الحاكمة ونتيجة لكثرة فسادهم جعلوا الفارق يتقلص بين نظام البعث المقبور وبين العراق الجديد الذي استبشرنا به خيرا.

ختاما لا أرى شخصيا اي أفق لحل معظلة الفساد في العراق مع بقاء أبناء الشعب العراقي في غياب تام  عن أداء دورهم وتحمل مسؤولياتهم ليرفعوا ايديهم بوجه الفساد والفاسدين، ومن جانب اخر بقاء المستفيدين من الفساد على سدة الحكم وهم يتندرون على المواطن المسكين بنكتة سمجة اسمها المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد .

 

مضر الحلو

 

في المثقف اليوم