آراء

ياسين الرزوق: خارطة الأسد ما بين النظام الشيوعيّ ونظام ولاية الفقيه

yasin alrazukالمعارضة في الشرق الأوسط مفهومٌ خنقته الشورى ولم تسمح الخلافة لجنينه أن يكتمل َ وما زال الدينُ يجتثُّه من العقول والنفوس ويدرِّبُها على التبعيَّة المطلقة لله ولوليِّ الأمر بينما سمَّى الكثيرون الاحتلال العثمانيَّ فتحاً كانت معاقل المعارضة تضيق وتضيق ومعانيها تكادُ تختفي حتَّى أنَّ الانتدابَ الفرنسيَّ بعد أن تقاسموا المنطقة وخُلِق مسمَّى الوطن العربيِّ بخارطة سايكس بيكو التي رسَّخت التفكك والتشرذم والتبعيَّة على كلِّ الأصعدة جعلَ من الكتل الوطنيَّة والمعارضة اليساريَّة العلمانيّة طريقاً إلى ضرب العمق الداخليِّ .

أحفادُ معاوية كما سمَّوا أنفسهم وقَّعوا على وثيقة ضياع القدس منذ أوسلو وما زالت جبهة فتح منذ عام 1993 تتخبَّطُ في خلافات الأمة التي وُصِمتْ بالعربية فمن يذبح المقاومة هو من يغلق معابر النجاة من مكة إلى رفح السُنيَّتان بينما من يُسوِّقون ضدَّه بأنَّه النظام الأسديّ المجوسيّ النصيريّ يعرفون أنّه كان ومازال السند الحقيقي والداعم لولادة مقاومة سياسية واقتصادية وثقافية وعسكرية للاحتلال الصهيونيّ ولكلِّ مشاريع تفتيت المنطقة وهو من دعم حماس التي غدا قادتها خنجراً مسموماً في ظهره سخرَّه الأخوان المسلمون الشيطانيون لضرب الوطن السوريّ الصامد .

فمنذ خلق تنظيم الأخوان المسلمين على أيدي حسن البنا والسيد قطب ومصطفى السباعي وحتَّى اكتمال عقد الوهابيين المتأسلمين الجدد ب سلمان بن عبد العزيز المتأسلمين الذين جرُّوا الإسلام إلى حيث ضاقت به أنفس الساعين إليه بعد أن غدا مرتبطاً بالإقصاء الدمويّ والعنف وأسر الحريَّات واستغلال الإنسان

و منذ قادت السعودية في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي رقص مع جورج بوش الابن الأهوج العنصريّ رقصة السيوف وكان يتاجر بفلسطين الورقة الأكثر ربحاً في مزادات الأنظمة العربية مبادرة السلام العربية التي قال عنها الرئيس السوريّ بشار حافظ الأسد أنَّها وُلِدت ميِّتة كانت تصيب السلام العادل والشامل في المقتل وتعزِّز الاستيطان وتتجاوز أوسلو إلى مراتع الهزيمة والاستسلام الذي بات من بديهيات الأنظمة العربية التي دعمت عدوان تموز عام 2006 يوم كان الرئيس الأسد يغرِّد خارج السرب ويُتَّهم بدعم إيران الصفويَّة الشيعية بل بتبعيته لها حينها أدخل حزبُ الله جدل الانتصار من عدمه إلى قاعات الدبلوماسية اللبنانية ما بين 8 آذار و14 آذار ولكنَّه وبكلِّ الأحوال أجبر الصهاينة على قرار أممي برقم 1701 أبقى مزارع شبعا موضع جدل لدى أذناب الصهاينة الذين يجعجعون ويدعون إلى ترسيم الحدود قبل التحرير وما هم إلا بيادق تتهاوى بأيدي ملك المال وناطور النفط والغاز وسارقهما وخادم الحرمين الشريفين الغادر .

في سورية كانت الديمقراطية في مخاضٍ صعب وبتنا نخشى على جنينها من الموت وعليها من الاندثار ولكنَّنا كنَّا نريد جنيناً لا يقتلع قلب سورية وكبدها كي يتشَّفى بأكلهما فسورية بلدٌ فيه من الديكتاتوريَّة السياسية ما يحفظ تعايش أبنائها فكيف نرضى بديمقراطيَّة ترسِّخ الديكتاتوريَّة الدينية بحجة الأكثريَّة وتفرط عقد التعايش بدل أن يكون العيش الطبيعي لكلِّ الطوائف والمذاهب والعشائر والأعراق والإثنيات التي يجب أن تذوب بالوطن والمواطنة من بديهيات المواطن السوريّ.

سقط القناع وانهارت قلاع الديمقراطية التي قام من تحت ركامها وحشٌ بغيض يمسك سيف العرعور ويقطع رأس كربلاء وما زال يبحث في قصر الشعب عن القلوب والأكباد ولكنَّ الأسد الابن أدرك ما يُحاكُ ضدَّ سورية فقرَّر أن يجمع ما بين القيصر بوتين والخامنئي مابين الشيوعية والشيعية ما بين الأنظمة الجمهورية ونظام ولاية الفقيه ليوصل إلى العالم رسالة مفادها أنَّ ما تحت رماد الخنوع المؤدلج لهيب الثورات الحقيقية الجامعة وأنَّ وجه سورية سيبقى أبيضاً ما دامت تملك أسرار البقاء ومفاتيح التمدَّن والحداثة والحرية والكرامة والديمقراطية والتغيير ومقوِّمات العيش الحقيقي

ألا فلتسمعوا يا أعراب نداء الشاعر السوريّ (ياسين الرزوق _ زيوس ):

عصبة الحكَّام موتوا ..... يستوي فيكم فناءُ

ثم قوموا من رقادٍ ..... كلَّما صاح الشقاءُ

تحت نعلي يا ملوكاً ..... أنتم القتلى سواءُ !!

تحت نعلي يا عبيداً .... قد بدا الآن البلاءُ

 

بقلم الكاتب السوري المهندس: ياسين الرزوق

 

في المثقف اليوم